تقول القاعدة الشهيرة أن كل ممنوع مرغوب، وفي العالم الإسلامي والعربي لطالما تعرضت الأفلام والأعمال الأدبية والفنية للحظر بدعوى أنها تهدد قيمنا لنلاحظ بعدها استهلاك المحظورات في السر والغرف المظلمة.
في علم النفس، نظرية الفاكهة المحرمة هي فكرة أن أي شيء محظور يصبح مرغوبًا فيه أكثر، تولي عقولنا مزيدًا من الاهتمام للأشياء التي لا يُسمح لنا بالقيام بها أو استهلاكها.
الرقابة وحظر الأعمال الفنية في العالم العربي تعد موضوعًا معقدًا ومتنوعًا يختلف من بلد إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، هناك بعض الدول التي تفرض رقابة صارمة على الأعمال الفنية وتقوم بحظرها بناءً على معايير معينة، في حين تكون القيود أقل في الدول الأخرى.
وعلى مدار التاريخ خصوصا في القرون الأخيرة استخدمت الدول العربية التي شهدت الصحوة الإسلامية وانتشر فيها الفكر الوهابي سلاح الدين من أجل قمع الفن والأدب والشعر والكتب الفلسفية والأعمال الإبداعية الأخرى.
بداية من الكتب الفلسفية التي تتناول وجهات نظر مختلفة عن الدين الإسلامي وخصوصا تلك التي تنتقد الإسلام، إلى الأعمال الأدبية الجريئة التي تصنف ضمن الأعمال الأدبية الجريئة إلى الإباحية، وأخيرا الأعمال الفنية السينمائية خصوصا تلك التي تتضمن مشاهد جريئة ومؤخرا تلك التي تتناول المثلية الجنسية.
ويعد فيلم باربي آخر الأعمال الفنية العالمية التي يدور حولها جدل في العالم الإسلامي والعربي، وهناك دعوات لمنع عرضه، مع أن البيانات التي حصلنا عليها من جوجل ومصادر أخرى تؤكد أن هناك بحث قوي في العالم الإسلامي عن الفيلم وبدأت تعرضه عدد من مواقع القرصنة المجانية.
تعتبر هذه الرقابة والحظر قضية مثار جدل في المجتمعات العربية، حيث يتباين الرأي بين مؤيد ومعارض، بعض الأشخاص يرون أن الرقابة ضرورية للحفاظ على القيم والأخلاق والثقافة، بينما يرون آخرون أنها تمثل قيودًا على حرية التعبير والإبداع.
بالنسبة لنا نعتقد أن حظر الأفلام والأعمال الأدبية والفنية مهما كانت نوعيتها سواء أفلام أو كتب ورقية أو أعمال بأشكال أخرى لا يساعد في القضاء والرد عليها بل يعزز من قوتها وانتشارها واقبال الناس عليها.
حتى أكثر المنتقدين لتلك الاعمال الفنية يشاهدونها وإلا كيف يعرفون محتواها وينتقدونها ويمارسون دور الوصاية على الشعوب وعلى الفرد العربي.
من المهم أن ندرك أن الحقوق الثقافية وحرية التعبير تعتبر حقوقًا أساسية للفرد، ويجب أن تهتم الحكومات بالتعليم والتربية وبناء فرد عربي ذات فكر أقوى عوض بناء فرد مهزوز يخشى كل ما هو مختلف ويعيش الرعب منه وتتصرف معه الحكومات مثل قاصر غير راشد يجب أن تحظر تلك الأعمال كي لا يصل إليها.
وفي عصر الإنترنت وتوفر أدوات تخطي الحجب بسهولة، يعد منع تلك الأعمال الفنية بمثابة تضييع للوقت والموارد، بل وتسويقا لتلك الأعمال.
بعض الكتب تعرضت للحظر أو الرقابة في العالم العربي بسبب المحتوى السياسي أو الجنسي أو الديني الجريء، على سبيل المثال، آيات شيطانية المحظور إلى يومنا هذا في عدد من الدول الإسلامية، وكتاب صديقنا الملك تم منعه في المغرب لأنه يتناول قضايا سياسية حساسة، وهناك الكثير من الأمثلة إلى يومنا هذا.
وتوجد رقابة واضحة في مصر على الأعمال الفنية وعلى وسائل الإعلام، يتم تطبيقها عبر الهيئات الرسمية مثل الهيئة العامة للرقابة على المصنفات الفنية وغيرها من الجهات المعنية، وقد تصاعدت الرقابة في السنوات الأخيرة ليس فقط لتشمل ما هو سياسي بل أيضا ما هو فني يتناول القضايا الاجتماعية.
دول أخرى مثل الكويت والجزائر ولبنان وسلطنة عمان تفرض الرقابة أيضا والدليل منعها مؤخرا فيلم باربي فيما تعرضه دول مثل السعودية والإمارات والمغرب.
هذه الرقابة للأسف لن تمنع الأدباء والفنانين والمبدعين من انتاج المحتوى الجريء، بل يعرفون الآن قواعد اللعبة جيدا، المنع يعزز من الإقبال عليه بشكل أكبر، وأي كتاب أو عمل فني يتعرض للإنتقادات والمنع عادة ما يحقق نجاحا ويحلق في سماء الشهرة أكثر من الأعمال التي لا تثير الجدل ولا يتكلم عنها أحد.
إقرأ أيضا:
كيف نجح فيلم باربي تسويقيا وتفوق على منافسيه؟
مؤامرة ماتريكس التي أنتجت فلسفة الريد بيل المتطرفة
الحجاب فرض في الإسلام لكن ليس على المسلمات
ممارسة ومشاهدة كرة القدم حرام في الإسلام للنساء والرجال
ما هي الصحوة الإسلامية الحركة التي تحتضر حاليا؟
هل العلمانية ضد الدين ولماذا يربطها البعض مع الإلحاد؟