يحتاج الإقتصاد العالمي إلى زيادة معدلات الإنجاب ومنع تزايد الشيخوخة التي تهدد صناديق التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية، لذا فإن كابوسه ليس الركود الإقتصادي فقط بل ازدهار اللاإنجابية وارتفاع معدلات العقم.
نعيش في زمن أصبح فيه الفرد رقما يتم تصنيفه بناء على قدرته المادية وقيمته للمجتمع والشركات، عندما يصل إلى سن التقاعد يصبح عالة على الرعاية الصحية وصناديق التقاعد التي يتعامل معها، مع أنه من الممكن أن يعمل أكثر من 40 عاما في حياته بدون أن يكون عاطلا عن العمل مرة واحدة.
لطالما حذر الملياردير الأمريكي إيلون ماسك من تراجع الخصوبة خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية متحججا بأن المريخ سيحتاج إلى البشر لاستعماره، وسيكون ممكنا ارسال الملايين للعيش في الكوكب الثاني بعد الأرض، وينبغي أن يتكاثر الإنسان وينتشر في كواكب عديدة.
ولطالما أبدت الحكومة اليابانية مخاوفها من تراجع الخصوبة وحاولت تشجيع الإنجاب، وهي من الدول القومية، التي تحاول الحفاظ على العرق الياباني ولا تشجع كثيرا الزواج المختلط، وكذلك جارتها الصين التي تواجه انخفاضا في عدد السكان لأول مرة منذ المجاعة الكبرى.
كذلك روسيا التي تورطت في الحرب وخسرت 100 ألف جندي على الأقل، تريد تعويض الوفيات العالية بزيادة المواليد، وتقدم مكافآت للنساء اللواتي يلدن حتى 10 أبناء.
أكثر من ذلك يذهب المدافعون عن الإنجاب وزيادة معدلات الولادة إلى القول بأن تراجع معدلات الخصوبة والتوالد يزيد من متوسط الديون لكل شخص بناء على فقاعة الديون الحكومية.
لا يستوي بلد لديه 1 مليار دولار في الدين بعدد سكان 100 مليون مقارنة مع بلد اقترض المبلغ نفسه ولديه فقط عدد سكان لا يتجاوز 10 مليون نسمة، حصة الفرد من الديون في البلد الأصغر أكبر، لكن يتجاهل أيضا هؤلاء أن حصة الفرد من الناتج الخام ستكون كبيرة إذا كان الاقتصادين بنفس الحجم.
وبالعودة إلى الفلسفة اللاإنجابية، من الظلم أن نلد الأطفال لنترك لهم الديون والمشاكل هذا نوع من أنواع الظلم، وهو بالفعل كذلك، هل يمكنك أن تختلف معي؟
رغم أن المتقاعد شخص كان يعمل لسنوات ويدفع الضرائب ينظر إليه الاقتصاد على أنه عالة، عندما تولى ريغان منصبه في الولايات المتحدة، كان هناك 17 شخصًا في سن التقاعد مقابل كل 100 شخص ليسوا في سن التقاعد، الآن هذا الرقم هو 26 لكل 100 وهو في تزايد، وبناء على ذلك يدق هؤلاء جرس الإنذار.
حتى مكتب الميزانية في الكونجرس يحذر من ذلك، أصدرت مؤخرا توقعاتها الاقتصادية السيئة طويلة الأجل، بعد تحسن وجيز متوقع في أوائل العام المقبل في المشاركة في العمل، “يبدأ معدل المشاركة بعد ذلك في الانخفاض مع بدء الآثار السلبية لشيخوخة السكان” وهذا له آثار اقتصادية مباشرة، لأن “… النمو في القوة العاملة المحتملة أبطأ مما كان عليه في الفترات السابقة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى شيخوخة السكان”.
يذهب هؤلاء للقول بأننا لسنا في أزمة بسبب تقدم الناس في العمر، بل لأن معدلات الإنجاب تتراجع عالميا، خصوصا وأن فئات واسعة من الشباب إما أنهم يرغبون في إنجاب طفل أو طفلين فقط، أو أنهم يرفضون الإنجاب من الأساس.
ما يجعل فكرة التوالد اليوم أقل قيمة بالنسبة لهؤلاء وخصوصا المثقفين منهم، هي المشاكل الوجودية سواء في حياة البشر أو الاقتصاد من الفقر والبؤس والحروب والمجاعات والتغير المناخي والحقد الطبقي المجتمعي، يبدو العالم مظلما لجلب أرواح جديدة إليه.
وبينما ينتظر العالم أن يتعرض الاقتصاد العالمي لركود خلال العام الحالي وربما لعدة سنوات، فإن الركود نفسه ما هي إلا فترة أو مرحلة في دورة الاقتصاد ستزول، لكن اللاإنجابية وانهيار الخصوبة سيستمران في النمو ربما لعقود وهو أمر لا يصب في صالح الإقتصاد القائم على التوالد.
إقرأ أيضا:
ما هي فلسفة اللاإنجابية Antinatalism ومن هو اللاإنجابي؟
لن يستطيع بابا الفاتيكان إيقاف اللاإنجابية
كيف تحررت المرأة الصينية من الزواج والإنجاب بنجاح؟
تأثير انخفاض عدد سكان الصين على الإقتصاد الصيني
كوارث سياسة الطفل الواحد في الصين
كيف يمكن للحكومات استعادة ثقة الشعوب من جديد؟
تراجع معدلات الإنجاب والزواج بسبب انهيار الجنيه المصري
مشكلة تقلص حجم دماغ الأب بعد الإنجاب
علاقة الإنجاب مع الفقر ومتلازمة التوالد والبؤس
الإنجاب هو ظلم كبير في عصر التغير المناخي
كيف تحررت المرأة الصينية من الزواج والإنجاب بنجاح؟
إيلون ماسك يدافع عن الإنجاب من أجل استعمار المريخ