انخفاض عدد السكان بشكل رسمي وهذا الزلزال الديمغرافي الذي تعرضت له الصين لا يحدث أبدًا خلال أوقات السلم بل في المجاعات والإضطرابات الكبرى على مر التاريخ.
تراجعت معدلات التوالد بشكل كبير رغم سعي الحكومة منذ سنوات لتخفيف السياسات التي تقيد من الإنجاب، كما تراجعت أيضا معدلات الزواج معها.
اللاإنجابية للأحرار والتوالد للعبيد، هذا هو شعار الشباب هناك ممن يرغبون في تحول بلادهم إلى الديمقراطية ونظام يحترم اختياراتهم الشخصية ولا يتدخل فيها.
كانت الصين ولا زالت مثالا للإستبداد والتحكم، وهي دولة بنظام شيوعي، سبق لها وأن تسببت بيد قيادتها في مجاعة قتلت 50 مليون انسان، ولما اختارت التنمية الاقتصادية والإنفتاح الرأسمالي اختارت سياسة الطفل الواحد وتساهلت مع الإجهاض لتكون النتيجة اجهاض 300 مليون على الأقل شخص بحلول 2013.
اليوم تريد الحكومة من الشباب أن يتزوجوا وينجبوا، ابنا أو حتى 3 أبناء لا مشكلة في ذلك، بل إن بعض المقاطعات بدأت تقدم دعما مالية وتخفيضات ضريبية لتفادي مصير جارتها اليابان.
وفقًا للبيانات، انخفضت المواليد في الصين بشكل حاد وثابت منذ عام 2016، عامًا بعد عام، في عام 2022 كان عدد المواليد في الصين حوالي نصف ما كان عليه قبل ست سنوات فقط (9.6 مليون مقابل 17.9 مليون).
لقد سبق هذا التغيير في الإنجاب جائحة الفيروس التاجي، ويبدو أنه جزء من صدمة أوسع لأن الزواج في الصين في حالة سقوط حر أيضًا.
منذ 2013 العام الذي أكمل فيه الرئيس شي صعوده إلى السلطة، انخفض معدل الزيجات الأولى في الصين بأكثر من النصف، حاليا ينهار كليهما التوالد والزواج مع بعضهما البعض.
بالطبع تنخفض معدلات الخصوبة والزواج في جميع أنحاء العالم، لكن هذه الانخفاضات تميل إلى أن تكون تدريجية وتحدث عبر عقود، لكن ما يحدث في الصين هو احتجاج شبابي صامت.
في عام 2016، قبل التراجع الكبير، كانت الخصوبة الصينية بالفعل أقل بكثير من معدل الإحلال البالغ حوالي 2.1 طفل لكل امرأة، وهو المستوى المطلوب لاستقرار السكان، يعتقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن معدل عام 2016 كان 1.77 أو 19 في المائة أقل من هدف الاستقرار.
إذا كان عدد المواليد في عام 2022 دقيقًا، فإن الخصوبة على مستوى البلاد ستكون الآن أقل من نصف معدل الإحلال، حتى لو تم إيقاف الانهيار وظلت الخصوبة عند هذا المستوى، فإن كل جيل جديد في الصين سيكون أقل من نصف ما قبله.
يعاني جزء كبير من شرق آسيا من معدلات الخصوبة المنخفضة للغاية ليس فقط الصين ولكن أيضًا اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان. لكن في الصين، يحدث هذا في ظل نظام شمولي يحث رعاياه على التوالد والإنجاب.
وتبدو اللاإنجابية فلسفة شائعة اليوم في المجتمعات الرقمية الصينية، وهناك حديث متزايد عنها بشكل كبير في السنوات الأخيرة رغم أن الحكومة تحاول التضييق عليهم.
خلال جائحة كورونا رأينا مقاطع فيديو لصينيين يعبرون عن رفضهم للإنجاب لأنهم لا يريدون إنجاب عبيدا جدد يلتزمون بما تمليه عليهم الحكومة الاستبدادية الشيوعية هناك.
ومن الواضح أن شباب الصين يرغب في الحرية والديمقراطية ودولة أفضل من حيث الحقوق، كي يطمئنوا للمستقبل ويغيروا نظرتهم إلى التوالد، وهم غاضبون من سلطة الرئيس شي الذي أعاد إلى الأذهان بخطاباته وسياساته المتشددة الزعيم الراحل ماتوسي تونغ والمآسي التي تسبب فيها من قبل.
غير أن هذه الفلسفة أعمق من مجرد أسباب سياسية واقتصادية ومالية، اليوم تتبنى النساء بشكل متزايد اللاإنجابية بينما على الجهة الأخرى يعجز الرجال خصوصا في الأرياف عن إيجاد نساء للزواج، ما يدفعهم في النهاية لتقبل هذا الواقع والتخلي عن فكرة الزواج والإنجاب.
إقرأ أيضا:
تأثير انخفاض عدد سكان الصين على الإقتصاد الصيني
اللاإنجابية وانهيار الخصوبة كابوس الإقتصاد العالمي
ما هي فلسفة اللاإنجابية Antinatalism ومن هو اللاإنجابي؟
كيف تحررت المرأة الصينية من الزواج والإنجاب بنجاح؟
لن يستطيع بابا الفاتيكان إيقاف اللاإنجابية
عام صعود اللاإنجابية مع انهيار قيمة التوالد
تراجع معدلات الإنجاب والزواج بسبب انهيار الجنيه المصري
عدمية الإشتراكية: إلغاء الدين وتلاشي الديانات
نظرة على نسب الطلاق في الدول العربية