مقارنة مع الكثير من الفيروسات السابقة التي أهلكت الملايين من الأرواح وقتلت الناس وحتى الحروب التي لا تزال تعاني منها العديد من الدول ومشكلة حوادث السير التي تحصد الكثير من الأرواح يوميا، يبدو فيروس كورونا هو الأقل فتكا بالأرواح.
ورغم أن منظمة الصحة العالمية قد أشارت إلى أنه ليس بالخطورة التي تصورها وسائل الإعلام، وأن أكثر من 80 في المئة من المصابين يتعافون حتى بدون علاج أو لقاح، إلا أن الذعر مستمر للأسف.
لا يزال فيروس كورونا يسيطر على العناوين الرئيسية في الصحافة الإلكترونية والمكتوبة ووسائل الإعلام ويطغى على نقاشات الرأي العام.
ما المخيف في فيروس كورونا إذن؟ الحقيقة هناك من يخشى من أن يكون المصاب أو القتيل التالي بسبب الفيروس، لكن العالم يخشى الفيروس ليس بسبب الإصابات ولا القتلى.
-
شلل السياحة والحركة التجارية والهجرة بين الدولة أمر مرعب
يسافر رجال الأعمال وموظفي الشركات والتجار والسياح من وإلى مختلف الدول وهو ما ينتج عنه حركة الملايين من المسافرين يوميا عبر الطائرات والسفن والقطارات.
إنها واحدة من أكبر الصناعات في العالم، حيث بلغت إيراداتها 5.7 تريليون دولار، وهي مسؤولة عن ما يقدر بنحو 319 مليون وظيفة، أو ما يقرب من واحد من كل 10 أشخاص يعملون على هذا الكوكب ستجده في قطاع السياحة والسفر، وليس هناك قطاع أكثر عرضة للخطر منه.
لقد تأثرت صناعة السفر كثيرا بسبب القيود المفروضة على السفر والرحلات الملغاة بغرض العمل والمتعة، لكن هذه مجرد البداية.
قد تكون هذه أسوأ أزمة تشهدها الصناعة منذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية على الولايات المتحدة، وفقًا لبعض الخبراء.
مع منع السفر من وإلى الصين وكذلك الأمر إلى كوريا الجنوبية وتضرر إيطاليا، تخسر الأسواق السياح القادمون من تلك البلدان، فمصر مثلا تعتمد خلال السنوات الأخيرة على السياح القادمين من الصين بقوة.
الضرر متبادل فتلك البلدان أصبحت مخيفة لعشاق السياحة والسفر ولن يذهب إلى هناك أي شخص ما دامت وسائل الإعلام تتحدث عن آلاف المصابين.
أصبح المواطنون الصينيون أكثر المسافرين العالميين تكرارا في العالم، حيث حصل 180 مليون منهم على جوازات سفر، مقارنة بـ 147 مليون أمريكي يحملون جوازات سفر.
كشفت يونايتد إيرلاينز هذا الأسبوع عن أنها شهدت انخفاضاً شبه إجمالي في الطلب على الصين وحوالي 75٪ انخفاض في الطلب على المدى القريب على بقية خطوطها عبر المحيط الهادئ.
من جهة أخرى تم إلغاء معرض برشلونة للجوال ومعارض أخرى في قطاعات التكنولوجيا والسينما والترفيه ومؤتمر فيس بوك وهناك حديث عن إلغاء مؤتمرات مايكروسوفت وآبل إضافة إلى جوجل والتي تقام خلال فصل الربيع وبداية الصيف.
إذا استمر الوضع على ما هو عليه حاليا، فإن الشركات ستضطر إلى تسريح الموظفين، وأغلب هذه الشركات تعمل في مجال السياحة والسفر.
-
ضرب ثاني أكبر محرك للإقتصاد العالمي
شلل الصين وتوقف مصانعها المختلفة سيؤثر سلبا على نموها الإقتصادي المهم للإقتصاد العالمي، وفي ظل اقتراب الكثير من الإقتصادات حول العالم من الركود الاقتصادي وتدني النمو الذي تحققه فإن المشكلة تصبح أكبر بالنسبة للإقتصاد العالمي.
صندوق النقد الدولي والمؤسسات العالمية عملت حسابات دقيقة وتوصلت إلى أن النمو الاقتصادي سيتراجع هذا العام بشكل عام، لكن فيروس كورونا زاد الطين بلة وضرب حساباتها.
تعد الصين أكبر مصنع عالمي حيث يتم هناك تصنيع منتجات آبل وسوني وسامسونج إضافة إلى أنها سوق استهلاكية كبرى وقد تضرر العلامات التجارية العاملة هناك.
-
تسريع السقوط إلى الركود الإقتصادي
كان هناك هبوط حاد في الأسواق المالية وما نتج عنه من تدمير للثروة، وتعطيل سلاسل التوريد العالمية للمصنعين وتجار التجزئة في جميع أنحاء العالم، وانخفاض أسعار الطاقة والإنتاج بسبب انخفاض الاستهلاك. كل هذه الأشياء يمكن أن تتحد مع الوصول إلى صناعة السفر لإحداث ركود عالمي.
الفيروس بشكل عام يسرع من السقوط في السيناريو الذي حذرت منه اضطرابات شهر أغسطس الماضي، حيث أن انقلاب العائد الأمريكي يعني اقتراب حلول الركود.
ليس في مصلحة أحد حدوث ذلك، لأن الملايين من الوظائف ستختفي وستكون هناك اضطرابات وستضرب الأزمة ثروات الأغنياء والأثرياء حول العالم.
نهاية المقال:
فيروس كورونا أقل فتكا بالأرواح من فيروسات سابقة ومقارنة بالحروب وحوادث السير، لكن خطورته على الإقتصاد والتجارة والوظائف هي التي أرغمت البورصات العالمية على خسارة 6000 مليار دولار الأسبوع الماضية.