في 28 أبريل 2025، شهدت إسبانيا والبرتغال وأجزاء من جنوب فرنسا انقطاعًا كبيرًا للتيار الكهربائي، أثر على ملايين الأشخاص وتسبب في فوضى واسعة النطاق.
توقفت إشارات المرور، تعطلت شبكات النقل، واضطرت المستشفيات إلى الاعتماد على المولدات، في خضم هذه الأزمة، أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أن الربط الكهربائي مع المغرب وفرنسا لعب دورًا حاسمًا في استعادة التيار الكهربائي في شمال وجنوب إسبانيا.
هذا المقال يسلط الضوء على الربط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا، تاريخه، أهميته، ودوره في دعم استقرار الطاقة الإقليمية، مع التركيز على دوره في الأزمة الأخيرة.
تاريخ الربط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا
يعود تاريخ الربط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا إلى عام 1997، عندما تم تدشين أول خط كهربائي بحري عبر مضيق جبل طارق.
وفي عام 2006، أُضيف خط ثانٍ لتعزيز القدرة الإجمالية إلى 1400 ميغاواط، هذه الخطوط، التي تربط شبكات الكهرباء المغربية والإسبانية، تُعد الربط الكهربائي الوحيد بين قارتي إفريقيا وأوروبا، مما يجعلها ركيزة أساسية للتعاون الطاقي الإقليمي.
في عام 2019، وقّع البلدان مذكرة تفاهم لإقامة خط ثالث، بهدف زيادة القدرة وتطوير التجارة الإقليمية للكهرباء، وفقًا لتقرير صحيفة “آس” الإسبانية، فإن هذه الخطوط تتيح تبادل الطاقة الكهربائية في الاتجاهين، مما يعزز استقرار الشبكات في كلا البلدين، خاصة في أوقات الأزمات مثل انقطاعات الكهرباء صيفا في إسبانيا.
دور المغرب في أزمة انقطاع الكهرباء 2025
عندما ضرب انقطاع الكهرباء الواسع النطاق شبه الجزيرة الأيبيرية، كان الربط الكهربائي مع المغرب وفرنسا بمثابة طوق نجاة.
أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في تصريح رسمي، أن التنسيق مع المغرب وفرنسا سمح باستعادة التيار الكهربائي في عدة مناطق، خاصة في شمال وجنوب إسبانيا، وأشار إلى أن هذا التعاون أظهر أهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في ضمان استقرار الطاقة.
وفقًا لمصادر إعلامية إسبانية، فإن الخطوط الكهربائية البحرية بين المغرب وإسبانيا سهّلت نقل الكهرباء بسرعة لتغطية العجز الناتج عن الأزمة.
هذا الدور لم يكن مفاجئًا، حيث يمتلك المغرب بنية تحتية طاقية متطورة، خاصة في مجال الطاقة المتجددة، مع مشاريع مثل محطة نور للطاقة الشمسية التي تجعل المملكة مُصدرًا رئيسيًا للطاقة النظيفة.
أهمية الربط الكهربائي بين المغرب واسبانيا
يُعد المغرب رائدًا إقليميًا في إنتاج الطاقة المتجددة، حيث يهدف إلى رفع حصة الطاقة النظيفة إلى 52% من إجمالي الإنتاج بحلول عام 2030.
وفقًا لتقرير البنك الدولي، فإن المغرب يتمتع بإمكانيات هائلة في توليد الطاقة الشمسية والريحية، مما يجعله شريكًا مثاليًا لأوروبا في استيراد الكهرباء النظيفة، الربط الكهربائي مع إسبانيا يتيح تصدير هذه الطاقة، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في أوروبا.
في المقابل، تستفيد إسبانيا من هذا الربط لتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء، خاصة في فصل الصيف، كما أن القدرة على استيراد الكهرباء من المغرب تُعد اقتصادية مقارنة بتكاليف إنتاج الطاقة محليًا في بعض الحالات.
هذا التعاون المتبادل يعزز الأمن الطاقي ويدعم أهداف الاتحاد الأوروبي للوصول إلى قدرة ربط كهربائي بين الدول بنسبة 10% على الأقل من الإنتاج المحلي.
دلالات استراتيجية وراء شكر سانشيز للمغرب وفرنسا
إشادة بيدرو سانشيز بالمغرب وفرنسا ليست مجرد تصريح دبلوماسي، بل تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدان.
في منشورات على منصة إكس، أكدت مصادر إعلامية ومستخدمون أن الربط الكهربائي مع المغرب سمح باستعادة التيار في مناطق حيوية بإسبانيا، مما يبرز دور المغرب كحليف طاقي موثوق.
هذا التعاون يعكس أيضًا التزام البلدين بخارطة طريق مشتركة تهدف إلى تعزيز الروابط الطاقية، كما أُعلن في القمة المغربية-الإسبانية عام 2023.
الدعم المغربي في هذه الأزمة يعزز مكانة المملكة كشريك استراتيجي لأوروبا، ليس فقط في مجال الطاقة، بل أيضًا في قضايا مثل الهجرة والأمن الإقليمي، كما أن التنسيق مع فرنسا يظهر قدرة الربط الكهربائي على تحقيق تكامل إقليمي يتجاوز الحدود الثنائية.
مستقبل الربط الكهربائي بين المغرب واسبانيا
تخطط المغرب وإسبانيا لتوسيع الربط الكهربائي من خلال تدشين خطين جديدين، أحدهما إلى إسبانيا والآخر إلى البرتغال، ليصبح إجمالي الخطوط أربعة.
هذه الخطوة، التي أعلنت عنها وزيرة الانتقال الطاقي المغربية ليلى بنعلي، تهدف إلى تعزيز تصدير الكهرباء الخضراء إلى أوروبا.
كما يجري العمل على مشروع طموح لتبادل الكهرباء مع دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا وفرنسا، مما يعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
على الجانب الإسباني، يُعد تعزيز الربط الكهربائي جزءًا من خطة الاتحاد الأوروبي لتحسين البنية التحتية لنقل الكهرباء، خاصة مع الدول ذات الموارد المتجددة الوفيرة مثل المغرب، هذه المشاريع لا تولد فوائد اقتصادية فحسب، بل تساهم أيضًا في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية.