بخطى متسارعة نسير نحو حقبة النقود الرقمية، لذا لا تتفاجأ إذا عندما تقرر السلطات المالية حول العالم نقودا رقميا ونهاية عصر النقود الورقية.
اليوم تجاوز سعر بيتكوين 50 ألف دولار أمريكي، والذهب الرقمي في طريق متسارع نحو مليون دولار أمريكي لكل بيتكوين بحلول العقد القادم.
ومع الإنتقال الدولي إلى النقود الرقمية سيكون على كل شخص أن يكون لديه حساب بنكي واحد على الأقل إضافة إلى تطبيق للدفع والمعاملات المالية على هواتفهم الذكية.
أي معاملة بين شخصين ستكون من تطبيق إلى آخر، وكل هذا وفق تنظيم قانوني وحكومي واضح، يضمن للسلطات المالية رصد أي معاملات مالية مشبوهة أو استخدامها عند التحقيق في الجرائم المختلفة.
الحرب على الإقتصاد الأسود
هذا يهدد بالفعل الإقتصاد الأسود، وهو الإقتصاد الذي تحدثنا عنه سابقا في مقال مفصل عنه، وأشرنا إلى أنه محارب من طرف الحكومات.
انتقال كافة معاملاتنا المالية من البسيطة والصغيرة إلى المعقدة والكبرى نحو العالم الرقمي يفتح الباب للشفافية أكثر والرقابة الحكومية أيضا.
إذا كنت مهاجرا سريا وتعيش مثلا في فرنسا، فلن تستطيع حينها اجراء أي معاملة مالية لشراء الخبز أو العمل لدى مواطن فرنسي دون التطبيق الذي لن تستخدمه هناك بدون أن تكون مسجلا لدى الحكومة الفرنسية على أنك مقيم بدولتها.
هذا مثال بسيط يوضح لنا إلى أي مدى سيكون الوضع معقدا خصوصا بالنسبة للملايين من الناس الذين يعيشون في الظلام بعيدا عن أعين الحكومات والسلطات.
تدرك الحكومات حول العالم أنه كي تنجح الحرب على السوق السوداء ينبغي أن تكون هناك أداة أو منصة معينة تتم فيها المعاملات المالية، ولطالما شجعت المواطنين والمقيمين على فتح حسابات بنكية، لكن هناك الملايين من الناس حول العالم الذين لا يتعاملون مع البنوك ويفضلون التعامل بالنقد من أرباب أعمالهم ومع المصالح التجارية التي يتعاملون بها.
الأمر مختلف في زمن النقود الرقمية:
لكن الوضع في زمن النقود الرقمية مختلف تماما، حيث كل معاملة مالية تحتاج إلى استخدام تطبيقات دفع وهذه الأخيرة تعتمد على الحسابات البنكية وكشف الهوية.
كل الخدمات المالية ملزمة باعتماد سياسة اعرف عميلك (بالإنجليزية: Know your customer) وإلا فهي تعرض نفسها للمساءلة القانونية، وهي سياسة تعتمدها أيضا حتى منصات تداول بيتكوين والعملات الرقمية.
هذا يعني أنه يمكن للسلطات استدعاء كافة معاملاتك المالية عند التحقيق في أعمالك وأنشطتك، وستكون الأمور بالنسبة للمحققين واضحة جدا.
إذا كانت السلطات مثلا تحقق في أنشطة ملياردير معين، فإن مصادر دخله ستكون واضحة للسلطات ولا مجال للتهرب في الضرائب أو إصدار أحكام خاطئة.
سيتراجع الظلم وأيضا الأنشطة السيئة من قبل رجال الأعمال وستقضي الحكومات على التهرب الضريبي، ونفس الأمر للمواطن العادي الذي لن يتهرب من الضرائب ولن تفرض عليه أكثر مما يستحقه.
تفتح النقود الرقمية الباب أيضا لتحصل الحكومات على بيانات دقيقة حول الأكثر فقرا، وتقدم لهم مساعدات مباشرة من خلال حساباتهم، وتمنع الدعم المخصص للقراء عن الفئات التي لا تستحق ذلك.
مستقبل السوق السوداء:
في ظل هذا الواقع من المفترض أن يتراجع حجم السوق السوداء وتتوقف فيه الكثير من الأنشطة، لكن العديد من الجرائم والممارسات غير العادلة ستحصل باستخدام عملات رقمية مشفرة أكثر خصوصية من بيتكوين.
هناك اليوم أكثر من 3000 عملة رقمية منها بعض الأسماء الأكثر خصوصية والتي تستخدم للدفع عادة على المواقع الإباحية وأيضا لتبادل النقود بعيدا عن أعين الرقابة.
هذه العملات الرقمية سيكون لها شأن كبير في السوق السوداء الجديدة، وهي التي ستستخدم للأنشطة الأكثر سرية بين المواطنين.
لكن الوضع بالنسبة للمهاجرين غير القانونيين سيكون سيئا للغاية، إذ أن أي جهة عمل تريد أن توظفهم ستطلب منهم استخدام التطبيق الرسمي لتلقي الرواتب، وهو أمر غير مسموح لهم ما لم يثبتوا اقامتهم وتعترف بهم الدولة التي هاجروا إليها.
إقرأ أيضا:
حقائق وأرقام عن بداية عصر النقود الرقمية
شيطنة العملات الرقمية وخوف الإنسان من التغيير
سوق العملات الرقمية تجاوزت 1 تريليون دولار: إليك ما التالي؟
آبل وفرصة شراء بيتكوين وإنشاء منصة تداول العملات الرقمية