عادة ما يعتبر شهر ماي شهرا ايجابيا وهادئا لأسواق الأسهم والمال حول العالم، لكن ليس هذه المرة في ظل المشاكل الإقتصادية الكبرى التي تحاصر العالم وترقب الأزمة المالية العالمية القادمة.
إذا كنت تتابع أخبار البورصات العالمية وعلى إطلاع بالأخبار الإقتصادية فأنت تعرف أن هناك حالة من الذعر والبيع الكثيف للأسهم سواء في البورصات الأمريكية أو نظيرتها الأوروبية والصينية والخليجية والحلية والدولية.
وبالطبع وراء هذا التحرك العنيف نحو بيع الأسهم سبب منطقي ومعقول، ألا وهو وصول المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة إلى طريق مسدود.
-
مفاوضات تجارية مستمرة منذ أشهر
منذ أشهر طويلة ونحن نتابع المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، دون أن تكون لدينا التفاصيل الكافية حول المحادثات والنقاط التي تم التفاهم حولها.
كل ما في الأمر وما نسمعه هو أن هناك تقدم في المفاوضات والمحادثات ايجابية، وكل طرف يشيد بالآخر وتعاونه على إنجاح الحوار.
في هذا الوقت كانت التغريدات الإيجابية من دونالد ترامب والتصريحات الجيدة من الصين تعطي أملا لأسواق المال العالمية، على أنه يمكن أن يحصل اتفاق حقيقي من شأنه أن يعزز من الرخاء الإقتصادي.
وكان من المرتقب أن يعلن الجانبين عن نتائج ايجابية ورسمية خلال الصيف الحالي، وبداية من الشهر الحالي.
-
فجأة اتهم دونالد ترامب الجانب الصيني بالتراجع
بشكل مفاجئ ودون سابق انذار، أكد دونالد ترامب استياءه من الجانب الصيني خصوصا وأن بكين تراجعت عن تعهدات لها وهي تراوغ للخروج بمسودة لا تفرض عليها تغييرات هيكلية في سياساتها التجارية والإقتصادية.
في سلسلة من التغريدات مارس دونالد ترامب هوايته المفضلة، وهي التهديد والوعيد مؤكدا أنه سيزيد الرسوم الجمركية على 200 مليار دولار من الصادرات الصينية إلى بلادهن وهو ما يجعل الإنتاج الصيني عموما في ورطة كبيرة.
كان من المفترض تطبيقها هذه الرسوم بداية ديسمبر الماضي لولا تجميد الولايات المتحدة قرارها بعد الاتفاق بين الرئيسين الصيني والأمريكي على بدء التفاوض لحل نزاعاتهما التجارية.
-
رد الصين سريع لكنها هادئة
اختتمت أسواق المال العالمية الأسبوع الماضي على القرار الأمريكي لضرب الصادرات الصينية والتضييق اكثر عليها.
واليوم ردت الصين برفع الرسوم الجمركية على 60 مليار دولار من الصادرات الأمريكية سترتفع إلى 25% من 10% بداية من يونيو المقبل، وهي تشمل حوالي 2493 سلعة أمريكية.
-
لماذا أسواق المال العالمية قلقة الآن؟
لا توجد بورصة في العالم تنظر إلى ما يحصل على أنه ايجابي لها، التجارة العالمية برمتها ستتضرر وهذا يعني أن الشركات والمصانع ستدفع الثمن هي الأخرى وفي النهاية سينعكس هذا سلبا على المستهلكين والمواطنين في مختلف دول العالم.
كان صندوق النقد الدولي قد أصدر في شهر أبريل/نيسان توقعاته للنمو العالمي ليخفضها إلى 3.3%، بعد أن توقع في وقت سابق معدل نمو 3.5% ومن المنتظر في حال استمرار الحرب التجارية العنيفة بين الصين والولايات المتحدة أن يميل الصندوق إلى نمو أقل.
هذا يعني أن الإقتصاد العالمي في طريقه لانتكاسة جديدة ستكون الأقوى منذ الأزمة المالية العالمية لسنة 2008، وهو ما لا تريده أسواق الأسهم حول العالم.
التجارة العالمية هي شريان الإقتصاد العالمي والإضطرابات على هذا المستوى ليس جيدا للشركات والصناعات التصديرية والمستهلكين والمنظومة الإقتصادية برمتها.
ويمكن أن تكون هذه الحرب بوابة لسقوط البورصة الأمريكية أو نظيرتها الصينية واندلاع الأزمة المالية العالمية المرتقبة.
-
بيتكوين والعملات الرقمية أبرز المستفيدون
بينما تعاني أسواق المال العالمية من تراجع قوي وعنيف هذه الأيام، نجد أن بيتكوين قد قفزت خلال هذا الشهر من 5200 دولار تقريبا إلى 7700 دولار اليوم.
العملة الرقمية الأكبر في العالم ليست الوحيدة التي تحلق عاليا حاليا، هناك أيضا بيتكوين كاش، الإيثريوم، والسوق بشكل عام والتي استطاعت أن تقفز من 180 مليار دولار تقريبا إلى 230 مليار دولار حاليا.
من جهة أخرى نجد أن سعر الذهب هو الآخر في ارتفاع خصوصا اليوم وهو مرة أخرى على أبواب 1300 دولار أمريكي.
نهاية المقال:
يستمر تهاوي الأسهم بقوة ويتضح أن شهر ماي لن يلعب دائما دور الطيب الهادئ، يمكنه أن يكون فوضويا ويعزف موسيقى الأزمة المرتقبة … هذا هو الشهر الذي تفاءلت به وهو جيد من وجهة نظري.