إذا شعرت يومًا أن الإنترنت لم يعد ذلك المكان الحيوي الذي كان عليه في السابق، فأنت لست وحدك، تشير أحدث الدراسات إلى أن معظم حركة الإنترنت لم تعد بشرية على الإطلاق.
البوتات أو الروبوتات – تلك البرامج الآلية التي تتفاعل مع المواقع الإلكترونية – أصبحت الآن تهيمن على الشبكة العنكبوتية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التفاعل الرقمي.
في هذه المقالة، نستعرض كيف أصبحت الروبوتات نصف مستخدمي الإنترنت، ولماذا يجب أن نهتم جميعًا بهذا التحول المقلق.
الروبوتات: من الأدوات البسيطة إلى السيطرة الرقمية
وفقًا لتقرير “البوتات السيئة 2025” الصادر عن شركة Imperva للأمن السيبراني، فقد تجاوزت حركة البوتات لأول مرة حركة البشر على الإنترنت.
هذا التحول ليس مجرد إحصائية عابرة، بل نتيجة مباشرة لتطور الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) هذه التقنية، التي تستطيع كتابة رسائل بريد إلكتروني أو التفاعل عبر الإنترنت نيابة عنك، جعلت إنشاء البوتات أسهل وأكثر كفاءة من أي وقت مضى.
البوتات ليست جديدة، لكنها الآن أكثر ذكاءً وانتشارًا، بعضها يُستخدم لأغراض مشروعة مثل تحسين تجربة العملاء أو جمع البيانات، لكن الكثير منها – المعروف باسم البوتات السيئة – يُشكل خطرًا حقيقيًا على الأفراد والشركات على حد سواء.
ارتفاع البوتات السيئة: تهديد متصاعد
تشير بيانات Imperva إلى أن البوتات السيئة – تلك التي تُنشأ بقصد خبيث – شكلت 37% من حركة الإنترنت في عام 2024، مقارنة بـ 32% في العام السابق.
في المقابل، لم تُشكل البوتات الجيدة سوى 14% من الحركة، هذه الأرقام تُظهر بوضوح أن الجانب المظلم من البوتات يتفوق بشكل متزايد.
ما الذي تفعله البوتات السيئة؟
- سرقة الحسابات: تُستخدم تقنية Credential Stuffing حيث تأخذ البوتات بيانات تسجيل دخول مسروقة وتجربها عبر العديد من الخدمات، مستغلة إعادة استخدام كلمات المرور. في ديسمبر 2024، سُجلت حوالي 330,000 محاولة اختراق لحسابات، مقارنة بـ 190,000 في ديسمبر 2023.
- سرقة البيانات: تقوم البوتات بجمع البيانات من المواقع بشكل غير قانوني، مما يُهدد الملكية الفكرية للشركات والخصوصية الشخصية للأفراد.
- الاحتيال في الدفع: تُستغل الثغرات في أنظمة الدفع لتنفيذ عمليات احتيال مالي.
- البوتات المضاربة: تشتري هذه البوتات تذاكر الحفلات أو المنتجات المحدودة مثل الأحذية الرياضية لإعادة بيعها بأسعار مرتفعة، مما يحرم المستهلكين من الفرص العادلة.
القطاعات الأكثر استهدافًا بالزيارات الآلية
في عام 2024، كانت صناعة السفر الأكثر تأثرًا بنسبة 27% من حركة البوتات السيئة، تليها التجزئة بنسبة 15%، ثم التعليم بنسبة 11%.
هذه القطاعات تُعاني من هجمات تُعطل عملياتها وتُكلفها ملايين الدولارات سنويًا.
مواقع الويب الخاصة بالبث وكذلك الأخبار تتعرض لمثل هذه الهجمات والظواهر المفتعلة من قبل مجموعات لأغراض الإنتقام أو حتى التخريب.
أيضا يتم استخدام البوتات من أجل التلاعب بالأرقام الخاصة بحجم المشاهدات والقراءات والزيارات وبالتالي التلاعب بالمعلنين.
البوتات الخفية: كيف تتسلل دون أن تُكتشف؟
البوتات لم تعد مجرد برامج بسيطة تُقلد تصرفات البشر. بفضل الذكاء الاصطناعي، أصبحت أكثر دهاءً في تجنب الكشف:
- تزييف الهوية: تستخدم البوتات عناوين IP سكنية وشبكات VPN لإخفاء مصدرها.
- تخطي CAPTCHA: أصبحت البوتات قادرة على حل الاختبارات التي تُميز البشر عن الآلات بسهولة.
- التفاعل عبر APIs: بدلاً من تصفح المواقع مثل البشر، تتفاعل البوتات مباشرة مع خوادم التطبيقات باستخدام واجهات برمجة التطبيقات (APIs)، مما يجعلها أقل وضوحًا.
هذه التطورات تجعل من الصعب على الشركات اكتشاف البوتات السيئة، مما يزيد من تعقيد الدفاع ضدها.
ماذا يعني هذا لك؟ الإنترنت لم يعد ملكك!
مع سيطرة الروبوتات على الإنترنت، أصبحت تجربتك الرقمية تحت التهديد. سواء كنت تحجز تذكرة طيران، تتسوق عبر الإنترنت، أو حتى تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، فإن البوتات تُشكل خطرًا على أمنك وخصوصيتك.
الأسوأ من ذلك، أن هذه البرامج تجعل الإنترنت مكانًا أقل عدالة، حيث يُحرم المستخدمون العاديون من الفرص بسبب الأتمتة الخبيثة.
لكن، لا تفقد الأمل! هناك خطوات يمكنك اتخاذها لحماية نفسك:
- لا تُعيد استخدام كلمات المرور: استخدم كلمة مرور فريدة لكل خدمة، واستعن بمدير كلمات مرور موثوق.
- حماية جهازك: قم بتثبيت برامج مكافحة الفيروسات واتبع إجراءات النظافة السيبرانية الأساسية.
- احمِ عنوان IP الخاص بك: تجنب استخدام شبكات VPN مشبوهة، وقم بتحديث جهاز التوجيه المنزلي بانتظام لمنع استغلاله.