بينما تنمو السياحة في تونس بقوة وتستعيد عافيتها بشكل متسارع، إلا أن هذا القطاع الذي لا يشكل سوى 8 في المئة من الناتج الداخلي الخام للبلد لا يمكن الإعتماد عليه لوحده.
هناك الكثير من القطاعات في هذا البلد والصناعات التي تحتاج إلى تطوير، والأهم يجب على تونس أن تهتم أكثر بالقطاع الخاص واستقطاب الإستثمارات.
في سلسلة الإستثمار في تونس تطرقنا إلى العديد من المواضيع المهمة لمن هم مهتمين بالإستثمار في هذا البلد المميز والجميل.
لكن يجب الإشارة إلى أنه رغم التحسينات التي أدخلتها الحكومات التونسية على مناخ الأعمال في البلاد إلا أن البيروقراطية تشكل مشكلة لتونس والإقتصاد التونسي.
-
البيروقراطية مشكلة الإقتصاد التونسي
يقول العديد من المحللين والخبراء إن أحد أسباب التدهور الحاد لاقتصاد البلد هو البيروقراطية الشديدة والعميقة. تقتل البيروقراطية الاقتصاد عن طريق إعاقة مشاريع المستثمرين وطموحاتهم وحرمان الدولة من الإيرادات التي هي في حاجة ماسة إليها.
تونس هي أبرز مثال حاليا على عدم اهتمام الحكومة بوضع تدابير إصلاح لهذه المشكلة باعتبارها الجانب الآخر من الفساد.
يتساءل المرء لماذا لا تزال المشاريع الاستراتيجية في تونس، والتي كانت جاهزة للتنفيذ منذ سنوات تنتظر موافقة السلطات الإدارية.
مشكلة الإدارة التونسية هي الإجراء الإداري المطول، وتشكل هذه البيروقراطية البطيئة عقبة أمام تنفيذ أي قرارات سياسية أو اقتصادية.
حتى كبار المسؤولين يعترفون بوجود بيروقراطية عميقة يجب محاربتها من أجل تنفيذ الإصلاحات، ومع ذلك لم يتمكنوا من محاربة هذه البيروقراطية الخفية وقدموا دليلاً آخر على عدم قدرة الدولة على معالجة قوة جماعات الضغط والأفراد المؤثرين.
في عام 2018، أعلنت الحكومة عن برنامج شامل لمكافحة البيروقراطية، ومن المفارقات أن المشكلة قد تفاقمت على جميع مستويات الإدارة، عشرات المشاريع الإستراتيجية تجمع الغبار على رفوف الوزارة بحجة “تونس أولاً”.
-
البيروقراطية والإستثمار في تونس
المواطنون التونسيون والعديد من الشركات ورجال الأعمال يشتكون باستمرار من تعقيد الإجراءات الإدارية، وبطء حل الملفات المهمة والتأخير المطول حتى في الحصول على الوثائق العادية.
كل شيء يتطلب وقتًا لا مبرر له، وهو الجانب الرئيسي من البيروقراطية العميقة التي غالباً ما يتم اعتبارها بأنها في خدمة جماعات الضغط السياسية والاقتصادية القوية.
في الوقت الذي يحاول فيه قطاع الأعمال حل الأزمات العديدة بأسرع ما يمكن والمضي قدماً في أنشطته، فإن عوامل البيروقراطية والفساد تقيد الشركات والمستثمرين من خلال صورة ضبابية وغامضة لمناخ الأعمال، كانت إحدى المشكلات التي زعمت الحكومة أنها كانت تحسين مع قانون الاستثمار الجديد.
هناك معادلة معروفة في تونس: فكلما زادت عدد الإجراءات الإدارية، زادت ظاهرة الرشوة والإبتزاز داخل الهيئات الحكومية.
إن إصرار الحكومة على محاربة البيروقراطية والفساد ليس أكثر من أداة انتخابية لجني الأصوات كما يقول مراقبون.
من المؤكد أن يستفيد بعض المسؤولين من حاجة المواطنين أو المستثمرين لتسريع الإجراءات للمضي قدمًا في مشاريعهم ومواجهة خيارين: الانتظار حتى تمر المعاملات عبر القنوات العادية والتي قد تستغرق سنوات، أو التقدم إلى الابتزاز الإداري ودفع رشوة لتسريع الأمور.
لا يمكن إلقاء اللوم على الشخص المسؤول عن إتمام المعاملات الملموسة في أي وكالة حكومية، لأن هذا الشخص موظف “سلبي” وموظف في جهاز بيروقراطي ضخم غير قادر على العمل بسلاسة وسرعة وبشكل خاص على نحو خلاق.
-
تكاليف تدفعها الشركات التونسية
تشير بيانات البنك الدولي إلى أن الشركات التونسية أنفقت منذ بداية الأزمة الاقتصادية قبل ثماني سنوات ما يقرب من 18 ٪ من العائدات السنوية على الأعباء البيروقراطية والفساد المرتبط بها، وهذا يمثل نسبة كبيرة من انخفاض الإيرادات بسبب مشاكل البلد التي لا تنتهي.
تشير تقارير لجنة مكافحة الفساد التونسية إلى أن مستوى الفساد الإداري والمالي قد ارتفع على جميع مستويات الإدارة منذ عام 2011 بطريقة لم يعد من الممكن التسامح معها.
لقد أصبح العامل الرئيسي الذي يعيق النمو الاقتصادي بينما تتكبد البلاد خسائر قدرها 830 مليون دولار كل عام بسبب البيروقراطية.
نهاية المقال:
تخسر تونس مليار دولار سنويا بسبب البيروقراطية، وهذه الأخيرة هي التي تزيد من انتشار الرشاوي والفساد المالي وتأخر تنفيذ المشاريع، ناهيك على أنها أكبر تحدي للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في الإستثمار بالبلد الديمقراطي.