
إذا كان المغرب يريد زيادة الصادرات من السيارات والملابس والمنتجات الغذائية والصناعية المختلفة وزيادة عدد السياح، فلا بد من تعويم الدرهم المغربي، وهو أيضا باب لتعظيم الاحتياطي النقدي.
ويشكل هبوط الجنيه المصري والليرة التركية والريال البرازيلي والراند جنوب أفريقي مقابل الدولار وبالتالي مقابل الدرهم المغربي هو أمر مؤلم للغاية خصوصا للشركات المغربية ومقدمي الخدمات في الأسواق العالمية ممن يجدون أن خدماتهم ومنتجاتهم تتوفر بأسعار أعلى من هؤلاء المنافسين.
في تركيا طلبت شركات صناعة الملابس والنسيج من الحكومة خفض الليرة أكثر زيادة الصادرات والمبيعات، لأن أسعار الملابس التركية لا تزال عالية في الأسواق الدولية التي تعاني من التباطؤ وتراجع الطلب بسبب تراجع القدرة الشرائية للناس، وهي تريد بذلك أن تبيع بأسعار مغرية وتزيد من مبيعاتها في هذه الفترة الصعبة وإلا ستضطر إلى تسريح 100 ألف موظف على الأقل.
ولا يختلف الوضع بالنسبة لصناعة الملابس والنسيج في المغرب أو حتى وتيرة التصنيع التي تحسنت بصورة مهمة خلال 2022 بسبب تراجع ملحوظ للدرهم المغربي أمام الدولار الأمريكي، والخطوة التالية كي تزدهر الصناعة هي السماح بخفض الدرهم المغربي بوتيرة أكبر.
ولا يمكن أن يحدث هذا حاليا، حيث البنك المركزي وضع نطاق محدد لسعر صرف الدرهم المغربي مقابل الدولار الأمريكي وهو الذي يتحكم في هذا النطاق حاليا.
ونفترض أنه غالبا عند تعويم الدرهم المغربي بالكامل سيتراجع مقابل الدولار ولن يختلف حاله عن الجنيه المصري والليرة التركية والريال البرازيلي والراند جنوب أفريقي وبقية عملات الأسواق الناشئة، لكن على الأقل يمكن القول أن سعره سيصبح حقيقيا وغير مصطنعا ما يمنح العملة المغربية المزيد من المصداقية والشفافية.
ويستمر المغرب في القيام بإصلاحات اقتصادية مهمة ترتكز على زيادة قوة القطاع الخاص وخصخصة القطاع العام، وفي شهر أكتوبر الماضي، أطلق الملك المغربي محمد السادس مبادرةً تهدف لضخ استثمارات بحوالي 50 مليار دولار على مدى 5 سنوات، بالتعاون بين الحكومة والقطاعين الخاص والمصرفي، لخلق 500 ألف فرصة عمل جديدة.
ويتمتع بثاني أكبر بورصة في أفريقيا والتي تقدر قيمة الشركات الموجودة بها بحوالي 55 مليار دولار، وهي عبارة عن 77 شركة متداولة ما يجعلها أكبر من بورصات الدول القريبة مثل مصر (41 مليار دولار) وتونس (8 مليار دولار) والجزائر (0.5 مليار دولار).
وبينما تراجعت البورصة المغربية كما هو الحال للبورصات حول العالم فقد ارتفعت أسهم الشركات التي تقدم منتجات وخدمات تصديرية.
من خلال تخفيض الدرهم المغربي عبر التعويم، يمكن للمملكة زيادة الصادرات لأن سلعها وخدماتها ستكلف أقل في السوق الدولية، هذا النوع من تخفيض قيمة العملة هو آلية شائعة لإنعاش الاقتصاد والإنتقال إلى دولة قائمة على الإنتاج.
في تصريحات لبلومبرج قال رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، أن الصادرات الصناعية للمغرب ستفوق 35 مليار دولار في 2022، على أن تتجاوز في 2023 ما قيمته 40 مليار دولار، أي بنحو 14% كزيادة على أساس سنوي.
ويمكن لانخفاض قيمة الدرهم المغربي أيضا أن يعزز من انتقال الشركات الغربية من الأسواق الأخرى إلى المملكة لتصنيع المنتجات والتصدير من السوق المغربية التي تحاول أن تكون منصة صناعية قوية في شمال أفريقيا سواء للأسواق الأوروبية أو الأفريقية أو نحو الأسواق الأمريكية أيضا.
وفيما يعد قطاع السياحة من أكبر القطاعات المهمة للمملكة والجاذبة للعملة الصعبة، فسيجعل التعويم المملكة أكثر جاذبية لمنافسة تركيا ومصر والدول الأخرى التي تراجعت عملاتها ولديها نقطة قوة قائمة على أن المعيشة فيها بالنسبة لأصحاب العملة الصعبة تصبح أرخص.
الأمر نفسه ينطبق على التحويلات التي تزداد قيمتها وتعني وصول أموال أكثر من بلدان أخرى بعملة أقوى، أيضًا يمكن أن يتسبب تخفيض قيمة العملة في جعل الأشخاص الذين ينتجون أشياء ويبيعونها في الخارج أو يكسبون أموالًا بعملة مختلفة المزيد من المال بسبب سعر الصرف الأفضل لعملتهم المحلية.
لكن بطبيعة الحال قد يتسبب التعويم في ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، خصوصا إذا تم رفع الدعم الحكومي أيضا، ونحن نعرف أن المملكة تستورد غالبا النفط والغاز الطبيعي وهي تعمل بشكل متسارع على الإنتقال إلى الطاقة المتجددة، لكن سريعا ما ستزداد تكاليف نقل البضائع خصوصا محليا لكن الخطوة الجريئة ستؤدي إلى تراجع الإستيراد والتوجه إلى المنتجات التي يتم انتاجها محليا.
ويعمل المغرب منذ سنوات على تطوير الصناعات المختلفة من الغذائية إلى السيارات وتنمية الفلاحة والصيد البحري، ويمكن للتعويم القادم أن يساعد على ازدهار هذه القطاعات ويدفع المحليين للإنتاج أكثر عوض الإستهلاك واستيراد الجاهز من الخارج.
إقرأ أيضا:
بورصة المغرب العملاقة أكبر من سوق الجزائر 110 مرة
لماذا أوقف المغرب تعويم الدرهم وما هو مستقبل العملية؟
كل شيء عن تراجع الدرهم المغربي مقابل الدولار الأمريكي خلال 2022
سعر الدولار واليورو مقابل الدرهم المغربي بعد التعويم الكامل
10 قطاعات ستستفيد من تعويم الدرهم المغربي وتراجع قيمته