تتحدث وسائل اعلام جزائرية وأخرى في المنطقة على أن توجه الجزائر في الأشهر القادمة إلى إيقاف أنبوب الغاز الجزائري المغربي الإسباني سيشكل ضربة للمملكة وسيغرقها في الظلام الدامس.
وحسب صحيفة الشروق أونلاين الجزائرية التي نقلت كلامها عن الخبير الطاقوي، مهماه بوزيان، فإن 600 مليون متر مكعب من الغاز التي يحصل عليها المغرب هي التي ينتج بها 89 في المئة من الكهرباء.
لكن في الواقع هذا الرقم غير صحيح على الإطلاق، إذ تشكل الطاقة المتجددة لوحدها أكثر من تلث الطاقة الكهربائية، وقد كشف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أن 36.8% من مجموع القدرة الكهربائية المنتجة خلال 2020 من مصادر متجددة.
والحقيقة الثانية أن الغاز الجزائري الذي يحصل عليه المغرب يستخدم في محطتين فقط لتوليد الطاقة الكهربائية، وتولدان 17% من إنتاج الكهرباء في البلاد.
هذا يعني أن نسبة الغاز الجزائري في إنتاج الكهرباء في المغرب لا تشكل الثلث بشكل كامل، وهذه صدمة لمن صدق الصحيفة الجزائرية الشهيرة.
ولا تبدو الأمور بسيطة للطرفين، فمرور الغاز الجزائري إلى اسبانيا هو مشروع مشترك بين 3 دول دون أن ننسى أيضا البرتغال أيضا.
وتسعى الجزائر إلى الرفع من صادراتها الطاقية إلى أوروبا وهي التي تحتاج إلى أموال لدعم انهيار احتياطاتها من النقد الأجنبي وتراجع عائدات الدولة.
وبلغت إيرادات المغرب من هذا المشروع ذروتها في 2018 حيث حقق (170 مليون دولار)، وفي 2019 انخفضت إلى (113 مليون دولار)، لتنخفض إلى (56 مليون دولار) خلال العام الماضي.
وتواصل المملكة الإستثمار بكثافة في الطاقات المتجددة كما اكتشفت احتياطات من الغاز الطبيعي في العديد من المناطق، حيث تنتج حاليا 70 مليون متر مكعب سنويا ويمكن زيادة تغطية الاستهلاك المحلي مع الإكتشافات الجديدة إلى 40% ولفترة محدودة جداً.
في الوقت نفسه، لا ننسى مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري الذي سيغير قواعد اللعبة في المنطقة، وسيحول المغرب إلى مصدر مهم للطاقة إلى أوروبا.
وعادة ما يستورد المغرب أي حاجيات إضافية من الطاقة الكهربائية من أوروبا، بينما إذا حقق فائضا فيبيعه للقارة العجوز وهذا ضمن اتفاق لتبادل الطاقة بين الطرفين.
وتواجه الجزائر منافسة من الولايات المتحدة الأمريكية التي فازت بصدارة موردي الغاز إلى إسبانيا لأول مرة منذ 30 عاماً العام الماضي، بفضل الغاز الصخري الأمريكي الرخيص.
وقد تمكنت الدولة العربية من زيادة صادراتها العام الحالي في الربع الأول، لتستعيد الصدارة في اسبانيا والبرتغال بعد أن رفعت حجم صادراتها إلى 4.3 مليار متر مكعب، بزيادة قدرها 122% مقارنة بالربع الأول من 2020.
ويعود الفضل في ذلك لامتلاك الجزائر حاليا لأنبوبين نحو أوروبا أحدهما مباشر وآخر يمر عبر المغرب، لهذا من الحماقة أن تتخلص من أحدهما مجددا.
وتغيرت كثيرا آلية إنتاج الكهرباء في المغرب في السنوات الأخيرة، ليتطرق إلى ذلك البنك الدولي الذي نشر تقريرا بعنوان: “ماذا يمكن أن تتعلمه البلدان النامية من تجربة المغرب في إصلاح قطاع الكهرباء؟”
فرغم أنه ليس بلدا نفطيا ولا ينتج الغاز، إلا أنه تمكن من تحقيق انجاز مهم وهو نشر الكهرباء بنسبة مرتفعة داخل البلاد وتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية والإسراع في تبني الطاقات المتجددة.
وفيما لا يزال الغاز الجزائري مهما حتى الآن للمملكة المغربية، فإن هذه الأهمية لن تستمر طويلا وستنتهي عما قريب، وحينها على الجزائر أن تحتفظ بغازها لنفسها، هذا إن بقي لديها من الموارد ما تصدره، فهناك تقارير تتحدث عن تراجع احتياطاتها وإمكانية تحولها من مصدر إلى مستورد.
إقرأ أيضا:
بعد قطع العلاقات الديبلوماسية: 6 أوراق تملكها الجزائر ضد المغرب
الجزائر المغرب: الواردات والصادرات والتبادل التجاري
لماذا تكره الجزائر جارتها المغرب وتحاول تقسيمها بأي ثمن؟
لا حرب بين المغرب والجزائر ولا فتح الحدود أيضا