استقبلت إسرائيل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025 بترحاب كبير وكذلك في عدد من دول العالم التي استفادت من ولايته السابقة.
في المقابل تشعر الصين وإيران بقلق كبير من هذه العودة، ويبدو أيضا أن الفلسطينيين يعرفون أن نتائج الإنتخابات الأمريكية لعام 2024 ليست في مصلحتهم.
دونالد ترامب الإسرائيلي الهوى
فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة بمثابة خبر سار لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي راهن عليه، خصوصا وأن الديمقراطيين مع حل الدولتين.
منذ بدء الصراع في غزة في السابع من أكتوبر من العام الماضي، اتهم ترامب الرئيس بايدن بمنع إسرائيل من مواصلة حربها.
يرى دونالد ترامب الذي يحظى بدعم قوي من اليمين المسيحي المتحالف مع الصهيونية العالمية، أنه من حق إسرائيل القضاء على خصومها وعلى رأسهم إيران.
وحث ترامب إسرائيل على “إنهاء المشكلة” مع حماس، مؤكداً أن العنف يجب أن ينتهي بسرعة لاستعادة السلام.
ووصف هجمات السابع من أكتوبر التي شنتها حماس، والتي أسفرت عن خسائر إسرائيلية كبيرة، بأنها “غزو مروع” لم يكن ليحدث لو كان رئيساً.
وقد دعم ترامب باستمرار تصرفات وسياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال هذه الأزمة مقارنة مع بايدن الذي كان يحاول الضغط من أجل إيقاف الحرب وحل الدولتين.
دونالد ترامب سيواجه الحركة الفلسطينية
في مايو، وعد ترامب بقمع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، قائلاً: “إذا انتخبتموني، وكان يجب أن تفعلوا هذا حقًا… فسوف نعيد هذه الحركة إلى الوراء 25 أو 30 عامًا”.
الحركة الفلسطينية للإحتجاج من أجل إيقاف الحرب وصلت إلى شن العنف اللفظي وحتى التهديد المادي والجسدي لليهود والمتعاطفين مع إسرائيل.
وهذه الحركة هي نتاج تحالف إسلامي يساري في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما، ويشارك فيها المثليين والناشطين الذين يدافعون عن الأقليات والحقوق الفردية.
كما يحظى ترامب بشعبية بين الجمهور الإسرائيلي، حيث أظهر استطلاع رأي حديث أن 66٪ من الجمهور يفضلونه على نائبة الرئيس كامالا هاريس.
ويؤمن دونالد ترامب بحق وجود دولة إسرائيل وهو مستعد لمواجهة الاحتجاجات في الولايات المتحدة بقوة ومواجهة معاداة السامية المتصاعدة منذ 7 أكتوبر.
قال أفيف بوشينسكي، المعلق السياسي ورئيس أركان نتنياهو السابق: “تجربته مع الجمهوريين جيدة جدًا … على عكس الديمقراطيين الذين هم أكثر صرامة معه”.
دونالد ترامب يعتبر القدس عاصمة لإسرائيل
في السادس من ديسمبر 2017، اعترف دونالد ترامب رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل، مما شكل تحولا كبيرا في السياسة الخارجية الأميركية.
وقد رافق هذا الاعتراف إعلانه عن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، تنفيذا لوعد قطعه منذ فترة طويلة خلال حملته الرئاسية.
وبرر ترامب هذه الخطوة بقوله إن “إسرائيل دولة ذات سيادة ولها الحق، مثل أي دولة ذات سيادة أخرى، في تحديد عاصمتها”، وأكد أن هذا القرار هو اعتراف بالواقع وليس موقفا بشأن الوضع النهائي للقدس.
وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقرار ووصفه بأنه “حدث تاريخي”، مؤكدا أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام دون الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وحظي الإعلان بدعم واسع النطاق من مختلف الفصائل السياسية الإسرائيلية.
ولا يزال دونالد ترامب مع خطته للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي تشمل تسليم القدس بأكملها لدولة إسرائيل التي ستكون الضامن للحريات الفردية والدينية هناك.
انهاء الحرب في غزة لكن بشروط إسرائيلية
في أعقاب فوزه الانتخابي الأخير، كرر دونالد ترامب التزامه بإنهاء الصراع في غزة بشروط مواتية لإسرائيل، ويشير نهجه إلى استمرار الدعم القوي لإسرائيل مع الدعوة إلى حل سريع للعنف المستمر.
أكد ترامب أنه يريد من إسرائيل “إنهاء المهمة” ضد حماس، وهو ما يعكس توافقا قويا مع الأهداف العسكرية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفي محادثات مع نتنياهو، حثه ترامب على إنهاء العمليات العسكرية في غزة قبل تنصيبه، مما يشير إلى رغبته في تحقيق نصر إسرائيلي حاسم قبل توليه منصبه.
أعرب ترامب عن نيته الواضحة لإنهاء الصراع بسرعة، فقد صرح في مقابلة قائلاً: “انتهوا من هذا الأمر ولنعد إلى السلام ونتوقف عن قتل الناس”، مسلطًا الضوء على تركيزه على الحد من الأعمال العدائية مع الحفاظ على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، ويتماشى هذا الشعور مع سرد حملته الأوسع نطاقًا لاستعادة الاستقرار في الشرق الأوسط.
ويشير المحللون إلى أن انتخاب ترامب قد يعيق مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية، حيث يبدو نتنياهو أكثر ميلاً إلى انتظار إدارة ترامب بدلاً من الرضوخ للضغوط من إدارة بايدن.
إن نهج ترامب يثير المخاوف بين المدافعين عن الفلسطينيين والمنظمات الإنسانية بشأن احتمالات زيادة العنف وسقوط ضحايا من المدنيين.
ومن المتوقع أن توفر سياسات إدارته لإسرائيل قدراً كبيراً من الحرية في عملياتها العسكرية، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث وردت تقارير عن مقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني منذ تصاعد الصراع.
دعم إسرائيل في مواجهة إيران وبقية وكلائها
يأمل دونالد ترامب في الوصول إلى السلام بالشرق الأوسط من خلال مواجهة إيران وبقية وكلائها والقضاء عليهم ودفع العرب والإسرائيليين إلى السلام الحقيقي.
أولوية الولايات المتحدة الأمريكية هي مواجهة الصين ومناطق ساخنة جديدة في العالم بدلا من استنزاف قوتها في الشرق الأوسط وتحويل المنطقة إلى طرق تجارية بين الهند والغرب.
لن يسمح دونالد ترامب بأن تضرب إيران إسرائيل كما حدث في عهد بايدن، وأن تكون المواجهة بين البلدين محدودة كما رأينا سابقا، بالعكس في حال حصل ذلك ستضرب الولايات المتحدة الجمهورية الإسلامية في ايران.
ولن تتدخل روسيا الغارقة في المستنقع الأوكراني والتي سحبت نظام اس 300 من دمشق، وسمحت لإسرائيل بضرب وكلاء إيران في سوريا، وكذلك لن تتدخل الصين التي تعاني اقتصاديا منذ أزمة كورونا.
ومن بين الخطوات الأخرى التي أسعدت إسرائيل من قبل هو انسحاب ترامب من الاتفاق مع إيران بشأن تطوير الأسلحة النووية، وكذلك اغتياله للضابط العسكري الإيراني البارز قاسم سليماني.
وفي ظل وجود رئيس حازم في البيت الأبيض ستدعم الدول الخليجية هذه المغامرة للتخلص من العدو الأكبر لها وهي إيران.
الرئيس الراعي لعملية التطبيع العربي الإسرائيلي
أثناء رئاسة ترامب، أشرفت الولايات المتحدة أيضًا على تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية، وقد قاد هذه الاتفاقيات صهر ترامب جاريد كوشنر والمعروفة باسم اتفاقيات إبراهيم.
وقد أدت إلى اعتراف الإمارات العربية المتحدة والمغرب والسودان والبحرين بدولة إسرائيل، ويمكن أن تنضم السعودية إلى هذه الصفقات.
اتفاقيات إبراهيم هي سلسلة من الاتفاقيات التي تهدف إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، مما يمثل تحولاً كبيراً في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.
وتمثل هذه الاتفاقيات، التي تم توقيعها في عام 2020، انحرافًا عن الإجماع العربي الراسخ على عدم الاعتراف بإسرائيل حتى يتم حل القضية الفلسطينية.
تم توقيع الاتفاقيات الأولى بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة في 13 أغسطس 2020، تلاها البحرين في 11 سبتمبر 2020.
وتم التوقيع عليها رسميًا في حفل أقيم في البيت الأبيض في 15 سبتمبر 2020، وفي وقت لاحق، وافقت السودان والمغرب أيضًا على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.