يشكل الدخل من النفط 22.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2010، وبحلول عام 2020 انخفضت هذه القيمة إلى 11.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي، لكنه لا يزال أعلى بكثير من المتوسط العالمي والذي يقل عن 1٪.
تكشف هذه الإحصائية تراجعا في قيمة وأهمية الذهب الأسود بالتجارة العالمية وأيضا حصة النفط من دخل السعودية والشرق الأوسط بنسبة 50٪ خلال العقد الماضي، مع العلم أننا شهدنا أزمة النفط ما بين 2014 و 2020.
وقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا، والعقوبات اللاحقة التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وسجلت شركة النفط السعودية المملوكة للدولة، أرامكو، أرباحًا قياسية بلغت 48.4 مليار دولار أمريكي في الربع الثاني من عام 2022 بزيادة قدرها 90٪ عن نفس الفترة من عام 2021.
وقد حثت الدول الغربية أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لتوفير المزيد من النفط، ليحل محل الإنتاج الروسي، وافق منتجو أوبك على زيادة متواضعة ولكن في الاجتماع الأخير لأعضاء أوبك وبعض الدول المرتبطة بها (بما في ذلك روسيا)، في بداية أكتوبر تم عكس هذا القرار بشكل مثير للجدل.
في كوب 26 في جلاسكو، أشارت التقارير إلى أن المملكة العربية السعودية كانت من بين تلك البلدان التي خففت من التوصية بشأن الإلغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري.
وتضيف التقارير أن وقف المزيد من التنقيب عن الوقود الأحفوري سيكون “إشارة مهمة لكننا لم نر ذلك بعد”، مسار وكالة الطاقة الدولية نحو صافي الصفر بحلول عام 2050 والذي يجب اتباعه إذا كان الاحترار العالمي سيقتصر على 1.5 درجة مئوية – لا يتضمن أي استثمار جديد في إنتاج النفط والغاز.
ولا يزال النفط يشكل نسبة مهمة من الدخل بالنسبة للسعودية والدول الخليجية إضافة إلى عدد من دول الشرق الأوسط وهناك تزايد لإنتاج الغاز الطبيعي ودخل لبنان مؤخرا إلى نادي المنتجين.
في العقد الحالي وخصوصا في العامين الأخيرة ارتفعت أسعار النفط بسبب أزمة الطاقة العالمية، وواحدة من أسباب ما حدث هو تراجع الإستثمارات في مشاريع التنقيب عن الوقود الأحفوري، لذا فإن الشركات تعود مجددا إلى استكشاف المزيد من الفرص والبحث عن آبار جديدة لاستخراج الذهب الأسود في ظل تراجع الضغوط الأوروبية والغربية ضد هذه الصناعة.
ومع ذلك، سيظل الوقود الأحفوري مطلوبًا لبعض الوقت في البلدان التي تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لإنتاج أشكال الطاقة المتجددة.
وتستغل السعودية والإمارات ارتفاع النفط لزيادة استثماراتهما في الطاقة المتجددة، حيث تدرك القيادة في البلدين أن عصر الذهب الأسود يوشك أن ينتهي وأن السباق العالمي الحقيقي حاليا هو على الهيدروجين الأخضر والأزرق والطاقات المتجددة والنظيفة.
ولدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رؤية مختلفة وأفضل عن القيادات السابقة التي أهملت موضوع التغير المناخي بل وأيضا دعمت النظريات التي تؤكد أن التغير المناخي مجرد مؤامرة غربية لمحاربة الدول النفطية وكسر شركات البترول وهي نظرية تتبناها أيضا العديد من الأطراف الغربية التي تدافع عن الوقود الأحفوري.
واليوم في ظل ارتفاع درجات الحرارة والتطرف المناخي الواضح من خلال الفيضانات والحرائق الكبرى بالمنطقة والعالم والمجاعات التي تتقدم في أفريقيا وأجزاء من آسيا وأمريكا الوسطى لم يعد ممكنا للمرء انكار أن الطبيعة والأرض في حالة اضطراب حقيقية.
وتحرص السعودية ودول أوبك بلس في الوقت الحالي على إبقاء الأسعار عند مستويات جيدة لتحقيق الدخل ويعد رفضها زيادة الإنتاج خبرا سارا لمبادرات التقليل من انتاج الوقود الأحفوري لكنه سيء للعالم الذي لا يزال يعتمد على الوقود الأحفوري ولم ينجح بعد في الإنتقال إلى الطاقة المتجددة.
لكن الجانب السلبي أيضا من قرار خفض الإنتاج عوض انتاجه، هو أن منتجي الفحم وهو أكثر وقود مضر للبيئة سيزداد، وسيكون الإقبال عليه أكبر وهو ما يحصل في الهند والصين وباكستان وحتى عدد من الدول الأوروبية.
إقرأ أيضا:
تأثير سعر الفائدة على الأسهم والفوركس والنفط والذهب والشركات
أين تذهب أموال الغاز والنفط الجزائري؟ الجواب في قانون المالية 2023
توقعات أسعار النفط 2022 – 2023 بعد خفض الإنتاج
خيارات جو بايدن لمعاقبة السعودية على استخدام سلاح النفط
أسباب خفض إنتاج النفط مليوني برميل يومياً
تأثير قوة الدولار الأمريكي على أسعار النفط