يتمنى العرب وخصوصا الإخوان والسلفيون أن تنتقل تركيا من دولة علمانية إلى دولة إسلامية، ويتوهم هؤلاء أن أردوغان هو الذي سيحقق هذا الحلم.
لأن الرئيس التركي الحالي أكثر سياسي تركي يتاجر بالقضية الدينية ويدعم الإسلام السياسي، فقد زاد ذلك من تمسك هؤلاء بوهم تحول تركيا إلى دولة دينية.
في عهد الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، تم تحويل العديد من المدارس العلمانية إلى مدارس دينية، قوبلت هذه التغييرات بمقاومة من الآباء، وفي الواقع هناك معارضة عامة واسعة النطاق لـ “أسلمة” تركيا التي ترعاها الحكومة.
قد يبدو هذا مفاجئًا لأن التقارير الرسمية تظهر أن 99 في المائة من البلاد مسلمون، لكن ضع في اعتبارك أن كل مواطن تركي يتم تسجيله تلقائيًا كمسلم عند الولادة، والعديد من الأتراك يعتبرون مسلمين دون أن يكونوا متدينين بشكل خاص.
في الواقع، وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة Pew Research عام 2016، يعتقد 13٪ فقط من الأتراك أن القرآن يجب أن يؤثر بشكل مباشر على قوانين بلادهم، وقد قوبلت الدعوات إلى دستور إسلامي كامل حتى الآن بمقاومة حتى من قبل الرئيس أردوغان وهو نفسه مسلم متدين.
الصراع ليس دينيًا بحتًا في تركيا حيث الإنقسامات الأكثر خطورة في تركيا سياسية وعرقية إلى حد كبير، وبفضل الحفاظ على الدستور العلماني تجنب البلاد الدخول في حروب أهلية حتى الآن.
يدرك أردوغان وحزبه أن هناك حدود في قضية العلمانية والإسلام، حيث لن يقبل الشعب التركي أن يخسر مكتسباته التي حققها بعد انهيار الدولة العثمانية وبناء تركيا الحديثة التي تعد دولة مؤسسات تشهد انتخابات وتؤمن بتعدد الأحزاب السياسية ولا يعتبر دستورها الإسلام أو غيره من الديانات ديانة رسمية للبلاد.
ورغم ذلك كان نظام أردوغان الذي دام 20 عامًا صعبًا على العلمانيين في تركيا، الذين فقدوا امتيازاتهم ويشعرون بالخنق في ظل حكمه الاستبدادي.
تواجه تركيا الآن قومية جديدة حيث تعهد العلمانيون المتشددون بالانتقام من حكام حزب العدالة والتنمية، على الرغم من أن إمكاناتهم التصويتية ضئيلة، إلا أنهم يتمتعون بتمثيل قوي في مؤسسات الدولة الرئيسية.
علاوة على ذلك فإنهم يتشاركون في أيديولوجية مماثلة مع حزب الشعب الجمهوري، الحزب الذي ينافس العدالة والتنمية بشكل رئيسي على الحكم.
ركز حزب العدالة والتنمية التركي خلال السنوات الماضية على تقوية قبضته داخليا، وكانت محاولة الانقلاب الشهيرة فرصة دفعت الحكومة إلى اعتقال وسجن الآلاف من الصحفيين ورجال التعليم والمفكرين والمعارضين وملاحقة آخرين.
وعلى المستوى الخارجي ركزت تركيا كثيرا على العالم العربي، واستخدمت الدين الإسلامي لمخاطبة الشعوب التي لا تزال متمسكة بعودة الخلافة، وانتجت تركيا الكثير من المسلسلات والوسائط المتعددة التي حاولت من خلالها التأكيد على ان الدولة العثمانية كانت أفضل دولة إسلامية في التاريخ.
غير أنه مع فشل الربيع العربي وسقوط المخطط التركي لبناء دولة تحكم العرب من أنقرة أو إسطنبول، خسر حزب العدالة والتنمية ما كان يراهن عليها منذ 20 عاما تقريبا.
ولا يزال الكثير من العرب وخصوصا المتعاطفين مع الإخوان والسلفيين ينشدون عودة الخلافة الإسلامية، ويؤيدون فوز أردوغان في الإنتخابات وبقائه على رأس السلطة كي يحقق ذلك.
إقرأ أيضا:
خسائر بنوك قطر والإمارات والكويت بالمليارات من الدولارات في تركيا
الهجرة إلى تركيا فكرة جيدة إذا كنت تريد العيش في الخراب
سوريا أولى بالدعم والمساعدة العربية من تركيا
لماذا زلزال تركيا اليوم لن يكون الأخير ودمار اسطنبول قادم؟
تركيا أردوغان تتخلى عن مشروع الإسلام السياسي الفاشل