
لا تمر مناسبة مهما كانت طبيعتها وأبعادها إلا واستغلتها الصفحات العامة على فيس بوك لابتكار أخبار مزيفة وتداولها وحصد تفاعل كبيرة وشهرة أكبر والسلام عليكم!
إنها ظاهرة تتكرر كل يوم، حتى أنها حدثت مؤخرا في قضية الدفاع عن القدس، المدينة التي اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنها عاصمة للكيان الصهيوني، بينما عارضت الدول الاسلامية وكذلك أوروبا والصين وروسيا هذه الخطوة بشدة.
ما أن اعترف الرئيس الأمريكي بهذه الخطوة حتى انشغلت وسائل الإعلام بالتغطية للتطورات، لكن على فيس بوك هناك انشغال خاص بتداول خبر مزيف مفاده: اردوغان يطرد السفير الاسرائيلي ويغلق السفارة ويمهل القوات الامريكية 48 ساعة لمغادرة انجرليك.
وصلت إلى الخبر من خلال بحث فيس بوك الذي يزخر بالمنشورات المغلوطة ويساعدني في الوصول إلى الفوضى التي اعتزلتها منذ ماي الماضي حيث حذفت حسابي على خلفية انتشار الأخبار المزيفة وخطاب الكراهية بهذه المنصة.
بالبحث عن الخبر أجد أنه متداول فقط على فيس بوك بكثرة، بصورة اقل هناك مدونات هواة تناقلته وعددها قليل جدا، بينما لم يظهر لي الخبر على جوجل نيوز، الخدمة الإخبارية من جوجل.
من محبي الطيب أردوغان نحو صفحات سياسية واجتماعية، تناقلت الصفحات العامة على فيس بوك هذا الخبر دون التحقق من صحته.
والأسوأ أن معظم المتفاعلين يكبرون ويهللون ويشاركون الأكذوبة التي صدقوها دون تحقق أو تمحيص، ليتأكد مجددا أن مستخدمي فيس بوك يصنعون الأكاذيب ويصدقونها.
الهدف من ذلك المنشور أو الخبر هو الهجوم مرة أخرى على القادة العرب واستغلال الفرصة لممارسة خطاب الكراهية الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، والتأكيد مرة أخرى من عشاق الزعيم التركي على أنه حامي حمى القدس وفلسطين، وحتى إن كان ذلك صحيحا فالترويج له من خلال أخبار مزيفة يضرب الحق بالباطل ويختلط الحابل بالنابل.
مر شهر تقريبا عن الخبر المزيف المتداول على نطاق واسع بموقع فيس بوك، ولم يتحقق ما جاء في فحواه أو حتى أن تتناقله وسائل الإعلام الرئيسية منها التي تدافع عن تركيا وقيمها.
ويبدو ان آفة ابتكار الأخبار المزيفة ومشاركتها وحصد التفاعل القوي ستستمر في عالمنا العربي والاسلامي، بينما سيواصل الرأي العام المحلي قمع وتجاهل الحرب على هذه الآفة، وسيستمر التهليل والتكبير والتصديق دون تمحيص ولا تحقيق وهذا في صالح صناعة التزييف والوهم.