طالب صندوق النقد الدولي “حلفاء مصر الخليجيين” بالوفاء بتعهداتهم الاستثمارية تجاه مصر وضخ 14 مليار دولار، وذلك في صفقة ستعود بالفائدة على كافة الأطراف، غير أن الكويت لا تريد وهذا حقها.
والحقيقة أن الإصلاحات في مصر تبشر بمستقبل أفضل لهذا البلد، خصوصا وأن الجيش والحكومة سيخرجان من المنافسة في الإقتصاد المصري، ومع تعويم الجنيه المصري ستصبح لدينا أول عملة عربية تخضع للعرض والطلب وقيمتها حقيقية أمام الدولار، وهذا وقت يراقب فيها المستثمرين حول العالم السوق المصرية.
مجلس الأمة الكويتي يتجه لرفض مساعدة مصر
ورفض أمين سرّ مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) النائب أسامة الشاهين، قبل أيام، ما وصفه بـ”الانصياع لأوامر صندوق النقد الدولي” ومطالبته دول الخليج برصد تمويل جديد لمصر.
وقال في تصريحات نقلها التلفزيون الكويتي ووسائل الإعلام: “لمّا كان للمال العام حرمة شرعية ودستورية وقسم أقسمناه على حمايته، أحذر الحكومة من الانصياع لتوجيهات أو أوامر صندوق النقد الدولي”.
وحذر الحكومة الكويتية من ضخ أي أموال جديدة في هذا البلد العربي، خصوصا وأن الكويت لم تسترد الودائع السابقة التي كانت لديها، حيث لديها وديعة بقيمة 4 مليارات دولار والتي يجب استعادتها شهر سبتمبر الماضي، وأخرى بنفس القيمة سيحل موعد استحقاقها خلال أبريل القادم.
وتحاول القاهرة اقناع الكويت بالإبقاء على تلك المليارات لديها كودائع وقد حصلت على وعد من صندوق النقد الدولي واتفاق يشمل الكويت لإبقاء الودائع الخليجية التي تقدر قيمتها بحوالي 28 مليار دولار.
كما تعهدت مصر بأنها لن تستخدم تلك الودائع لشراء أسهم أو ديون في الفترة القادمة والمحافظة عليها، والهدف ابقاءها لمدة عام إضافي على الأقل.
ودائما ما يشهد مجلس الأمة الكويتي الشاهد على الديمقراطية الكويتية، حالة سجالات وخطابات قومية سواء تلك التي تخاطب ود الشعب الكويتي أو الرأي العام العربي.
الكويت دولة خليجية فاشلة
لكن وبالرغم من كونها دولة نفطية غنية، إلا أنها تعاني على مستوى التنمية الاقتصادية، حيث المشاريع بطيئة ولا توجد خطة كبرى، في الوقت الذي تنشط دول الخليج المحيطة بها في اجراء إصلاحات للإبتعاد عن الاعتماد على النفط والغاز.
وعانت الكويت في الفترة ما بين 2014 و 2020 من انهيار أسعار النفط، وهو ما أثر سلبا على احتياطاتها ووضعها المالي، وهي مرة أخرى تركن إلى ارتفاع أسعار النفط دون التحرك بسرعة لإجراء إصلاحات من شأنها أن تحميها من الصدمات المالية والاقتصادية القادمة مع تراجع أسعار الوقود الأحفوري.
وتعاني الكويت من الشحن السياسي، حيث تم تغيير الحكومة مرتين في 10 أيام أواخر 2022، وهناك صعود أيضا للشعبوية والخطاب المتطرف ضد المهاجرين والمقيمين ما يؤثر سلبا على الإستثمارات الخارجية ويجعل الكويت ضمن الدول التي لا ترحب بالأجانب والتي تتجه إلى الانغلاق على نفسها.
ودائما ما تنتقد وكالات التصنيف وصندوق النقد الدولي الصراع الدائم بين الحكومة والبرلمان الذي يمنع في كل مرة من عبور مشاريع تنموية ضخمة.
وتركز الحكومات المتعاقبة على حلول شعبوية مثل زيادة الدعم الحكومي وزيادة الرواتب والحلول التي لا تحل المشاكل من أصلها ومن أساسها الحقيقي.
ونتيجة لما سبق تضخمت ميزانية الرواتب والدعم، حيث يشكل هذان البندان نحو 76 في المئة من إجمالي الميزانية، ويأتي ذلك على حساب بند المشاريع الرأسمالية الذي يشكل نحو 10 إلى 12 في المئة، فيما تشكل عائدات النفط 90 في المئة من دخل دولة الكويت وهي اشارة أخرى حمراء.
وصل العجز المتراكم منذ العام المالي 2014 إلى 2020 ما يزيد على 130 مليار دولار، وهي الفترة التي شهدت انهيار أسعار النفط.
من حق الكويت أن ترفض مساعدة مصر أو الإستثمار هناك
تدرك جيدا الكويت أن الودائع التي وضعتها هناك ستحصل على عائد مالي منها، وينوع دخلها، كما أن مساعدة في مصر تأتي في الأساس بصورة استثمارات وشراء شركات خاصة وعامة وبالتالي هي فرص استثمارية مربحة على المدى الطويل.
وتتسابق الإمارات والسعودية وقطر حاليا على شراء الشركات المصرية المربحة، والإستثمار في السوق المصرية، ليس بالضرورة حبا في مصر بل رغبة منهم في تحقيق عائدات مالية مستقبلا وتنويع دخلهم بعيدا عن الوقود الأحفوري.
وهذه هي السياسة التي يجب أن تتبعها الكويت والتي تملك خطة طموحة بقيمة 165 مليار دولار، لكنها بطيئة في تحويلها إلى مشاريع على أرض الواقع، وهذا السجال السياسي والشعبوية لا يصب في صالح الشعب الكويتي الذي يرغب في أن يكون بلده غنيا ومستقرا وذات مستقبل جيد، في منطقة تشهد منافسة قوية بين دول الخليج وتركيا وايران وقوى عالمية أخرى.
إقرأ ايضا:
توقعات انهيار الجنيه المصري إلى 50 لكل دولار بحلول 2024
بنك الكويت الوطني وظفار العماني وبيت التمويل الكويتي عملاء الريبل
اصلاحات مصر 2022-2026: تعويم الجنيه المصري وثورة الخصخصة
تأثير تعويم الجنيه على اسعار الاسهم في البورصة المصرية
تراجع معدلات الإنجاب والزواج بسبب انهيار الجنيه المصري
لماذا تقترض مصر كثيرا وتعتمد سياسة تركيا أردوغان؟