بعد أن اختار الأمير محمد بن سلمان التمرد على السعودية السلفية الوهابية لبناء دولة حديثة، تمرد الشباب أيضا على الحجاب والحكم الديني المتشدد في ايران.
تستمر الإحتجاجات الشبابية والنسائية في مختلف بقاع ايران، وقد أعلن المدعي العام الإيراني حجة الإسلام محمد جعفر منتظري إلغاء شرطة الأخلاق، أيضا يتم مراجعة قانون الحجاب.
هذا الإعلان وما سينتج عنه يأتي بسبب قوة ثورة الأبناء ضد الآباء، ضد كل ما سعى هؤلاء على ترسيخه من مبادي الإسلام الشيعي المحافظ، حيث تعاني السلطات الإيرانية مع مقتل المئات من المتظاهرين وتصاعد غضب الإيرانيين.
أكبر بلدين اسلاميين من حيث تصدير الفكر الإسلامي السني والشيعي يشهدان اليوم تغييرا عظيما سيكون له تأثير كبير على بقية المسلمين والدول العربية والإسلامية الأخرى، وهنا يتضح أهمية ما يحدث هناك، وكيف أنه يمهد لحقبة لمراجعة دينية وفكرية قد تكون قاسية على المحافظين.
اختار الشعب الإيراني من قبل الثورة الإسلامية ورأى فيها أملا لاستعادة أمجاد الماضي والتحرر من الفكر الغربي الذي تركه الإستعمار، وعلى الجهة الأخرى نشرت السعودية ما يسمى بالصحوة وتصحيح المسار ونتج عن ذلك حركات إسلامية متشددة تسيء للإسلام أكثر مما تخدمه.
تحمل هذه القصة أكثر من معنى ورسالة إلى أكثر من جهة، وتمرد الأبناء على الآباء جزء لا يتجزأ من الحركة الإنسانية على مر التاريخ، لا يبقى الفكر ثابتا ولا توجد ثوابت، ويمكن للأزمات التي تمر منها الأمم أن تؤدي إلى نهج مختلف تماما وفهم ديني جديد ومراجعة كبرى.
هذه 3 أشهر وايران تشهد احتجاجات ضد الشرطة الدينية واجبارية الحجاب، وهو ما يعني ببساطة أنها معركة لأجل الحريات الشخصية وانهاء نظام الوصاية الذي تعرض لضربة في مقتل أيضا بشبه الجزيرة العربية خلال السنوات الأخيرة.
مع وجود تقارير تشير إلى حل شرطة الأخلاق يبدو أن النظام الديني في طهران يميل إلى الانحراف قليلاً عن القواعد وإعادة النظر في الثوابت قبل أن يفقد شرعيته.
لكن تقول التقارير أن الشعارات ضد آية الله علي خامنئي قد تم رفعها ومطالب بالحرية أصبحت كبيرة والنظام الإيراني يواجه مشكلة فقدان الشرعية.
وتخضع إيران لعقوبات أمريكية ودولية، ومن المعروف أن نظام الملالي يدير سفينة صارمة وقمعية ويقمع أقل بوادر المعارضة لكن هذا لم يساعد.
في أواخر عام 2019 قُتل أكثر من 1500 شخص خلال الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود، في الواقع شهدت السنوات الخمس الماضية مظاهرات احتجاجاً على سوء الإدارة الاقتصادية وتزايد الفقر والبطالة وقمع الدولة.
كل مرة ينجح النظام الإيراني في قمع المتظاهرين لكن هذه المرة هناك أزمة خطيرة تهدد النظام الإيراني وجوديا، بدأت بالتمرد ضد الحجاب والشرطة الدينية وتنتهي نحو المطالبة بنظام ديمقراطي.
ومن الواضح أن الشباب في ايران ليسوا على اقتناع بمشاريع الحكومة مثل نشر التشيع في المنطقة والتدخل الخارجي في أمور الدول المختلفة وتسليح أطراف ضد أخرى والتورط في الحرب الأوكرانية وتطوير قنبلة نووية وكل ذلك على حساب الرخاء والتجارة والتعاون مع المجتمع الدولي.
منذ وفاة المرأة الكردية الإيرانية مهسا أميني مؤخرًا أثناء احتجازها لدى شرطة الآداب في البلاد، اندلعت البلدات والمدن الإيرانية احتجاجًا، أصبحت هذه الاحتجاجات واحدة من أكبر التحديات للمؤسسة السياسية الإيرانية منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
شنت السلطات حملة قمع وحشية بما في ذلك إصدار أول حكم بالإعدام على متظاهر مجهول وقتلت المئات من المتظاهرين في مناطق مختلفة من البلاد، لكن احتجاج النساء في إيران ليس بجديد، كانت المرأة الإيرانية في طليعة الاحتجاجات السياسية والتغيير هناك منذ بداية القرن العشرين.
لأكثر من قرن، كان مكان المرأة في إيران قضية سياسية وثقافية ودينية زلزالية، وقد استجابت النساء مرارًا وتكرارًا بجعل أصواتهن مسموعة، وقد شاركت في المطالبة بالجمهورية الإسلامية الديمقراطية واسقاط الشاه الديكتاتور، لكن الجمهورية الجديدة لم تكن جيدة ولم ترقى إلى طموحات الشباب والنساء في الحرية بل تراجع الحريات الشخصية بشكل مخيف.
اليوم مع تمرد الأبناء ضد الحجاب والحكم الديني يبدو واضحا وجليا أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية أمام القبول بالإصلاحات وإعادة مراجعة الثوابت الشيعية الكبرى.
إقرأ أيضا:
عبد الملك بن مروان: عندما انتصرت العلمانية على الدين في السياسة
الجزائر بوابة ايران في شمال أفريقيا
وهم نجاح القمة العربية في الجزائر
كيف تحمي أموالك من انهيار الدينار الجزائري؟
حرب المعسكرين: ايران والجزائر وروسيا ضد إسرائيل والمغرب وأمريكا
أين تذهب أموال الغاز والنفط الجزائري؟ الجواب في قانون المالية 2023
كيف ستدمر العقوبات الأمريكية الجزائر وما مصير الدينار؟
هل الجزائر دولة اشتراكية أم رأسمالية؟
ديون الجزائر 2022: مقارنة مع المغرب والدول العربية