لدى روسيا وجود قوي في فلسطين، فهي رائدة نشر المسيحية الأرثوذكسية في هذا البلد والأردن، وكانت تسمى فلسطين الروسية
تعتبر الكنائس الروسية في فلسطين جزءًا من التاريخ الديني والثقافي للمنطقة، وتعود أصولها إلى القرن التاسع عشر عندما بدأت روسيا في اهتمامها بالأماكن المقدسة في فلسطين وتحديدًا في القدس.
ومن بين الكنائس الروسية الأرثوذكسية في فلسطين، تشتهر كنيسة القديسة مريم المجدلية في قرية الرينة، والتي تم تأسيسها في العام 1886، وتعتبر هذه الكنيسة واحدة من أقدم الكنائس الروسية في فلسطين، وتحتفظ بطابع روسي تقليدي في تصميمها وديكورها، وتقوم الكنيسة بإقامة الصلوات الروسية الأرثوذكسية والاحتفالات الدينية والثقافية، وتستقطب الكنيسة زوارًا من داخل فلسطين وخارجها.
وتوجد أيضًا كنائس روسية أخرى في فلسطين، مثل كنيسة القديس الإسكندر في القدس، وكنيسة الأرمن الروسية في بيت لحم، وكنيسة الأرشنجل ميخائيل في الناصرة، وغيرها.
بالإضافة إلى الكنائس الروسية، هناك بعض المباني الأخرى التي بنيتها روسيا في فلسطين، وتشمل:
مستشفى الروسي في القدس: تأسس المستشفى في عام 1858 بتمويل من الحكومة الروسية، ويعد المستشفى واحدًا من أقدم المستشفيات في القدس.
مبنى “سانت لويس” في القدس: تم بناء هذا المبنى في العام 1890، وكان يستخدم كمستشفى ومدرسة للفتيات، وفي السنوات الأخيرة، تم تحويل المبنى إلى مركز ثقافي وفني.
مبنى الأسقفية الروسية الأرثوذكسية في القدس: تأسست الأسقفية في عام 1949، وتم بناء المبنى الحالي في عام 1964. وتعمل الأسقفية على الحفاظ على الروابط الدينية والثقافية بين الكنيسة الروسية والمؤمنين في فلسطين وإسرائيل.
حديقة السفارة الروسية السابقة في تل أبيب: تم بناء الحديقة في القرن التاسع عشر، وكانت جزءًا من مجمع السفارة الروسية في تل أبيب، وتعتبر الحديقة الآن مكانًا شهيرًا للاسترخاء والترفيه في تل أبيب.
خلال فترة الإمبراطورية الروسية وحتى الحرب العالمية الأولى، كانت روسيا تتطلع إلى تأسيس نفوذها السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط، وكان لديها اهتمام خاص بالأماكن المقدسة في فلسطين، وذلك بما يتوافق مع سياستها الخارجية والدينية.
قامت الإمبراطورية الروسية بنشر المسيحية الأرثوذكسية في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك في فلسطين والشرق الأوسط.
وكانت روسيا تعتبر نفسها عاصمة للمسيحية الأرثوذكسية، وكانت تدعم بشكل خاص الكنائس الأرثوذكسية في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الكنائس في فلسطين والشرق الأوسط.
وتعززت العلاقات بين روسيا والشرق الأوسط خلال الفترة الحديثة، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على المواقع المقدسة في فلسطين، ودعم الكنائس الأرثوذكسية في هذه المنطقة. وتشير العديد من المباني الدينية والثقافية في فلسطين التي بناها الروس إلى هذه العلاقات القديمة.
ما زالت روسيا تعتبر عاصمة للمسيحية الأرثوذكسية، وهي واحدة من الدول التي يتواجد فيها أكبر عدد من المسيحيين الأرثوذكس في العالم.
وتلعب الكنيسة الأرثوذكسية الروسية دورًا مهمًا في الحفاظ على التقاليد الدينية والثقافية الأرثوذكسية في روسيا والعالم، وتوجد العديد من الكنائس الأرثوذكسية الروسية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في فلسطين والشرق الأوسط.
وتستمر روسيا في دعم الكنائس الأرثوذكسية في جميع أنحاء العالم، وتسعى إلى تعزيز العلاقات الدينية والثقافية مع المسيحيين الأرثوذكس في جميع أنحاء العالم.
تشكل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي والديني في روسيا، ولها علاقة مهمة مع الحكومة الروسية، ومنذ عهد الإمبراطورية الروسية وحتى الوقت الحاضر، كانت هناك علاقة وثيقة بين الكنيسة والحكومة في روسيا.
احتفل حوالي 20 ألف حاج روسي بعيد الفصح في القدس عام 1913، وتم جمع مليوني روبل ذهبًا كقيمة إجمالية للأموال غير المنقولة التي عادت للجمعية، وهذا الرقم كان مليونًا خياليًا لتلك الحقبة الزمنية.
وشيدت الجمعية بعض المباني البارزة في المنطقة، مثل كاتدرائية الثالوث وكنيسة مريم المجدلية وكنيسة الشمعة الروسية. كما أنها أنشأت أكثر من 100 مدرسة روسية في سوريا ولبنان وفلسطين.
وفي عام 1917، حدث تغيير في هذه العلاقة بعد الثورة الروسية التي أدت إلى إنشاء الاتحاد السوفيتي الذي كان يطبق الإلحادية الدولية ويحاول إزالة الدين من حياة الناس، في نفس سنة انتصار الثورة البلشفيّة في 1917 وعدت روسيا اليهود بدولة إسرائيل.
ظهرت سلطة جديدة في فلسطين بعد ذلك، وهي سلطة الانتداب البريطاني، ولم تعترف بريطانيا بحقوق روسيا السوفيتية على الممتلكات الروسية في فلسطين، وبسبب ذلك، اعتبر أن روسيا قد خسرت هذه الممتلكات بشكل نهائي، وأن هذا الحدث يشكل نهاية التاريخ المجيد للتواجد الروسي في فلسطين.
بعد انهيار الإمبراطورية الروسية في عام 1917 وتولي السلطة في روسيا من قبل الحكومة الشيوعية، توقفت الحكومة الروسية عن دفع الديون على المستوى الدولي، ولم تكن قادرة على الحفاظ على ممتلكاتها في الخارج بسبب الضغوط الدولية والحرب الأهلية في روسيا.
وبالتالي، لم تتخذ روسيا أي تحركات رسمية للمطالبة بحقوقها على تلك الممتلكات في فلسطين، ولم تكن قادرة على استعادتها.
ومنذ إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948، جاء العديد من اليهود من روسيا ودول أخرى إلى إسرائيل، وفي الفترة من عام 1989 إلى عام 2019، قدر عدد المهاجرين اليهود من روسيا إلى إسرائيل بنحو 1.2 مليون شخص، وهو ما يشكل أكثر من ثلث عدد اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل خلال هذه الفترة.
تعود هذه الهجرة الكبيرة إلى التغيرات السياسية والاجتماعية التي حدثت في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، والتي دفعت العديد من اليهود إلى الرغبة في الهجرة إلى إسرائيل، ومنذ ذلك الحين، وصل العديد من اليهود الروس إلى إسرائيل، وأصبحوا جزءًا من المجتمع الإسرائيلي.
في عام 1964، ونتيجة لما اشتهر بـ”صفقة البرتقال“، تم بيع معظم الممتلكات الروسية في فلسطين إلى إسرائيل مقابل 4.5 مليون دولار، ووافقت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير والسفير السوفيتي في إسرائيل على هذه الاتفاقية.
ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، عادت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية إلى الحياة العامة في روسيا، واستعادت دورها الكبير في المجتمع الروسي.
إقرأ أيضا:
هل تنجح روسيا في احتلال أفريقيا بعد محاولتها الفاشلة 1889؟
عن فشل القمة الروسية الأفريقية وعزلة روسيا المتزايدة
ما هي الوحدوية الروسية التي يؤمن بها فلاديمير بوتين؟
أطماع روسيا بوتين تعيدنا إلى الحركة الإستعمارية الروسية الكبرى
روسيا لا تزال دولة استعمارية وهذه حقائق عن الإحتلال الروسي
ارتفاع أسعار القمح 8.5%: روسيا تضرب الأمن الغذائي العالمي
عواقب انسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية
حقائق حول ممر سوالكي بين بولندا وليتوانيا وتهديدات روسيا
من انقلاب فاغنر إلى انقلاب تركيا على روسيا بوتين المتهالكة
موقف روسيا بوتين والصين من غزو العراق 2003
هل روسيا ظالمة أم مظلومة؟ هذا رأي صديق بوتين