
تواصل الديون الخارجية لمصر انخفاضها في النصف الثاني من 2024، وتعد هذه أخبارا سارة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا.
شهدت مصر انخفاضًا ملحوظًا في ديونها الخارجية، حيث تراجعت من مستوى قياسي بلغ 168 مليار دولار في ديسمبر 2023 إلى 152.9 مليار دولار بحلول يونيو 2024، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 8.4% خلال هذه الفترة
أسباب تراجع الديون الخارجية المصرية
أشار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى أن الحكومة اتخذت إجراءات لتحسين السياسة النقدية، مما ساهم في تقليص الدين الخارجي.
وساهمت صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات لتطوير منطقة رأس الحكمة في تحسين الوضع المالي، حيث تم ضخ 24 مليار دولار من الدولارات الجديدة بين فبراير وأبريل 2024.
ونتيجة لذلك سجلت احتياطيات النقد الأجنبي في مصر مستويات قياسية، حيث بلغت 46.6 مليار دولار بحلول أغسطس 2024، مما ساعد على دعم الاقتصاد وتقليل الدين الخارجي
من جهة أخرى تراجع اقبال مصر على الاستدانة في الخارج مع إيقاف الكثير من المشاريع التنموية التي تتطلب تمويلا بالدولار مثل مشاريع العاصمة الجديدة.
انعكاس تراجع الديون الخارجية على الجنيه المصري
رغم تراجع الديون الخارجية في الفترة الأخيرة إلا أن الجنيه المصري يظل ضعيفا أمام الدولار الأمريكي الذي يساوي حاليا 50.8 جنيها مصريا في السوق الرسمية.
ارتفع مؤشر بلومبرج الفوري للدولار بأكثر من 2٪ منذ فوز ترامب في أوائل نوفمبر، على الرغم من أن الجنيه المصري انخفض بنحو 1٪.
وقد ارتفع الطلب على الدولار الأمريكي في الفترة الأخيرة عالميا مقابل العملات الناشئة مع استعداد العالم لحرب تجارية جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
لقد شهد الجنيه فترات طويلة من الاستقرار منذ يونيو، بمتوسط حوالي 48 مقابل الدولار، باستثناء في أغسطس عندما تجاوز لفترة وجيزة 49 وسط عمليات بيع أوسع في الأسواق الناشئة.
ويأتي الانخفاض الأخير في قيمة الجنيه في الوقت الذي يناقش فيه صندوق النقد الدولي ومصر التقدم الذي أحرزته الحكومة في تلبية أهداف برنامج الإصلاح.
بدون التعويم لن يستفيد الجنيه المصري
العملة المصرية ليست معومة بالكامل إذ لا يزال البنك المركزي يتحكم بها ويعمل على خفضها على مراحل، لذا لن تستفيد من تراجع الديون الخارجية.
عندما تقوم دولة ما بتخفيض ديونها، فإن ذلك يشير إلى الاستقرار الاقتصادي والمسؤولية المالية، وهو ما يميل إلى زيادة ثقة المستثمرين في اقتصادها.
كما يشير انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أن الحكومة أقل عرضة للتخلف عن سداد التزاماتها، مما يجعل الاستثمارات في أصول ذلك البلد (مثل السندات والأسهم) أكثر جاذبية.
وبشكل عام، قد يؤدي انخفاض الديون إلى تعزيز قيمة عملة مصر مقابل الدولار من خلال تعزيز ثقة المستثمرين، وتحسين الاستقرار المالي، وجذب رأس المال الأجنبي.
ومع ذلك، فإن التأثير الفعلي يعتمد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك السياسة النقدية، والنمو الاقتصادي، وظروف السوق العالمية، ودور الدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية.
لكن بالنسبة لمصر لا يستفيد الجنيه المصري لأنه ليس خاضعا للطلب والعرض في سوق الفوركس الذي كان سيتفاعل بشكل إيجابي مع الخبر.
من شأن تبني سعر صرف مرن حقيقي للجنيه المصري أن يساعد البنك المركزي على توجيه الاحتياط النقدي من العملات إلى تسديد الديون وتسوية العمليات الدولارية عوض حرقها في تثبيت سعر العملة المصرية.
من جهة أخرى تعاني مصر اقتصاديا في ظل تراجع عائدات قناة السويس بسبب هجمات الحوثي على التجارة العالمية والحرب في غزة والظروف الإقليمية الصعبة المحيطة بها في ليبيا والسودان، والأهم من ذلك أن المشاريع التنموية الضخمة التي ضخت فيها مليارات الدولارات تحتاج إلى وقت كي تعود بعائدات جيدة.