الحشرات الصالحة للأكل خيار أوروبا لتجنب المجاعة القادمة

يزداد عدد سكان العالم رغم تراجع الخصوبة ومتوسط عدد المواليد لكل عائلة عالميا، وتسعى بعض الدول مثل الصين للحث على زيادة التوالد لمواجهة الشيخوخة، لكننا في طريق نحو مجاعة 2050 العالمية.

تحاول الحكومات التقليل من التلوث والإنتقال إلى مصادر طاقة نظيفة من أجل حياة مستديمة للأجيال القادمة، إلا أن اقتراب عدد السكان من 10 مليار نسمة بحلول ذلك الوقت يزيد الضغط على النظام الغذائي العالمي.

والحل ليس فقط مواجهة هدر الطعام وهي مشكلة شائعة، أو تطوير تصنيع الطعام وجعله أكثر صحيا خصوصا أن الأساليب الحالية مشكوك في كونها مفيدة للصحة العامة على المدى الطويل، ولكن الإنفتاح أيضا على الحشرات الصالحة للأكل هو اتجاه عالمي جديد.

الإتحاد الأوروبي يوافق على الحشرات الصالحة للأكل

تشهد أوروبا زيادة في الاهتمام بتربية الحشرات الصالحة للأكل بعد تصويت الإتحاد الأوروبي في وقت سابق من مايو الماضي، أعطى الضوء الأخضر لأول منتج غذائي مشتق من الحشرات للاستهلاك البشري، لكن رواد بروتينات الحشرات ما زالوا يواجهون عقبات أخرى مثل القيود المفروضة على الحشرات التي يمكن تقديمها كطعام.

ذهبت الموافقة إلى دودة الوجبة الصفراء المجففة التي طورتها شركة Agronutris الفرنسية الحيوية، والتي يمكن استهلاكها كوجبة خفيفة كاملة أو كعنصر في البسكويت أو العصائر أو منتجات المعكرونة.

تأتي خطوة الإتحاد الأوروبي في أعقاب الإستثمار القياسي في بدائل اللحوم والألبان خلال العام الماضي، حيث ينمو الطلب على أشكال أكثر استدامة من البروتين الغذائي.

توفر الحشرات إمكانية الحصول على مصدر غذائي عالي الجودة يزرع بمتطلبات موارد أقل من الطرق التقليدية، بينما تستهلك ديدان الوجبة مستويات طاقة مماثلة للخنازير لإنتاج كيلوغرام واحد من البروتين، فإنها تنتج ما بين 10 إلى 100 مرة أقل من غازات الاحتباس الحراري وتتطلب أراضي زراعية أو مياهًا أقل بكثير.

تشير التوقعات إلى أن عدد الأوروبيين الذين يستهلكون الحشرات الصالحة للأكل سيرتفع من تسعة ملايين في عام 2019 إلى 390 مليونًا بحلول عام 2030، لينضموا إلى ما يقرب من ملياري شخص آخرين يأكلونها في جميع أنحاء العالم.

ثورة شركات وتطبيقات الحشرات الصالحة للأكل:

تقترب الشركات والمنظمات الأخرى من وراء Agronutris، مع تقديم أكثر من 20 تطبيقًا غذائيًا جديدًا في الاتحاد الأوروبي لمنتجات الحشرات الصالحة للأكل إلى هيئة الرقابة المالية حتى الآن.

ومن أبرزها شركة Ynsect الفرنسية، التي تقدمت بطلب للحصول على قرار من هيئة الرقابة المالية بشأن مسحوق بروتين حشري منزوع الدهن، وأغلقت الشركة جولة ضخمة من السلسلة C بقيمة 304 مليون يورو في أكتوبر الماضي واستحوذت على شركة تصنيع دودة الوجبة الهولندية Protifarm الشهر الماضي.

يتطلع مربي الحشرات الهولندي Fair Insects، الذي استحوذت عليه الشركة المصنعة للحشرات Protix في عام 2017، إلى تسويق كل من الصراصير والجراد المنزلي كمكون للمواد الاستهلاكية مثل الحبوب والوجبات الجاهزة والمشروبات الكحولية.

وتشير الشركة إلى أن كلا الحشرة يسهل استزراعها، ولها دورات حياة قصيرة وتحتوي على مستويات عالية من أحماض أوميغا 3 الدهنية.

قدم اتحاد صناعة الحشرات البلجيكي طلبًا لبيع حوريات الجراد المهاجرة المعالجة حرارياً أو البالغين لاستخدامها في السندويشات اللذيذة والصلصات والحلويات والسلطات من بين أنواع الأطعمة الأخرى.

في غضون ذلك تعلق جمعية مربي النحل الفنلنديين آمالها على تسويق المكونات الغنية بالبروتين والمصنوعة من يرقات نحل العسل.

تشير الجمعية في تطبيق الهيئة العامة للرقابة المالية على أنه يتم إخراج الذكور من الخلية في العديد من البلدان للسيطرة على العث، وبالتالي فهي تمثل منتجًا ثانويًا لتربية النحل وإنتاج العسل بينما تتمتع هي نفسها بقيمة غذائية عالية.

منتجات الحشرات الصالحة للأكل متوفرة بالفعل في بعض الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، هذا لأنها كانت معروضة للبيع قبل أن يدرج الإتحاد الأوروبي الأطعمة القائمة على الحشرات في أحدث لائحة أغذية جديدة في 2018، والتي أدخلت شرطًا للحصول على تراخيص ما قبل السوق.

تبنت البلدان مناهج مختلفة للتدابير الإنتقالية التي سمحت للشركات في هذا الوضع بالإستمرار في بيع منتجاتها أثناء اتخاذ قرار بشأن ترخيص السوق، مما أدى إلى تطبيق مختلف للتشريعات.

بينما طبقت ألمانيا والنمسا الإجراء الإنتقالي فقط على الحشرات الكاملة ولكن ليس على المشتقات، فقد طبقته دول أخرى مثل السويد وفنلندا على كلا الشكلين من منتجات الحشرات، على النقيض من ذلك لم تطبق إسبانيا والبرتغال الإجراء الانتقالي أو طبقته فقط بشكل مقيد.

صناعة الحشرات الصالحة للأكل في أوروبا:

لا تزال الصناعة في مرحلتها الناشئة بشكل عام، حسب مسح أجرته مجموعة ضغط غير ربحية تابعة للاتحاد الأوروبي تُعرف باسم المنصة الدولية للحشرات للأغذية والأعلاف العام الماضي.

أربعة أخماس الشركات الأوروبية البالغ عددها 33 التي تطور منتجات الحشرات الصالحة للأكل التي شملها الاستطلاع لديها أقل من 10 موظفين، ما يقرب من الثلثين كان إجمالي استثماراتهم أقل من نصف مليون يورو.

في حين أن قرار الإتحاد الأوروبي الأخير سيكون مهمًا لتنمية هذا القطاع، يعتقد بعض الخبراء أن أكبر نمو قد لا يكمن في الاستهلاك البشري ولكن في علف الحيوانات.

إن المنطقة الأكثر إثارة للاهتمام من منظور تجاري واستدامة هي للحيوانات المستزرعة وكذلك الحيوانات الأليفة، حيث يمكن للحشرات التي تربى على المنتجات الثانوية ومواد النفايات أن تعود بفوائد كبيرة.

يمكن اطعام الأسماك والحيوانات الأليفة بهذه الحشرات على نطاق واسع من أجل تسريع نموها وتوفير الكميات المطلوبة من اللحوم في الأسواق الأوروبية.

الحشرات التي تتغذى على منتجات التخمير والنفايات المختلفة يمكن استخدامها بالفعل في أغذية الحيوانات الأليفة وتربية الأسماك.

وصل استخدام الحشرات في علف الحيوانات بالفعل إلى الاتجاه السائد، حيث أطلقت شركة نستله نسخة سويسرية من طعامها للحيوانات الأليفة Purina في نوفمبر والتي تضمنت بروتينًا من يرقات ذبابة الجندي الأسود.

يعتبر توماس فاروجيا، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة Betabugs لمربي ذباب الجندي الأسود في المملكة المتحدة، علف الحيوانات مجال نمو مهم لهذه الصناعة.

موافقة الاتحاد الأوروبي على الحشرات للاستهلاك البشري تعني أن أعدادًا متزايدة من المستهلكين ستدرك الفرص التي يوفرها سوق بروتين الحشرات، ليس فقط للإستهلاك البشري المباشر، ولكن أيضًا كبديل لمصادر البروتين المستخدمة حاليًا في الأعلاف الحيوانية.

ومن المنتظر أن تدخل الكثير من المطاعم والعلامات التجارية مربى الحشرات وعدد من الأطباق التي تتضمن هذه العناصر إلى خدماتها في الفترة القادمة.

وبدأ مطعم “لوران فييه” الفرنسي في تقديم أطباق الحشرات المقرمشة والجنادب المغطاة بالشوكولاتة كفكرة رائعة لمواجهة تنامي سكان العالم وصعوبة توفير الغذاء للجميع في المستقبل المنظور.