منذ اللحظة الأولى التي واجه فيها سعد لمجرد تهمة الاغتصاب في فرنسا، وهناك حالة من التعاطف معه ليس فقط من المعجبين بل أيضا المنافسين من المغنيين والمغنيات وحتى عدد من الحقوقيين شككوا في رواية الضحية.
في المحكمة اعترف الفنان المغربي صاحب الشعبية الكبيرة بذنبه، ولم يصدر الحكم من فراغ بل بعد أن وجد سعد لمجرد نفسه عاجزا عن إخفاء الحقيقة.
رغم ذلك يبدو أنه يريد تخفيف الحكم عليه، فقد لجأ اليوم إلى الاستئناف وفي انتظار المحاكمة التالية التي ينتظر أن تسلط وسائل الإعلام الضوء عليها، وفي هذا الوقت تضج الشبكات الاجتماعية بالمنشورات التي تدافع عنه.
حتى بعض الفنانين المغاربة لا يريدون تغيير موقفهم ويعتقدون أن الفتاة الفرنسية فقط تكذب وهم يعرفون سعد أكثر منها، ولا يصدقون ما يحصل لزميلهم.
وكان لافتا وجود أصحاب نظريات المؤامرة في النقاش، حيث يفسرون ما يجري بأنها مؤامرة فرنسية مدبرة ضد الفنان المغربي المقرب من السلطة، لتصفية حسابات فرنسية ضد المغرب الذي يبدو متمردا على الغطرسة الفرنسية، وهو الذي سلم منذ أيام هاكر فرنسي خطير للولايات المتحدة.
آخرين يتفقون مع نظرية المؤامرة ويتكلمون على أن هناك أيدي خفية غير فرنسا، ربما تكون الجزائر وراء تحطيم الموهبة المغربية وتشويه سمعته.
ويقول فريق آخر أن القصة تشبه تماما ما تفعله المخابرات والشرطة الجاسوسية التي ترسل امرأة إلى المستهدف لإغوائه والإيقاع به.
مما سبق يمكن لأي شخص عقلاني أن يلاحظ كيف أن الناس عاطفيون، ولهذا يخترعون قصصا وروايات ويصدقونها، وحتى في حال اعتراف سعد لمجرد بذنبه تماما سيفسرون ذلك على هواهم، ربما يقولون أنه تعرض لضغوطات فرنسية ومساومات تفرض عليه ذلك.
يجب أن نعلم تماما أن سعد لمجرد في النهاية مجرد فنان مغربي يغني وهو لا يخترع الصواريخ أو يطور أسلحة الدمار الشامل أو أنه من خير علماء المغرب كي يتعرض لمؤامرة في حال وجودها من الأساس.
وما أكثر المغنيين والفنانين والمهوبين في المغرب، سينكسر سعد لمجرد ويأتي ألف مثله وأفضل منه صوتا وطربا، وهو ليس أول فنان أو مشهور يغرق في وحل الإغتصاب، فقط قبل أسابيع ألقي القبض على لاعب كرة القدم البرازيلي داني ألفيس الذي اعتدى جنسيا على فتاة في ملهى ساتون الليلي في برشلونة، هل يمكن القول أنه تعرض هو الآخر لمؤامرة معينة؟
أصبح التعاطف مع الجلاد أو المغتصب شائعا في العالم العربي وتكذيب الضحية أمرا سهلا والتعاطف معها محتشم وخجول للغاية.
لقد رأينا في التعاطف في مصر قبل أشهر مع قاتل الطالبة نيرة اشرف، وأيضا تعاطفا مع فتيات مصريات انتحرن بسبب تشويه سمعتهن وتخلي الأهالي عنهن والتشكيك في مصداقية روايتهن.
في هذا الإطار عبّرت الناشطة الحقوقية المغربية، كريمة رشدي، عن صدمتها من حجم التعاطف مع سعد لمجرد، وأكدت لشبكة الحرة الأمريكية: “ضرورة تغيير العقليات، فيما يتعلق بالتعاطي مع الجرائم الجنسية، مضيفة أنه يمكن تفهم تضامن عائلة وأقارب المذنب، لكن الدفاع الواسع من طرف معجبيه أو زملائه في المجال الفني غير صحي ولا مقبول”.
وأضافت أن هذا الأمر سيؤدي إلى “تباين في التعامل مع المدانين من قضية إلى أخرى أو من شخص إلى آخر بحسب مدى شهرته ونجوميته”.
وقالت أن التعاطف الواسع مع المشاهير المتورطين في مثل هذه الجرائم سيؤدي إلى “زيادة الضغط النفسي على الضحايا وعائلاتهم، والتأثير على قضايا مستقبلية تواجه فيها نساء أشخاصا مشهورين أو نافذين”.
كذلك الباحث في علم النفس الاجتماعي، محمد بنزاكور، أكد على أن “هيجان المشاعر والتعاطف” مع لمجرد يمثل “تغييبا للتعقل والمنطق”.
ربما قد نتفهم التعاطف مع شخص يواجه هذه التهمة قبل الإدانة، لكن بعد الإعتراف والإدانة بشكل أساسي يصبح التعاطف تشجيع للإغتصاب والجرائم الجنسية.
وتواجه المجتمعات التي تتعاطف أيضا مع المغتصبين نقصا في التمييز بين الجنس عن طيب خاطر والإغتصاب، في الغرب تعد المساكنة والجنس خارج اطار الزواج أمرا مباحا، لكن هذا لا يعني أن القانون يمنح الفرد الحرية في التحرش بالنساء أو فرض ممارسة الجنس عنها بدون موافقتها الكاملة، حتى في اطار الزواج يسمى ذلك اغتصابا.
إقرأ أيضا:
تهمة الإغتصاب ستدمر أشرف حكيمي بعد سعد لمجرد في فرنسا
ما هي نظرية الاستبدال العظيم التي يروج لها قيس سعيد؟
عندما تكون أمريكا هي الله عند أهل نظرية المؤامرة