مكاسب مصر وإسرائيل والسعودية من حرب أمريكا ضد الحوثيين

مكاسب مصر وإسرائيل والسعودية من حرب أمريكا ضد الحوثيين

أصبحت حرب أمريكا ضد الحوثيين رسمية بعد أن استأنفت جماعة أنصار الله هجماتها على السفن التجارية التي تمر من البحر الأحمر وعبر قناة السويس إلى أوروبا.

ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يفضل الرد على الهجمات فحسب بل القضاء على الحوثيين ولجم نفوذهم في بحر العرب والبحر الأحمر.

لكن الولايات المتحدة الأمريكية التي تلعب دور شرطي العالم بفضل أسطولها البحري العسكري الذي يحرس التجارة العالمية، تفيد قوى إقليمية متضررة من الحوثيين وأبرزهم مصر وإسرائيل والسعودية.

حرب أمريكا ضد الحوثيين: لماذا الآن؟

نفذ الحوثيون أكثر من 190 هجومًا على السفن التجارية منذ أواخر 2023، مما دفع العديد من شركات الشحن العالمية إلى تغيير مساراتها بعيدًا عن مضيق باب المندب، وهو ممر تجاري استراتيجي يمر عبره حوالي 12% من التجارة العالمية.

ألحق استمرار هذه الهجمات أضرارًا كبيرة بالاقتصاد العالمي ورفع تكاليف الشحن، وهو ما دفع الولايات المتحدة للتحرك لحماية التجارة الدولية وتساعدها بريطانيا وقوى أخرى فيما تقاعست الصين عن حماية مصالحها ولجأت سفنها إلى دفع اتاوات وغرامات للحوثي كي تمر.

بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وتراجع التدخل العسكري في الشرق الأوسط، سعت واشنطن إلى إعادة فرض هيبتها، وإرسال رسالة واضحة بأن لديها القدرة على حماية مصالحها ومصالح حلفائها.

ويرفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استمرار الضربات اليمنية للتجارة العالمية، كما أنه ملتزم بتعزيز دور الولايات المتحدة الأمريكية في العالم لكن سيكون على المستفيدين من هذه الخدمات تسديد الثمن ماليا.

ومع تزايد انخراط الصين في الشرق الأوسط من خلال مبادرة الحزام والطريق، تسعى واشنطن إلى تأكيد وجودها العسكري كضامن للأمن البحري، لمنع بكين من تعزيز سيطرتها على الممرات الاستراتيجية.

روسيا بدورها تدعم إيران وحلفاءها، وأي انسحاب أمريكي من البحر الأحمر سيمنح موسكو مساحة أكبر للتحرك والتأثير في ميزان القوى الإقليمي، لكن موسكو تخلت عن الحوثيين كما يبدو من المكالمة بين وزيري الخارجية الروسي والأمريكي مع بدء الهجمات الأمريكية.

السعودية: أكبر مستفيد من الضربات الأمريكية على اليمن؟

في ظل استمرار حرب أمريكا ضد الحوثيين، تبدو السعودية أحد أكبر المستفيدين من هذه العمليات العسكرية، حيث تحصل على مكاسب استراتيجية وأمنية دون الإنخراط المباشر في القتال.

فمنذ انسحابها التدريجي من المستنقع اليمني، سعت الرياض إلى تقليل التصعيد العسكري ضد الحوثيين والتركيز على مشاريعها التنموية، مما يجعل التدخل الأمريكي فرصة ذهبية لحماية مصالحها دون تكلفة مباشرة.

منذ سنوات، تخوض السعودية مواجهة مع الحوثيين، تعرضت خلالها لهجمات صاروخية وطائرات مسيّرة استهدفت منشآتها النفطية والبنية التحتية.

بدخول أمريكا على خط المواجهة، تتراجع الحاجة إلى الضربات الجوية السعودية، مما يسمح للمملكة بتجنب استنزاف مواردها العسكرية.

الحوثيون استهدفوا مدنًا سعودية كبرى مثل الرياض وجدة بخيارات هجومية متطورة، لكن التدخل الأمريكي يحدّ من قدرتهم على تنفيذ هجمات بعيدة المدى.

وتعتمد السعودية بشكل أساسي على صادرات النفط، وكانت هجمات الحوثيين قد أثرت على منشآت “أرامكو”، كما حدث في هجوم 2019 على “بقيق” و”خريص”.

مصر والملاحة في البحر الأحمر: انتصار بدون تكلفة؟

مع تصاعد حرب أمريكا ضد الحوثيين، تبدو مصر واحدة من أكبر المستفيدين، خاصة فيما يتعلق بالملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس.

فالهجمات الحوثية على السفن التجارية دفعت العديد من الشركات إلى تجنب المرور عبر القناة، مما كبّد مصر خسائر شهرية ضخمة بلغت 480 مليونا في أقل تقدير إلى نحو 630 مليون دولار في أعلى تقدير، وفقًا لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ومع بدء الضربات الأمريكية ضد الحوثيين، يبدو أن القاهرة تحقق مكاسب استراتيجية واقتصادية دون أن تتحمل أي تكلفة عسكرية أو سياسية.

ومن المعلوم أن قناة السويس هي أحد أهم مصادر الدخل القومي لمصر، وتمثل نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، لذا فإن أي تهديد للملاحة فيها يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد المصري.

تراجع حركة السفن بسبب هجمات الحوثيين دفع العديد من الشركات لاستخدام طريق رأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى انخفاض إيرادات القناة بنسبة 60% في بعض الفترات.

مع بدء الضربات الأمريكية، تتزايد فرص تأمين الملاحة البحرية، مما يعني عودة السفن لاستخدام القناة وتعافي العائدات المالية لمصر ما سينعكس إيجابا على الجنيه المصري.

إسرائيل مستفيد رئيسي من حرب أمريكا ضد الحوثيين

في سياق حرب أمريكا ضد الحوثيين، تعد إسرائيل واحدة من أكبر المستفيدين من الضربات الأمريكية، حيث ترى في الحوثيين تهديدًا مباشرًا ومتزايدًا لأمنها القومي. فمنذ اندلاع الحرب في غزة، صعّد الحوثيون من لهجتهم المعادية لإسرائيل وأطلقوا صواريخ ومسيرات باتجاهها، مما جعل تل أبيب تعتبرهم جزءًا من محور المقاومة المدعوم من إيران، إلى جانب حزب الله في لبنان والفصائل المسلحة في العراق وسوريا.

ولكن في الوقت نفسه، تمثل هذه الحرب فرصة استراتيجية لإسرائيل لتعزيز نفوذها الإقليمي وضمان دعم أمريكي مستمر ضد خصومها.

رغم بُعد المسافة، حاول الحوثيون استهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة، لكن معظمها تم اعتراضه بواسطة أنظمة الدفاع الجوي.

تحالف الحوثيين الوثيق مع إيران يجعلهم جزءًا من استراتيجية “الضغط المتعدد الجبهات” التي تنتهجها طهران ضد إسرائيل، حيث يهددونها من جنوب البحر الأحمر بالتزامن مع تهديدات حزب الله من الشمال.

التدخل الأمريكي ضد الحوثيين يخدم إسرائيل بشكل غير مباشر، حيث يضعف أحد أذرع إيران الإقليمية دون أن تضطر تل أبيب لخوض حرب جديدة.

بقاء الولايات المتحدة في مواجهة الحوثيين يعني التزامًا أمريكيًا طويل الأمد بأمن المنطقة، وهو ما يعزز موقف إسرائيل أمام خصومها.

هل تقاتل أمريكا لحماية شركائها أم لضمان نفوذها في الشرق الأوسط؟

مع استمرار حرب أمريكا ضد الحوثيين، يبرز سؤال جوهري: هل تتحرك واشنطن لحماية شركائها الإقليميين مثل السعودية، مصر، وإسرائيل، أم أن الضربات العسكرية تأتي في سياق أوسع يتعلق بضمان النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط؟

الحقيقة أن المصالح الأمريكية في المنطقة تتجاوز مجرد حماية الحلفاء، فواشنطن لديها أهداف استراتيجية عميقة تتعلق بأمن الطاقة، وحرية الملاحة، والحدّ من نفوذ الصين وروسيا في هذه المنطقة الحيوية.

البحر الأحمر ممر استراتيجي يمر عبره نحو 12% من التجارة العالمية، وأي تهديد للملاحة فيه يرفع تكلفة النقل البحري، ما ينعكس على أسعار الطاقة والاقتصاد العالمي.

الشركات الأمريكية والغربية تعتمد على استقرار المنطقة لتأمين خطوط الإمداد، وأي تعطيل للملاحة في قناة السويس يعني خسائر اقتصادية ضخمة.

الحوثيون ليسوا مجرد جماعة يمنية، بل هم جزء من مشروع إيران الإقليمي، ونجاحهم في تعطيل الملاحة البحرية يمنح طهران قوة تفاوضية أكبر.

في المقابل يهدف التدخل الأمريكي إلى تحجيم النفوذ الإيراني ومنع طهران من استخدام الحوثيين كورقة ضغط ضد الغرب في أي مفاوضات مستقبلية بشأن الملف النووي أو العقوبات.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

تابعنا على فيسبوك 

تابعنا على اكس (تويتر سابقا)