في تاريخ الأزمات المالية لن تجد أية أزمة مالية في التاريخ الحديث تشبه ما يحدث حاليا، ورغم أنه تطرقت سابقا إلى أن العديد من الأوبئة عبر التاريخ رافقتها بالفعل الأزمة المالية والركود الإقتصادي إلا أن الأمر مختلف هذه المرة.
وباء فيروس كورونا مختلف كليا فهو عالمي ودولي تمكن من شل العالم بأكمله وإيقاف التجارة العالمية والسفر والسياحة وقطاعات كبرى وحيوية بالنسبة للإقتصاد العالمي.
يصف الإقتصاديون ما حدث بأنه مصيبة من نوع مختلف، هذه ليست الأزمة المالية 2008 أو 2000 أو 1987 أو 1929 أو أي أزمة أخرى.
اندلعت أزمة فيروس كورونا وسريعا ما تحولت إلى أزمة اقتصادية أدت إلى ارتفاع صاروخي للبطالة، مع ترقب واضح للركود الاقتصادي وبداية الأزمة المالية العالمية.
ربما هذا ما يبرر حجم تدخل الحكومات والبنوك المركزية من خلال ضخ تريليونات الدولارات في النظام المالي وتسريع عجلة طباعة النقود.
-
لا شيء آمن هذه الأيام
كل شخص على كوكب الأرض اليوم معرض للإصابة بفيروس كورونا، سواء كان فقيرا أو غنيا مجهولا أو مشهورا، والتهديد شمل الجيوش والساسة ورجال الأعمال.
وبناء على ذلك فإن مصالحنا جميعا معرضة أيضا لنفس الخطر، حيث توقفت الأعمال وأجل الكثير منا استلام الأموال من عملائه الفترة الحالية أو إتمام بعض الصفقات المهمة.
والكثير من الناس سقطت دخله من الرقم الشهري إلى الصفر، خصوصا هؤلاء الذين يعتمدون على الكسب اليومي وأصبح تدخل الحكومات لإعالتهم أمرا ضروريا.
حتى الأصول التي نستثمر بها لم تعد آمنة فالهبوط الذي تعرضت له الأسهم العالمية تعرضت له أيضا الأصول الآمنة مثل الذهب والفضة وانهار النفط وتراجعت العديد من السلع والأصول الأخرى بما فيها العملات الرقمية.
القرارات الإستثمارية هذه الأيام صعبة للغاية ولا يوجد شيء آمن يمكنك أن تضع فيه نقودك كي تتنامى، حتى السندات الحكومية والعملات النقدية تعيش اضطرابات واضحة.
-
الأزمة المالية 2020 ستغير العالم برمته
الشيء الوحيد الذي نعرفه حاليا هو أن العالم سينجح في التوصل إلى حل لأزمة فيروس كورونا وربما يختفي الفيروس مع حلول الصيف ويحصل العلماء على فرصة للتركيز على اللقاحات الفعالة له لمواجهته عند أي عودة له.
لكن الأزمة المالية 2020 ستغير عالمنا حيث من المنتظر أن نرى تغييرات جديدة في السفر والسياحة والتنقل بين الدول، وستضخ الحكومات مليارات الدولارات في مكافحة الأوبئة وتطوير الرعاية الصحية في مختلف البلدان كي لا يتكرر مثل هذا الكابوس.
من المنتظر أن نرى خدمات وحلول جديدة في القطاع الصحي ستغير المجال وتسرع أيضا من عمليات إيجاد اللقاحات لأي فيروسات جديدة، فمن العار أن العالم كله بإمكانياته وعلمائه لا يستطيعون إنتاج لقاحات في أقل من عام.
-
كيف سيتغير قطاع الرعاية الصحية والأدوية؟
إنتاج 95٪ من المستحضرات الصيدلانية الأمريكية في الخارج لن يصبح حقيقة مرة أخرى، سيقوم الكونغرس الأمريكي بالضغط على الشركات الحلية لإنتاج الأدوية داخل البلد الذي يتزعم العالم.
شركات الأدوية ستزداد أهميتها ومكانتها وستحظى بالمزيد من الاهتمام من المستثمرين ورجال الأعمال الذين سينتظرون حدوث أزمات أخرى مشابهة ويرغبون في تفادي حدوث ذلك.
وبالنسبة لمختلف البلدان ستهتم الحكومات بالقطاع العام وتطوير القطاع الخاص في مجال الرعاية الصحية وصناعة الأدوية.
ستتجه الكثير من الشركات الناشئة والكبرى لهذه المجالات من أجل حل مشاكله الكثيرة التي أصبحت مكشوفة في هذه الأزمة.
وستتجه مختلف البلدان على ما يبدو إلى تفعيل آليات الفحص الصحي التلقائي في المطارات ورصد أي أشخاص مصابين بالفيروسات وحجزهم.
-
ما بعد الأزمة المالية 2020 ليس مثل ما قبلها
ستختفي شركات ومؤسسات وتعلن افلاسها وتظهر أخرى لتتزعم المشهد وتتراجع قطاعات معينة وربما يكون قطاع النفط واحدا منها، خصوصا وأن العالم سيزيد من استثماراته في الطاقات البديلة والنظيفة والحلول الصديقة للبيئة.
من جهة أخرى نترقب أن يكون للعملات الرقمية والحلول الإلكترونية في مجال المدفوعات أهمية كبرى، خصوصا وأن النقود الورقية والمعدنية وبطاقات الائتمان يمكن أن تكون وسيطا لنقل الفيروسات بين البشر.
وستنتشر شبكات الجيل الخامس على أوسع نطاق مع تطوير الإنترنت عالميا لجعلها قادرة على تحمل إتصال الجميع في نفس الوقت واستهلاك المحتوى بالجودة العالية نفسها.
سيكون هناك اهتمام أكبر باللياقة البدنية وبالقيم الإنسانية وبمحاربة الفقر ويجعل عالمنا أفضل خصوصا وأن المخاطر تتصاعد وليس من مصلحة أحد دعمها.
ومن المنتظر أن تزداد أهمية الصين ونفوذها في قلب أوروبا وربما ينتهي الإتحاد الأوروبي ويختفي اليورو، بينما يمكن لثاني قوة عالمية أيضا أن تتضرر وتسحب الشركات مصانعها منها وهو ما بدأنا نراه من قبل بعض الشركات مثل سامسونج.
ستزداد أهمية الروبوتات في الصناعات والإنتاج وقد تقود الولايات المتحدة ثورة ما على هذا المستوى في ظل سعيها القوي لجعل صناعتها قوية والتقليل من الإعتماد على الصين.
إقرأ أيضا:
استغلال أزمة فيروس كورونا في مجال الدروب شيبنج
درس الأزمة المالية حول الإدخار في زمن وباء فيروس كورونا