لا يخفى على أحد بأن الهدف وراء تواجد المواقع على فيس بوك واستخدام المنصة للترويج لروابط مقالاتها ومحتوياتها هو جلب الزيارات والقراء والمشاهدين.
وبالطبع أصبح فيس بوك مصدرا لا يستهان به للزيارات بالنسبة لمواقع الويب، وقد تمكن من انعاش حتى المواقع التي تسرق المحتوى وتستخدم المنصة لجلب الزيارات والربح منها.
حتى أن البعض ذهبوا بعيدا للقول أن فيس بوك سيتفوق على جوجل كمصدر للزيارات بالنسبة للمواقع، وجاء ذلك مدعوما بإحصائيات وأرقام تؤكد أن عددا من المواقع الكبيرة أصبحت تعتمد أكثر على الزيارات من فيس بوك مقارنة مع جوجل.
غير أنه في نهاية المطاف الأرقام تؤكد أن جوجل لا يزال هو الأفضل، والفشل في جلب الزيارات منه لبعض المواقع بقوة هو لعدم استثمارها في المحتوى العالي الجودة وتوجيه الاستثمارات إلى إعلانات فيس بوك!
لكن بشكل عام توصل موقع Recode العالمي وبالاعتماد على خدمة الإحصائيات الرقمية Parse.ly إلى حقيقة بأن الزيارات التي حصدتها مواقع الويب من فيس بوك خلال 2017 تراجعت، والأزمة مستمرة وقد يستمر الحال على ما هو عليه خلال 2018.
وقال التقرير الذي اطلعت عليه بأن البيانات التي جمعتها Parse.ly هي من 2500 موقع إلكتروني منها مجلة التايم وكذلك وول ستريت جورنال إضافة إلى HuffPost وهي المواقع التي تستخدم خدمة الإحصائيات المذكورة.
الصورة أعلاه تكشف لنا أن نسبة الزيارات من فيس بوك للمواقع الشهيرة في تراجع من 39 في المئة خلال بداية السنة إلى نسبة 26 في المئة فقط، بينما تمكن جوجل في المقابل من العودة إلى التفوق بارتفاع نسبة زياراته إلى المواقع من 34 في المئة إلى 44 في المئة.
السؤال هو: ما الذي يقف وراء انهيار الزيارات من فيس بوك إلى المواقع الإلكترونية؟
-
الأخبار المزيفة أضرت بسمعة فيس بوك
منذ أشهر وأنا شخصيا أتحدث عن مشكلة الأخبار المزيفة والتي تهدد فعلا مصداقية الشبكات الإجتماعية وصناعة الأخبار والمجتمعات والثقة بشكل عام.
للأسف الرأي العام العربي يستخف بهذه المشكلة، ويعتقدون أنها تتعلق فقط بالانتخابات الأمريكية حيث هناك أدلة بأن فيس بوك و تويتر شكلا مسرحا للأخبار المزيفة التي دفعت الشعب الأمريكي للتصويت لصالح دونالد ترامب.
لكن المشكلة عالمية وكبيرة والمجتمعات العربية تضررت منها في القضايا المحلية والإقليمية، السياسية والاقتصادية وحتى التقنية والفنية والدينية!
يوما بعد يوم يفقد المزيد من الناس الثقة بما ينشر على منصة فيس بوك، وهناك اعتقاد متصاعد لدى الرأي العام بأنها منصة للهراء والأكاذيب والتزييف.
ورغم أن هناك استطلاعات رأي تفيد بأن الثقة بما تنشره صفحات فيس بوك لا تزال في مستويات عالية ولم تتضرر نتيجة فوضى الأخبار المزيفة إلا أنني على ثقة تامة بأن سمعة فيس بوك أصبحت على المحك، لهذا تتحرك بسرعة مؤخرا لمكافحتها وكان آخرها تحذيرها أحد المستخدمين الذي أرسل روابط أخبار مزيفة لأحد أصدقائه من خلال ماسنجر!
-
ضريبة الحرب على الأخبار المزيفة
في ظل تركيز الإعلام البريطاني والغربي على مشكلة الأخبار المزيفة بموقع فيس بوك ودورها في نشر المغالطات والتأثير على الرأي العام، تجد الشركة الأمريكية نفسها مضطرة للقيام بتغييرات على خوارزميات الموقع لحجب الروابط التي تؤدي إلى خارج الموقع.
ورغم أنه لا يمكن حاليا ملاحظة ذلك إلا أن الشركة الأمريكية اعتمدت خوارزميات تعمل على تحليل المحتوى والتحقق من أنه صالح للظهور للمتابعين أم لا بناء على مصداقيته.
الترويج للأخبار المزيفة من خلال إعلانات فيس بوك أصبح صعبا، وهي الطريقة الشائعة في صناعة أدسنس اربتراج، حيث تكتب خبرا مزيفا ومثيرا على مدونة وتعلن عنه بموقع فيس بوك، تجلب الزيارات وتحصل على عائد أكبر مما أنفقته من خلال الإعلانات والفارق هو الربح الصافي!
مثل هذه المواقع والمدونات بدأت تنهار فعلا وجهود فيس بوك في التضييق على الصحافة الصفراء بدأت تعطي ثمارها وهي التقليل من الزيارات التي تحصدها بشكل عام مواقع الويب من تلك المنصة.
نهاية المقال:
عام وأنا أحذر من الأخبار المزيفة على فيس بوك، ليس فقط لأنها تهدد أمن المجتمعات والثقة بين الناس، لكن أيضا لأنها تهدد سمعة صناعة الأخبار ومصداقية الويب وسيتضرر منها الجميع دون استثناء.
المواقع التي تستثمر في المحتوى مثل مجلة أمناي ستجد أن جوجل هو المصدر الأساسي للزيارات وربما بفارق كبير للغاية عن فيس بوك، أما المواقع التي تنشر المحتوى الفيروسي المزيف وتركز على فيس بوك و تويتر ستعاني خلال الفترة القادمة إن لم تغير سياساتها وتحترم عقل القارئ.