الأزمة المالية لسنة 2008 كانت عسيرة على الشركات وأسواق المال الأمريكية والعالمية، وبالتالي فإن المستثمر الناجح الشهير وارن بافت مؤسس شركة Berkshire Hathaway والرئيس التنفيذي لها، وهو المستثمر في قطاعات مختلفة ومنها التقنية والسيارات والعقارات والبنوك والصناعات المختلفة الأخرى، وحاليا هو ثاني أغنى رجل في العالم بثروة تقدر بحوالي 73.4 مليار دولار قد تضرر من نيرانها التي حولت وول ستريت إلى جحيم.
كبقية رجال الأعمال والمستثمرين في البورصة والشركات المختلفة فقد خسر وارن بافت حوالي 25 مليار دولار خلال ذلك العام الذي كان أسودا على النظام المالي العالمي، وكما اعترف وارن بافت فقد شكل انفجار فقاعة الرهن العقاري وافلاس عدد من البنوك الأمريكية صدمة له شخصيا في الوقت الذي ذهل فيه الملايين من المستثمرين حول العالم نتيجة الفوضى التي أعقبت إندلاع الأزمة.
شبه الرجل الذي يلقب بحكيم أوماها ما حدث بأنه أكبر انتكاسة للولايات المتحدة الأمريكية والعالم بعد الهجوم الياباني على قاعدة بيرل هاربور والذي كان سببا مباشرا لتدخل أمريكا الحرب العالمية الثانية.
كيف تعامل وارن بافت مع أزمة 2008 وحولها إلى فرصة لزيادة ثروته وليس خسارتها والهروب من البورصة كما فعل الغالبية من المستثمرين؟ هذا ما سنتطرق إليه في هذا المقال بالتفصيل.
-
في الوقت الذي هرب فيه القطيع من البورصة قرر البقاء هناك
الكثير من المستثمرين أثناء الأزمات يهرعون إلى سحب الاستثمارات من البورصة وضخها في شراء الذهب والفضة حفظا لما تبقى لهم من المال.
الخسائر في هذه الحالة تكون متسارعة فالأغلبية تبيع سواء الكبار أو الصغار على حد سواء والشركات تتدخل لشراء أسهمها من المستثمرين وتمويل العملية التي تكلفها المزيد من الخسائر.
بالنسبة للسيد وارن بافت فقد أبقى على استثماراته في البورصة، وخاطر بأصوله وأمواله وهو يعرف أن الكثير من الأسهم التي اشتراها وخسرت قيمتها في ذروة الأزمة ستعود لترتفع قيمتها لاحقا مع عودة المستثمرين إلى أسواق المال لهذا أبقى عليها ولم يعمل على بيعها.
-
استثمر في شركات كانت تعيش خطر الإنهيار
في ذروة أزمة 2008 كادت أن تعلن الكثير من الشركات افلاسها بعد أن أفلست عدد من البنوك والشركات المالية التي تمول صفقات العقارات.
استثمر في بنك غولدمان ساكس الاستثماري Goldman Sachs والذي تورط في اشعال أزمة الرهن العقاري وهو البنك الذي دفع فيما بعد 5.1 مليار دولار لوزارة العدل الأمريكية كغرامة على تورطه كما هو الحال مع قائمة طويلة من البنوك والمؤسسات المالية التي تمول الصفقات وتشجع على السلوكيات التي أشعلت الأزمة.
أيضا فقد استثمر بضعة ملايين دولارات في شركة جنرال إلكتريك General Electric وقام بضخ الأموال في بنك أوف أمريكا Bank of America وهو البنك الذي واجه أيضا ضغوطات الأزمة، لكنه كان يعلم بأن هذه المؤسسات ستتجاوز المحنة وستعود للربحية.
كما أنه ضخ الأموال أيضا في ويلز فارجو Wells Fargo التي كانت تعاني بشدة وهي شركة خدمات مالية عملاقة أمريكية متعددة الجنسية تضررت أيضا من الأزمة، فيما لا ننسى أيضا أنه استثمر أيضا في بنك يو اس بانكورب U.S. Bancorp.
كل هذه المؤسسات وأخرى كانت تخسر قيمتها السوقية بصورة مرعبة وهو استغل الفرصة وحصل على الملايين من الأسهم بنصف قيمتها وأقل، وراهن على أنها ستعود عليه بالملايين من الدولارات بعد الأزمة وقد كان محقا.
-
استخدم نفوذه في السيطرة على الأزمة المالية
كونه رجل أعمال ناجح ولديه سمعة جيدة فإن وارن بافت قد استخدم نفوذه من خلال الاجتماعات التي عقدها مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأقنعه بضرورة ان تتدخل الحكومة بصورة أكبر لتهدئة أسواق المال وقد تدخلت فعلا وأنقذت على سبيل المثال لا الحصر شركة جنرال موتورز التي تملك فيها الحكومة الأمريكية 60,8% من الحصة قبل أن تقدم على بيعها بالتدريج بعد عاصفة الأزمة التي أوشكت أن تضع حدا لأكبر تجمع صناعي للسيارات في أمريكا.
-
تعامل مع أزمة شركته Berkshire Hathaway الاستثمارية بحكمة
في أوج أزمة 2008 وجدت شركة وارن بافت الإستثمارية نفسها تخسر بشكل كبير قيمتها السوقية أيضا في البورصة مع هروب المستثمرين، لتخسر الشركة نحو خمس قيمتها السوقية، فيما خسرت تصنيفها الائتمانية وفشلت في الصمود ضمن أكثر الشركات الاستثمارية روعة في العالم.
عملت شركته بصورة كبيرة خلال 2008 و 2009 على شراء المزيد من أسهم الشركات المتضررة التي يظن أن لها مستقبل مبهر بعد هذه الفترة الحرجة، فيما استثمرت أيضا في ديون شركات مختلفة، ومن ثم عملت في السنوات التالية على تقليص ضخ الأموال في الشركات والعمل على جني الثمار مع تعافي البورصات العالمية.
وبالطبع استعادت الشركة سمعتها واستطاعت أن تسترجع قيمتها المفقودة بل وأن تصبح أكبر مما كانت عليه فيما أصبح وارن بافت أكثر ثراء بعد هذه الأزمة التي حولها إلى فرصة.
نهاية المقال:
يعتبر وارن بافت أن أسوأ أزمة مالية عاشها كمستثمر ورجل أعمال هي التي حصلت خلال 2008 والتي كانت مباغتة للأسواق بالرغم من تحذيرات بعض المحللين طيلة الأشهر التي سبقت الإنفجار، وقد أصبح أكثر حذرا لكن في ذات الوقت ينظر إلى الأزمة على أنها فرصة كبيرة لمن ينظر إليها على أنها كذلك.
تابع معنا سلسلة مقالات إدارة الأزمات ولا تنسى أن تشارك هذا المقال مع الأصدقاء.