أخيرا وافقت الهيئة المالية في السعودية على اكتتاب شركة أرامكو، والتي ستنتقل من القطاع العام الحكومي إلى القطاع الخاص وتصبح شركة متعددة الجنسيات.
لا شك أنها خطوة في الإتجاه الصحيح للملكة العربية السعودية التي تعمل على تطبيق رؤية 2030 بسرعة، والتي تتضمن تعزيز القطاع الخاص وتشجيع إنشاء الشركات.
تعد أرامكو في الواقع حالة خاصة فهي أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية وقد تعدت قيمتها 2 تريليون دولار، من جهة أخرى فهي شركة حكومية نفطية على عكس الكثير من الشركات النفطية الرائدة التي تم خصخصتها منذ عقود.
مع تراجع أسعار النفط وانتقال العالم إلى الطاقات المتجددة وانتشار السيارات الكهربائية تتراجع أهمية الذهب الأسود، وهي فكرة تدركها جيدا المملكة السعودية لهذا تتسابق مع الوقت لتنويع اقتصادها والكف عن الاعتماد على النفط.
خصخصة أرامكو وطرح أسهمها في البورصة السعودية وبعض البورصات العالمية الأخرى، يفتح الباب لتقييمها بشكل صحيح بدون مبالغات ولا مزايدات.
من جهة أخرى ستستفيد الحكومة السعودية والدولة من هذه الخطوة حيث ستحصل على عائدات كبرى منها وتستفيد من ذلك قبل فوات الأوان.
ما أتحدث عنه هنا هو أن قيمة أرامكو السوقية في عام 2015 بحوالي 10 تريليون دولار وتراجعت إلى 2 تريليون دولار، ورغم أنها لا تزال الأكبر في العالم بقطاعها وبمقارنة مع شركات العالم، فهي مرشحة مع تراجع أسعار النفط لتفقد المزيد من المليارات من الدولارات.
وبالتالي لو تم الاكتتاب عام 2015 لكان أفضل للحكومة السعودية ومع مرور الوقت فهي تفقد فرص تحقيق عائدات ضخمة من وراء هذه العملية.
حاليا تم تقييم الشركة بين 1.5 و 1.7 تريليون دولار، وهو ما أكدته السلطات السعودية ومقارنة بالرقم السابق فهذا يعني أنها فقدت حوالي 500 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ بدء الحديث عن طرح اكتتابها منذ عامين.
ومن الطبيعي أن الشركة تفقد قيمتها السوقية بشكل متسارع فعائداتها وأرباحها تتراجع، وأبرز مثال على ذلك هو أنه خلال الأشهر التسعة الأولى من هذه السنة حققت أرباحا بقيمة 68 مليار دولار مقارنة مع 111 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
لهذا السبب تخسر المملكة كلما تأخرت في عملية طرح أسهم الشركة بالبورصات، والحل الأفضل لاستغلال هذه الأزمة هي القيام بذلك في أسرع وقت ممكن.
من جهة أخرى سيكون على الشركة البحث عن تنويع عائداتها وأرباحها، فعوض أن تعتمد على النفط لوحده يجب عليها أن تستثمر في الطاقات البديلة والمتجددة.
رأينا خلال السنوات الماضية تصدر شركات النفط أعلى الشركات على مستوى القيمة السوقية، لكن خلال السنوات الأخيرة تفوقت عليها شركات التكنولوجيا وبقيت أرامكو في أعلى تريليون دولار لكنها تراجعت قيمتها منذ 2015 بحوالي 10 تريليون دولار إلى 1.7 تريليون دولار الآن.
مصير أرامكو السعودية لن يختلف عن شركات النفط العالمية الموجودة في البورصات والتي تراجعت قيمتها السوقية وخسرت تفوقها على مستوى القيمة السوقية لصالح شركات التكنولوجيا التي تستغل النفط الجديد “بيانات المستخدمين”.
وبقدر ما اكتتاب أرامكو هو انجاز وإن كان متأخرا، فهو فصل آخر ضمن آخر فصول قصة الذهب الأسود، حيث أتوقع شخصيا أن تتراجع قيمة هذه الشركة النفطية وتخرج من قائمة العشرة الكبار وهو ما حدث مع إكسون موبيل وشركات النفط من قبل!
ما سينظر إليه المستثمرين عند شراء أسهم أرامكو وتداولها هو سعر السهم وعائدات الشركة وأرباحها مقارنة بنفس الفترات من العام المنصرم إضافة إلى تحركات سعر النفط والوضع السياسي والعسكري في الخليج العربي.