
في مثل هذا الوقت من العام الماضي أوقفت الجزائر تصدير الغاز إلى المغرب في ظل أزمة الطاقة العالمية التي بدأت حينها، وكان الجزائريون يترقبون حينها انهيار الشبكة الكهربائية في المملكة وتوقف مصانعها وعودتها إلى العصر الحجري.
وقد قلنا حينها أن الغاز الجزائري ليس مهما بالنسبة للأمن الطاقي المغربي ولا يدخل كثيرا في انتاج الكهرباء في المغرب، ولا تعتمد المملكة على غاز تعرف مسبقا أنه يمكن أن يستخدم كورقة ضغط ضدها كما تفعل روسيا مع الإتحاد الأوروبي.
عام مر على تلك الحادثة المؤلمة لعقلاء المنطقة ممن يرغبون في تحقيق التكامل وتجاوز الخلافات، وإنتاج الكهرباء في المغرب مستمر على أعلى مستوى رغم كل التحديات.
لم تشهد مدن المملكة نقصا في الكهرباء ولم تتوقف المصانع المغربية ولم يحصل أي شيء مما كان يريده هؤلاء الحاقدون وها هو شتاء جديد بتحديات كبيرة والمملكة عازمة على المضي قدما بدون مشاكل.
لا يعتمد المغرب على الغاز في انتاج الكهرباء
نقطة ضعف عدد من الدول الأوروبية هي أنها تعتمد على الغاز لإنتاج الكهرباء وأنظمتها قد انتقلت إلى هذا الوقود الأحفوري الأقل اضرارا بالبيئة، لكنه في هذه الأزمة يعد مكلفا كما أن امداداته متقطعة وليست مستقرة، وحتى الآن تعاملت تلك الدول بحكمة وبسرعة مع الأزمة وتعمل على تنويع مواردها وتصحيح خطأ الإعتماد على روسيا.
بالنسبة للمغرب فهو لا يعتمد على الغاز في انتاج الكهرباء، ويستورد المغرب حوالي 20% من الطاقة من إسبانيا والجزائر، قبل الأزمة وأصبح يوفر 80 في المائة من حاجته عبر المشاريع الطاقية.
وتشكل الطاقة المتجددة لوحدها أكثر من 36% من انتاج الكهرباء في المغرب وهي التي سترتفع إلى 52% بحلول 2025، و64% بحلول 2030.
وتبدو المملكة متفوقة على هذا المستوى مقارنة بدول المنطقة لأنه ليس لديها النفط ولا الغاز وهذه الموارد قليلة إلى نادرة، لذا فقد تبنت مبكرا الإنتقال إلى الطاقة المتجددة، وهذا مفيد لها في أزمة الطاقة العالمية حيث لن تعاني من النقص.
الدول التي تعتمد على الغاز في انتاج الكهرباء تعاني أكثر خصوصا إذا تراجعت امدادات هذه المادة ولم تحصل عليها وكانت تعتمد على أنابيب الغاز وليس على الغاز المسال القادم من السفن.
محطات الطاقة العاملة بالفحم أساسية
إلى جانب الطاقة المتجددة يستخدم المغرب الفحم وهو الوقود الأحفوري الأرخص والأكثر اضرارا بالبيئة أيضا، وقد ارتفع استخدامه هذا العام مع ارتفاع أسعار النفط، ليضاف المغرب إلى دول مثل الهند وباكستان واندونيسيا والصين التي زادت هذا العام من استخدام الفحم في انتاج الكهرباء.
أفاد رئيس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، عبد اللطيف برضاش، قبل أشهر، أن محطات الطاقة العاملة بالفحم ما تزال هي السائدة، حيث حققت ما نسبته 67% من إجمالي انتاج الكهرباء.
وبينما يشكل ارتفاع استخدام الفحم في انتاج الكهرباء ضربة لجهود المملكة في مكافحة التغير المناخي والتحول الطاقي، إلا أن هذه الخطوة ضرورية وهي ضمن السياسات الحكومية لمختلف دول العالم التي تستورد الطاقة ولا تنتج الغاز أو النفط.
في يوليو، توقعت وكالة الطاقة الدولية (IEA) في تحديث للسوق أن استهلاك الفحم في جميع أنحاء العالم سيعود إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في عام 2022.
يتم دعم الطلب العالمي على الفحم هذا العام من خلال ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، مما أدى إلى تكثيف التحول من الغاز إلى الفحم في العديد من البلدان فضلاً عن النمو الاقتصادي في الهند، وقد تم تعويض هذه العوامل جزئيًا عن طريق تباطؤ النمو الإقتصادي في الصين وعجز بعض منتجي الفحم الرئيسيين عن زيادة الإنتاج، حسبما ذكرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها.
الطلب على الكهرباء يرتفع في الصيف وليس الشتاء
في المغرب نجد أن الطلب على الكهرباء يرتفع في الصيف وليس الشتاء، حيث يستخدم في تشغيل الثلاجات وأجهزة التبريد والمكيفات المختلفة، بينما خلال الشتاء لا يستخدم الكهرباء في التدفئة كثيرا مع استخدام الغاز والفحم.
لهذا فإن الطلب على الكهرباء خلال الشتاء لا يهدد الأمن الطاقي في المغرب بل تحقق المملكة بعض الفائض وتستعد لفترة الصيف الذي يتطلب طاقة متزايدة.
حتى الآن يتحمل المكتب الوطني للماء والكهرباء مسؤولية توفير الطاقة الكهربائية، وقد حافظ على التكاليف الثابتة محققا خسائر بقيمة ملياري دولار ستتحملها الدولة.
وتستمر السلطات المغربية إدارة هذا الملف حتى الآن بحنكة ونجاح في ظل مواجهة دول كبرى في أوروبا وحتى الصين مشاكل مع الطاقة وتوقف بعض المصانع بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
إقرأ أيضا:
إنتاج الطاقة المتجددة في المغرب وتصدير الكهرباء إلى أوروبا
سبب انقطاع الكهرباء وأزمة الوقود في العراق
حقائق عن أكبر مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم نور المغرب
استثمار أمريكي في صحراء المغرب: مشروع الطاقة الريحية بالداخلة
أين تذهب أرباح انتاج النفط والغاز في أفريقيا ومن المستفيد؟
نسبة الغاز الجزائري في إنتاج الكهرباء في المغرب