بينما تنزف الجزائر ويتداعى اقتصادها يخرج علينا الرئيس الجزائري باستعراض بهلواني آخر، حيث شن هجوما على صندوق النقد الدولي وكذلك المغرب وإسرائيل.
فيما يخص المغرب وإسرائيل فقد لوح بحرب عسكرية لا هوادة فيها إذا ما تعرضت بلاده لاعتداء عسكري أو أمني في الأيام القادمة.
تصريحات نارية تشعر الجزائريين بأنهم في حالة حرب فعلا وأن مشاكلهم الاقتصادية قادمة من الخارج وليست من افتعال النظام العسكري الذي نهب المليارات من الدولارات وأنفق الكثير من الأموال على التسليح ودعم الإنفصال في المغرب لعقود طويلة.
قبل يومين حذر صندوق النقد الدولي السلطات الجزائرية، من أن الإنهيار الإقتصادي الخطير يمكن أن يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، وأن الاقتصاد الجزائري بحاجة إلى إصلاحات هيكلية.
والحقيقة أن كلام الصندوق الشهير ليس كذبا أو إهانة، بل هي حقيقة يعترف بها حتى عددا من المسؤولين والمحللين الجزائريين.
تحتاج الجزائر إلى إيقاف انهيار الدينار الجزائري وإلى إصلاحات جذرية، وهي بلد تعاني من الطوابير على الحليب والخبز والكتب المدرسية بل وتطرقت وسائل اعلام محلية مثل الشروق الجزائرية إلى خطر انقراض الدجاج.
ورغم أن الجزائر دولة تنتج النفط والغاز، إلا أنها عانت منذ انهيار الذهب الأسود عام 2014، وواجه النظام مشاكل في التمويل وأقبل على الإستدانة الداخلية.
لكن النظام العسكري الذي يعشق لغة الشعارات والعنتريات الفارغة، يرفض الإستدانة الخارجية معتقدا أن غياب الديون الخارجية هو انجاز كبير ومهم.
حسنا هذا الإنجاز غير مهم بالنسبة للشعب المغلوب على أمره والمواطن العادي الذي لا يهمه سوى الرغيف اليومي والحصول على الحقوق الأساسية.
ما دامت أسعار الأغذية والمواد الأساسية في تزايد ويجد المواطن مشاكل في الحصول على الخبز وعدد من المواد، فإن التحرر من الديون الخارجية ليس له أي قيمة.
أصبحت اليوم الديون الخارجية للدول جزء لا يتجزأ من مشهد النظام العالمي، لا توجد دولة ليس عليها ديون خارجية، لا أمريكا نفسها ولا اليابان ولا ألمانيا ولا تركيا ولا السعودية.
بل إن العديد من الدول تستغل أسعار الفائدة المنخفضة حاليا في العالم للإستدانة واستثمار تلك الأموال في القيام بإصلاحات وإنشاء مشاريع لها عوائد جيدة على المدى الطويل.
في المنطقة نجد مصر التي تعد أكثر دولة تعاونت مع صندوق النقد الدولي، والتي تغير وضعها من سيء قبل تعويم الجنيه المصري عام 2016، إلى دولة حاليا لا تعاني من انقطاع الكهرباء بل تصدره، ولديها أكبر محطة لتحلية المياه وأكبر محطة لمعالجة المياه في العالم، والعاصمة الجديدة التي تعد متقدمة، إضافة إلى قيام السلطات بإنشاء مدن جديدة، وإطلاق مشروع أطول قطار كهربائي في المنطقة.
وتعد مصدر جاذبة للإستثمارات، ولديها أيضا استثمارات متنامية في مختلف الدول بما فيها دول أفريقية تستثمر في فلاحتها وتأمين الأمن الغذائي.
والحقيقة أنه لا مجال للمقارنة بين البلدين رغم أن القيادة العسكرية هي الأبرز في كلاهما، إلا أن القيادة المصرية تتحمل مسؤولية أكبر وتتصرف بشكل أفضل وهي تدرك التحديات والمنافسة الدولية في المنطقة.
أما الجزائر فهي دولة في طريقها لتصبح فنزويلا، علاقاتها بالجوار سيئة، ولديها خلافات كثيرة وتستثمر معظم أموالها في التسلح والإستعداد لحرب وهمية، وهي تعاني من انهيار الدينار الجزائري ومشاكل كبرى لن تحل فقط بالإستدانة بل بتغيير عقلية القيادة الجزائرية بنسبة 180 درجة.
تعيش القيادة الجزائرية دور البطولة على شعبها وتحاول اخبارهم بأن هناك حرب ومؤامرة دولية ضدها، وأن إسرائيل والمغرب ودول أخرى هي السبب وراء التدهور الاقتصادي، وهذا في صالحها كي لا تتعرض للمساءلة من الشعب الغاضب والذي يطالب بتغيير أكبر من مجرد تغيير الوجوه.
ولا يحتاج صندوق النقد الدولي إلى التعامل مع الجزائر فهناك دول كثيرة بحاجة إلى مساعدته وتتعامل معه وهي تحقق تقدما للخروج من أزماتها.
بدون الإستدانة لم يكن للصين أو اليابان أو غيرها من الدول الأخرى الناجحة تحقيق الطفرة الإقتصادية، وهذه واحدة من قواعد الرأسمالية والنظام العالمي الذي نعيش فيه.
على الجزائر أن تستيقظ وتلعب اللعبة الدولية بقواعدها إذا كانت ترغب في تحقيق التقدم الإقتصادي، وإلا عليها أن تستعد للمزيد من التدهور.
إقرأ أيضا:
مصالح نيجيريا في اختيار أنبوب الغاز المغربي ومنافسه الجزائري
أسباب طرد المغاربة المقيمين من الجزائر
دور الجزائر في انقلاب غينيا 2021 وحرب الغاز ضد المغرب
تحالف انهاء الوقود الأحفوري ضربة لنيجيريا والجزائر والسعودية
لماذا تحاول الجزائر افشال مشروع الغاز النيجيري المغربي؟