الإنتخابات الرئاسية الأمريكية هذه المرة مختلفة عن تلك التي أجريت خلال السنوات الماضية، خصوصا وأنه يجب أن تتمخض عن رئيس أمريكي قوي الشخصية ولديه نظرة ثاقبة لتجاوز التحديات التي تحاصر الولايات المتحدة الأمريكية من كل جهة، والتي لا يمكن الفرار منها وبقاء الوضع على ما هو عليه الآن قد ينتج عنه انهيارا لهذه الأمة أو تجاوز الصين لها في صمت.
بعد 8 سنوات من حكم الديمقراطيين بقيادة أوباما لم تستطع أمريكا التخلص من تبعات الأزمة المالية لسنة 2008 والتي ألقت بظلالها على المستوى المعيشي للملايين من الأمريكيين، وهي التي اندلعت في آخر عام من حكم الجمهوريين بقيادة جورج دبليو بوش.
بل إن عددا من المحللين و أكثر من 54 في المئة من الشعب الأمريكي غير راضون عن سياسة أوباما وعن المكتسبات التي تحققت أثناء فترة حكمه التي شارفت على الإنتهاء، فقد ازداد الدين العام للبلد وازدادت تكاليف الرعاية الصحية وازدادت الشركات التي تعاني في السوق الأمريكية والتي تواصل تسريح الموظفين والعمال مضيفة بذلك المزيد من العاطلين، ولا تنسى أيضا تزايد تكاليف المعيشة والغداء بشكل ملحوظ.
ومهما حاولت الآلة الإعلامية الأمريكية الترويج للعكس فهي فقط تحاول من خلال تلك التقارير الإيجابية طمأنة الأسواق بأن الاقتصاد الأكبر في العالم يتعافى وأن الأمور ستكون بخير، بينما تؤكد الوقائع والأرقام يوما بعد يوم أن العكس هي الحقيقة.
يدخل المرشحين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون إلى الإنتخابات الرئاسية الحالية بوعود كبيرة ومهمة للناخبين الأمريكيين، وفي مقدمتها بناء أمريكا القوية، أمريكا التي توفر الوظائف للجميع، والرفاهية للجميع والتعليم الجيد والرعاية الصحية المناسبة وهي كلها شعارات تتعلق بالإقتصاد الذي يظل أهم شيء بالنسبة للشعب الأمريكي ولشعوب العالم كافة.
ولأن دونالد ترامب رجل أعمال وذات خبرة في الميدان العملي و الإقتصادي عكس السياسية المحنكة هيلاري كلينتون، فمن الطبيعي أن يتعاطف رجال الأعمال وأصحاب الشركات معه، لكن ما يحصل حقيقة يشير إلى العكس ويكفي أن تعلم بأن جوجل، فيس بوك، آبل، أمازون متحالفون ضده وهم لا يرغبون في أن يتولى الحكم أبدا.
من جهة أخرى ينبغي أن تعرف بأن المستثمرين الكبار امثال وارن بافت على خلاف حاد مع دونالد ترامب حول العديد من المواضيع الإقتصادية وقدرته على قيادة الإقتصاد الأمريكي نحو التعافي.
- دونالد ترامب رجل أعمال مخادع ومتهور
بالعودة إلى قصة الملياردير دونالد ترامب نجد أنه اشهر افلاسه 4 مرات في الحقيقة، ويكفي أن تعرف أن “ترامب بلازا” أغلق خلال 2014 و ”ترامب مارينا” بيع قبل 5 سنوات بخسارة فيما ”ترامب تاج محل” الذي بيع أيضا.
ويرى معارضوه أنه كما اشهر افلاس شركاته أربعة مرات متتالية حافظ من خلالها على مكاسبه المادية، فيما المساهمون تحطموا ماليا ومئات الأشخاص فقدوا وظائفهم قد يدفع الولايات المتحدة الأمريكية لفعل ذلك كاستراتيجية للتخلص من الديون ما سيشعل الفوضى في العالم وهذا منطقيا غير ممكن في اقتصاد الدول المختلف عن اقتصاد الشركات.
ويكفي أن تعرف أنه هذا الرجل رفعت عليه أكثر من 3500 دعوى قضائية خلال 30 عام الماضية، مجملها من المستثمرين والعمال الذين يتهمونه بأنه طردهم دون أن يدفع لهم مستحقاتهم المالية.
شركة “The Sage of Omaha” الخاصة بالأعمال الفندقية التي دخلت إلى البورصة عام 1995 ظلت تخسر 10 سنوات خسر خلالها المستثمرون 90% من أموالهم فيما حصل ترامب على تعويض قدره 44 مليون دولار.
هذا يعني للمستثمرين ومجتمع الأعمال الأمريكي أنه رجل أعمال مخادع ومتهور أيضا ويفكر بأنانية، وأنه عوض أن يجلب الرخاء فقد يزيد الطين بلة.
- في حال فوز دونالد ترامب سيكون كارثيا على الأسهم الأمريكية
منذ فترة طويلة والمراقبين يحذرون من فوز دونالد ترامب، حيث سيدفع المستثمرين في أسواق المال إلى القلق والتشاؤم بخصوص المستقبل ومن هنا سيعملون على بيع أسهمهم والتصرف على نحو سلبي، فمؤشر الأسهم الأمريكية “إس آند بي 500” الذي اكتسب هذا العام 6% سيخسر على الأرجح 8% من قيمته.
ولا يثق أغلب المستثمرين في الإجراءات التي ينوي دونالد ترامب اتباعها لجعل أمريكا عظيمة مجددا، فيما هذا لا يعني أن منافسته مثالية إذ غالبا سياستها ستكون مشابهة لسياسة باراك أوباما.
نهاية المقال:
فوز دونالد ترامب سيكون كارثيا على الأسهم الأمريكية، إنه اجماع المحللين والخبراء في أسواق المال بالوقت الراهن، وهذا لا يعني أن أمريكا ستتجاوز أزمتها المالية في حال فوز منافسته هيلاري كلينتون فهي الأخرى لا تبدو سياستها جيدة وهي تشبه كثيرا سياسة باراك أوباما الفاشل في الإقتصاد.