قد تتعدد القصص والشعارات والألوان واللغات وساحات تلك الأحداث، لكن من الواضح أن فئة مهمة من الشعوب غاضبة بسبب فيروس كورونا وتداعياته.
لا شك أن الأزمة الصحية الكبرى في العالم قد رافقتها أزمة اقتصادية استهدفت حتى العائلات والأشخاص الذين نجوا من الإصابة بالفيروس، ولا يوجد شخص في العالم لم يتضرر ولو جزئيا.
حتى الشركات الكبرى وجدت نفسها تؤجل الخطط وحتى أهداف المبيعات الكبرى التي كانت قد وضعتها ذهبت أدراج الرياح.
وصحيح أن هناك استثناءات فبعض الشركات مثل أمازون وشركات التجارة الإلكترونية تستفيد أكثر من هذا الوضع، لكن هذه الموسيقى الإيجابية لن تستمر طويلا خصوصا إذا تضرر الناس أكثر فالإنفاق سينهار.
-
المظاهرات في أمريكا
ثورة السود كما نحب أن نسميها، هي احتجاجات اندلعت على اثر مقتل رجل ذات بشرة سوداء على يد رجال الشرطة وعلى إثر ذلك امتلأت الشوارع بالغاضبين والمتضامنين وحتى المشاغبين الذين كسروا واجهات المحلات التجارية ونهبوا هواتف آيفون والسيارات وحتى المنتجات الغذائية.
العنوان الأكبر لما يحدث هناك هو “الحرب ضد العنصرية”، لكن لا مجال لننكر أن هناك دوافع وعناوين فرعية أولها هو غضب الشعب الأمريكي من فقدان الوظائف وانتشار البطالة على إثر الأزمة الصحية التي رافقتها أزمة اقتصادية وصل عدد ضحايا إلى 40 مليون شخص أصبحوا عاطلين رسميا.
نظرية المؤامرة التي كان اليمين المتطرف يبثها على وسائل اعلامه وقنواته على يوتيوب، عادت على كبيرهم “دونالد ترامب” بالمشاكل، فقد نزل اليسار المتطرف إلى الشوارع واستخدموا العنف ضد الشرطة والمحلات التجارية، وهذه الفئة لا تخفي عداءها للسلطات ووسائل الإعلام وعالم الشركات.
-
أصحاب السترة البرتقالية في إيطاليا
مع انتهاء الموجة الأولى من كورونا تشهد إيطاليا حركة “سترات برتقالية” التي تقول أن الفيروس غير موجود.
يتهم هؤلاء الحكومة الإيطالية باختلاق المشكلة وتزوير الأرقام ولديهم بالفعل شخصيات إعلامية وسياسية ينكرون وجود الفيروس.
غالبا هؤلاء من المناطق الأقل تضررا، أو من العائلات والأحياء المحظوظة التي لم يضربها الفيروس ضربا عنيفا.
يقول هؤلاء أن الوفيات غير مرتبة بالفيروس التاجي وهي لأسباب أخرى مثل الإختناق ومشاكل التنفس والسكتة القلبية.
اليوم هذه الفئة الكبرى في الشارع بدون كمامات ولا إلتزام بالتباعد الاجتماعي، في وقت تسارع فيه الحكومة لفتح السياحة واستقبال الملايين من السياح، وهو ما لن يحدث إذا تعرضت البلاد والعالم لموجة ثانية ستكون أشد.
-
رد فعل قوي على الأزمة الاقتصادية
بعد الأزمة المالية لسنة 2008 صعد اليمين المتطرف في أوروبا وأعداء الإتحاد الأوروبي، ورأينا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ثورات تحولت إلى حروب أهلية عسكرية متعددة الأطراف.
مرة أخرى تصدم الأزمة الاقتصادية الجديدة الشعوب حول العالم وتدفع المتعصبين منهم إلى الخروج نحو الشوارع لتدمير واجهات المتاجر ومهاجمة المصالح العامة.
لا شك أنه يجب على الحكومات إيجاد حلول أسرع للوضع الإقتصادي السيء وإخراج الناس من براثن البطالة والفقر المدقع، لكن المظاهرات التي تتطور إلى ثورات وعنف لا تنتهي إلا بالقمع والإعتقالات أو حرب أهلية تحول البلد إلى ساحة للصراع بين القوى الدولية المتحاربة.
تشكل المظاهرات التي ينتظر أن تعاني منها دول عربية أيضا فرصة للمتضررين للتعبير عن آلامهم لكنها ليست الحل الأفضل لإصلاح البلد.
لدينا لبنان كأحدث نموذج في قائمة الدول التي تشهد اضطرابات منذ أشهر وهذا لم يمنع الظروف الاقتصادية في البلد من أن تسوء أكثر.
من المرتقب أن نبدأ ملاحظة التعافي الاقتصادي الفترة القادمة لكن الأزمة الاقتصادية وتأثيراتها قد تبقى لسنوات، ففي الولايات المتحدة أفاد مكتب الموازنة بالكونجرس بأن تداعيات الفيروس التاجي على الإقتصاد الأمريكي قد تستمر 10 سنوات.
يتوقع مكتب الموازنة أن يتسبب الفيروس في تدمير 3% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بين عامي 2020 و2030 ونتحدث عن خسائر بقيمة 7.9 تريليون دولار.
هذا مجرد مثال واضح لما يحدث في عالمنا اليوم لهذا لا تتفاجأ إذا اندلعت المظاهرات والإحتجاجات في بلدك الفترة القادمة.
إقرأ أيضا:
ثورة السود في أمريكا تهديد آخر لتعافي الإقتصاد الأمريكي
انهيار أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2020 – 2025
تهاوي تجارة الجنس في أزمة فيروس كورونا: ما البديل؟
تأثير فيروس كورونا على صناعة القمار والمراهنات الإلكترونية