مع تداول خام الأورال الروسي بخصم مقارنة بالمعايير العالمية مثل خام غرب تكساس الوسيط (WTI)، تواجه الحكومة الروسية تحديات مالية متزايدة.
اعتبارًا من 23 أبريل 2025، انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط (WTI) إلى أقل من 70 دولارًا للبرميل لمدة 37 يومًا هذا العام، منها 13 يومًا انخفض فيها إلى أقل من 65 دولارًا وهذا أمرٌ بالغ الأهمية.
تستعرض هذه المقالة الخسائر اليومية التي تتكبدها روسيا جراء انهيار أسعار النفط، وتأثير ذلك على احتياطياتها المالية، بالإضافة إلى التبعات الاقتصادية والجيوسياسية الأوسع.
انهيار أسعار النفط وميزانية روسيا
تعتمد ميزانية روسيا لعام 2025 على افتراض أن متوسط سعر خام الأورال سيبلغ 69.70 دولارًا للبرميل، لكن أسعار النفط العالمية تواجه ضغوطًا مستمرة، حيث تم تداول خام غرب تكساس الوسيط دون 70 دولارًا للبرميل لمدة 37 يومًا هذا العام، منها 13 يومًا دون 65 دولارًا.
تاريخيًا، يُتداول خام الأورال بخصم يبلغ حوالي 10% مقارنة بخام غرب تكساس الوسيط، وذلك بسبب تركيبته الأثقل والأكثر كبريتية، مما يجعله أقل جاذبية للمصافي.
يمكن أن يتسع هذا الخصم أو يضيق بناءً على عوامل مثل العقوبات، الطلب العالمي، وتكاليف التوجيه، لكن الفجوة الأساسية تظل قائمة.
عندما تنخفض أسعار خام الأورال دون المستوى المرجعي البالغ 69.70 دولارًا، يُضطر الكرملين إلى تغطية العجز من احتياطاته المالية، وبالأخص من صندوق الثروة الوطنية.
وفقًا للقواعد المالية الروسية، تُحوَّل الإيرادات النفطية والغازية التي تتجاوز السعر المرجعي إلى هذا الصندوق، بينما يتم سد أي نقص في الإيرادات من خلال السحب منه.
الخسائر اليومية الروسية من انخفاض النفط
اعتبارًا من 1 أبريل 2025، بلغ إجمالي الأصول السائلة في صندوق الثروة الوطنية 39.8 مليار دولار، يُكلّف كل انخفاض بمقدار دولار واحد في سعر خام الأورال روسيا حوالي 10 ملايين دولار يوميًا من خسائر الإيرادات.
هذا النزيف المالي مستمر ولم يتوقف حتى الآن، مما يزيد من الضغط على الاحتياطيات المالية للبلاد، منذ بداية العام، اعتمدت موسكو على هذه الاحتياطيات بشكل غير مسبوق، حيث أدى انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم العجز في الميزانية.
مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، تتزايد التحديات التي تواجهها روسيا، في اليوم السابق لتاريخ هذا التقرير، خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي لعام 2025 من 3.3% إلى 2.8%، بينما رُفعت توقعات النمو في الولايات المتحدة إلى 1.8%.
على الرغم من أن العالم لم يدخل بعد في حالة ركود اقتصادي، إلا أن التباطؤ واضح، مما يبقي الطلب على النفط تحت الضغط، وبالتالي أسعار النفط في مستويات منخفضة.
الخيارات المحدودة أمام روسيا
تواجه روسيا معضلة اقتصادية معقدة، قد تسعى منظمة أوبك، بقيادة السعودية، إلى خفض الإنتاج لدعم سعر النفط، لكن روسيا تجد نفسها في موقف صعب.
إذا خفضت السعودية الإنتاج، فلن تتمكن روسيا من مواكبة هذا التخفيض بسبب اعتمادها الكبير على إيرادات النفط لتمويل ميزانيتها والحرب في أوكرانيا.
في الوقت ذاته، تُفاقم العقوبات الغربية الوضع، حيث تزيد من خصم خام الأورال وتُعيق قدرة روسيا على الوصول إلى الأسواق العالمية بكفاءة.
أحد الحلول المحتملة لتخفيف هذه الضغوط هو إنهاء الحرب في أوكرانيا وتقديم تنازلات لرفع العقوبات، مثل هذه الخطوة قد تُتيح لروسيا استعادة بعض الاستقرار المالي من خلال تحسين أسعار خام الأورال وزيادة الوصول إلى الأسواق الدولية، ومع ذلك، تبقى هذه الخطوة غير مرجحة في الوقت الحالي بسبب الاعتبارات السياسية والجيوسياسية.
تداعيات انخفاض النفط على الاقتصاد الروسي
إن استمرار انخفاض أسعار النفط يُهدد بزعزعة استقرار الاقتصاد الروسي على المدى الطويل، مع استنزاف احتياطيات صندوق الثروة الوطنية، قد تضطر روسيا إلى تقليص الإنفاق العام، مما يؤثر على الخدمات الأساسية والاستثمارات في البنية التحتية.
كما أن الاعتماد المفرط على الاحتياطيات يُضعف قدرة البلاد على مواجهة الأزمات المستقبلية، سواء كانت اقتصادية أو سياسية.
على الصعيد الجيوسياسي، يُقلّل ضعف الاقتصاد الروسي من نفوذ موسكو على الساحة الدولية، مع تزايد الضغوط المالية، قد تجد روسيا نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في مناطق الصراع مثل أوكرانيا والشرق الأوسط.
في الوقت نفسه، قد تستغل الدول الغربية هذا الضعف لتشديد العقوبات أو فرض شروط أكثر صرامة في أي مفاوضات مستقبلية.