عندما بدأت روسيا غزو أوكرانيا اعتبر الكثير من العرب أن الخطوة في مصلحتهم، رغم تحذيرنا من أمرين، أوكرانيا فخ للرئيس الروسي بوتين والحرب سيكتوي المواطن العربي بنارها من خلال الأزمة الإقتصادية.
حتى الآن تسير الأمور وفق التوقعات وحصل ما حذرنا منه، وجد الجيش الروسي نفسه في حرب استنزافية وبدأ المواطنون الروس وخصوصا الأثرياء بالفرار، ودفع المواطن العربي الذي كان يرى الحرب خير له ثمن مغامرة بوتين من خلال الغلاء.
لكن لماذا من مصلحة العرب انتصار أوكرانيا على روسيا التوسعية في نظرنا؟ ولماذا انتصار روسيا ستكون له تبعات خطيرة على الأمن الدولي؟
انتصار أوكرانيا يمنع عودة الإمبراطوريات التوسعية
لا يختلف عاقلان على أن الغزو الروسي كان اعتداء سافر على أوكرانيا، اجتياح بلد مستقل يمارس سيادته على أراضيه، يعيدنا إلى عصور الإمبراطوريات الإستعمارية التي مضت، والتي تجرع العرب والمسلمين مرارتها عندما احتلت فرنسا وبريطانيا واسبانيا والبرتغال وألمانيا الكثير من الدول حول العالم وتقاسموا الدول والشعوب بينهم.
روسيا في الأصل بلد صغير تجمع الكثير من القوميات والشعوب وتريد أن تعيد الشعب الأوكراني الذي حصل على استقلاله في استفتاء دولي عام 1991 إلى السيادة الروسية وهو أمر غير مقبول.
منطق الغزاة يفتح الباب لحروب كبيرة في المستقبل حيث ستسعى الدول ذات الجيوش الأقوى إلى احتلال الدول الأقل قوة منها، وهو ما يفتح الباب للولايات المتحدة للتوسع وعودة الإمبراطوريات الغربية ولا ننسى أيضا الصين التي تطالب بالأراضي وتريد التوسع وكذلك الهند الصاعدة وتركيا التي تحلم بالدولة العثمانية.
إذا اختار العالم منطق بوتين لن يكون هناك سلم عالمي، وستنتقل مهام الجيوش حول العالم للدفاع عن أراضيها إلى مهام هجومية والتسابق على احتلال الدول الصغرى والأقل قوة.
ونتيجة لذلك سيجد العرب أنفسهم في موقف سيء للغاية، عودة أوروبا إلى المنطق القديم يعني توسعها نحو الجنوب، ايران أيضا لديها أطماع، الصين والهند وإسرائيل وتركيا ستبحث عن التوسع وستجد الدول العربية في طريقها.
في تصويت للأمم المتحدة أدانت 141 دولة العدوان الروسي في حين دعمتها 5 دول فقط، وهو تأكيد على أن المجتمع الدولي لا يريد العودة إلى الوراء.
انتصار أوكرانيا يعزز مكانة العرب على مستوى انتاج الطاقة
خسرت روسيا السوق الأوروبية بشكل نهائي، ولا يمكن للأوروبيين الإعتماد مجددا على موسكو في توريد الغاز والنفط منها، وهنا يأتي دور الدول العربية التي تنتج الغاز والنفط مثل دول الخليج ومصر والجزائر.
ومن جهة أخرى تريد أوروبا الإنتقال السريع إلى الطاقات المتجددة وتنظر إلى الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا وامكانيات المغرب والسعودية في انتاج الهيدروجين ومشاريع الربط الكهربائي بين أوروبا وكافة دول الشرق الأوسط بما فيها سوريا ولبنان على أنها فرصة لتنتقل المنطقة برمتها إلى عصر تكون فيها الكهرباء نظيفة وصديقة للبيئة ومتاحة بأسعار منخفضة للجميع.
سبق لروسيا أن أفشلت من قبل مشاريع الطاقة في المنطقة خصوصا تصدير قطر الغاز عبر سوريا ومن ثم إلى تركيا نحو أوروبا، معتمدة على حليفها الرئيس بشار الأسد، لكن مع توجه دول المنطقة إلى تطبيع العلاقات مع سوريا، وهزيمة بوتين في أوكرانيا قد تغير دمشق موقفها وتستفيد ومعها العرب من مشاريع ضخمة بهذا المجال.
انتصار أوكرانيا سيقلل من إمكانية حدوث الحروب
لو تمكنت روسيا من اجتياح أوكرانيا بسهولة كما تصور كثيرون، لقمت الصين بحملة اجتياح عسكري لجارتها تايوان، وسيترقب العالم المزيد من الحروب يوما بعد يوم والأضرار المالية والاقتصادية الناتجة عنها.
تعد حرب روسيا ضد أوكرانيا درسا مهما للغاية بالنسبة لكل من يؤيد الحروب ومن يعتقد أن تلك الحروب التي تحدث في دول بعيدة عنه لن تؤثر على حياته.
اليوم يلاحظ كافة الناس ومعظمهم وحتى أثرياء العالم تراجعا في الدخل والأرباح والعائدات المالية وارتفاعا في النفقات بسبب التضخم العالمي وهذا درس ثمين.
إقرأ أيضا:
بالأرقام: هزيمة روسيا في حرب الغاز والنفط وانتصار أمريكي أوروبي
روسيا ستعاني من الجوع بدون بطاطس مصر وخضرواتها
روسيا المنافقة رائدة في تأجير الرحم لصالح المثليين
توقعات 2023: هل تنتهي حرب روسيا وأوكرانيا؟ كيف ومتى؟
هروب بوتين إلى سوريا أو هذه الدول بعد هزيمة روسيا في أوكرانيا
هل روسيا قوة عظمى أم فقاعة اعلامية؟
انسحاب روسيا من أوكرانيا ونهاية بوتين
عزلة روسيا في قمة العشرين برعاية الصين والهند
روسيا والصين في ورطة بسبب صراع ايران ضد السعودية
لماذا تشتري روسيا الطائرات المسيرة الإيرانية والسلاح الإيراني؟
توقعات 2023: هل تنتهي حرب روسيا وأوكرانيا؟ كيف ومتى؟
هل تستطيع أوكرانيا تنظيم كأس العالم 2030 مع اسبانيا والبرتغال؟
هروب بوتين إلى سوريا أو هذه الدول بعد هزيمة روسيا في أوكرانيا