مع تزايد العقوبات الأمريكية والأوروبية ضد روسيا، بدأ يشعر الروس بالضغوطات تصل إلى بلادهم، وأبسط مظهر من مظاهر ذلك هي طوابير الناس أمام ماكينات سحب الأموال بالدولار واليورو، وكذلك انهيار الروبل واغلاق البورصة الروسية إلى يومنا هذا.
على الرغم من أن الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أقاما علاقات قوية في السنوات الأخيرة في مواجهة الضغوط الغربية وانتقدت بكين استخدام الغرب للعقوبات ضد روسيا، لم تتدخل الصين لمساعدة موسكو.
علق البنك الآسيوي للإستثمار في البنية التحتية (AIIB)، وهو بنك تنمية تقوده الصين، جميع الأعمال التجارية مع روسيا وبيلاروسيا في 3 مارس، وهي علامة محتملة على القيود المفروضة على علاقة بكين وموسكو، وبالمثل علق بنك التنمية الجديد ومقره شنغهاي التعامل التجاري مع روسيا في نفس اليوم.
ومع ذلك، فقد تعززت العلاقات الإقتصادية بين البلدين في السنوات الأخيرة، مع ارتفاع التجارة الثنائية لتحويل الصين إلى أكبر شريك تجاري لروسيا حيث سعت الدول إلى التعامل أكثر باليوان الصيني، وهو خارج النظام المالي بالدولار الأمريكي.
وفقًا لتقرير لرويترز، تسارع الشركات الروسية أيضًا إلى فتح حسابات بنكية صينية على أمل التحايل على أسوأ الآلام الاقتصادية الناجمة عن العقوبات، في حين ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز في 4 مارس أن المستثمرين يراهنون بشكل متزايد على قيام بكين بتعزيز التجارة مع روسيا لتخفيف حدة الأزمة.
ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الصين في دعم الاقتصاد الروسي؟
لدى بكين العديد من الخيارات، وهو وضع سيء للغاية بالنسبة لروسيا لأن روسيا مُصدِّر صافٍ، لكن الإتحاد الروسي يعتمد في صادراته النفطية على الإتحاد الأوروبي.
يمكن للصين شراء هذا النفط الإضافي لكن لا يبدو أنها مستعدة لذلك والعلاقة التجارية الخارجية الرئيسية لروسيا هي مع الصين.
ومع ذلك فإن العلاقة التجارية الخارجية الرئيسية للصين هي مع الولايات المتحدة، لذا فإن ما رأيناه حتى الآن هو أن الصين كانت تنفذ العقوبات الأمريكية بهدوء شديد.
وخير مثال يمكننا النظر إليه هي العقوبات ضد كوريا الشمالية وإيران، حيث حددت الصين بشكل أساسي بعض البنوك التي ليست جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد والتي يمكنها العمل مع إيران وكوريا الشمالية، وإذا تمت معاقبتهم فهذه خسارة مقبولة، المهم أن لا تتورط البنوك الصينية المهمة التي تحتفظ بمدخرات الصينيين.
يمكن للصين أن تفعل شيئًا واحدًا هنا، وهو شراء المزيد من السلع الروسية، لكن لا يبدو أنها على استعداد للقيام بذلك، وليس لدى روسيا العديد من السلع المختلفة التي ترغب الصين في شرائها.
العلاقة بين روسيا والصين علاقة تبادلية للغاية، إنها ليست علاقة قائمة على ايديولوجية، كلاهما يكره الولايات المتحدة ويكره النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن بصرف النظر عن ذلك لا توجد قواسم مشتركة قوية.
ما مدى احتمالية أن تمضي الصين قدمًا في مساعدة الاقتصاد الروسي في الوقت الذي يمر فيه بحالة من التدهور؟
باستثناء الطاقة والقمح، والتي لم يتم التطرق إليها لأن هذه صادرات روسية تذهب أيضًا إلى أوروبا، لا توجد بالفعل العديد من الخيارات.
ما يمكن أن تفعله الصين هو شراء المزيد من النفط، لكن امكانياتها محدودة في ظل اعتمادها على موردين مختلفين مثل ايران والسعودية ودول الخليج العربي.
في المقابل لا تنتج روسيا العديد من السلع التي تحتاج إليها حليفتها في بكين، ولهذا السبب نجد أن إمكانيات الصين لمساعدة روسيا محدودة.
لماذا ستساعد الصين روسيا؟ تستفيد بكين من ضعف روسيا اقتصاديًا، لا تضع في اعتبارها مصالح روسيا الفضلى، وليست مهتمة بأن تصبح موسكو قوية اقتصاديا كي لا تنافسها.
الصين ببساطة ليس لديها الحوافز للقيام بذلك، إذا كانت لديها الحوافز فلن يكون لديها الكثير من الطرق التي تقصر عن تقديم قروض ضخمة، وهذه القروض الضخمة ستكون في الأساس مساعدات ونعتقد أن الصين لا تريد أن تفعل ذلك.
في المقابل لا تريد روسيا أيضًا أن يُنظر إليها على أنها مجرد تتلقى مساعدات، فهي لا تزال تريد أن يُنظر إليها على أنها قوية.
تدافع الصين عادة عن مصالحها وهو كل ما يهمها، لهذا إلى الآن ليست متورطة في حرب عسكرية، وإلى الآن تتبع الدبلوماسية في ملف تايوان وصراع بحر الصين مع اليابان والفلبين وفيتنام وبقية الدول.
ولا ينبغي أن لا ننسى أن بكين لا تريد تصعيدا في الحرب التجارية مع واشنطن فهناك مبادلات تجارية بينهما تتعدى 700 مليار دولار مقابل 150 مليار دولار التي يتم تبادلها مع روسيا.
إقرأ أيضا:
حصار روسيا: هل سينهار الإقتصاد الروسي وكيف ذلك؟
غزو روسيا لأوكرانيا يسرع الإنتقال إلى الطاقة النظيفة
الروبل الرقمي وعملة بيتكوين ضد العقوبات الأمريكية على روسيا
عدوان روسيا يغير ألمانيا وينهي زمن التقشف الأوروبي
مشاكل التجارة الإلكترونية بسبب غزو روسيا لأوكرانيا