منذ بداية حرب غزة وهناك من يردد أسئلة استنكارية: أين العرب من غزة؟ أين الحكام العرب الخونة؟ أين المجتمع الدولي المنافق؟ ولكن الجبان لن يطرح السؤال الأهم: أين الله من غزة؟
إن الله هو المسبب الأول وأصل الوجود في الأديان البشرية، هو الذي قدر كل شيء، خيره وشره، نوره وظلامه، هو الذي خلق الملائكة والشيطان ولديه خطة أليس كذلك؟
أين الله اليوم من غزة الجريحة وما يحدث في السودان ومناطق كثيرة في العالم؟ أم أن دماؤهم أرخص عنده من دماء أقوام مضت وأصبحت من الماضي.
أين هو الله الذي لا يحرك ساكنا لأجل المستضعفين؟ هل فقد قدراته على تحريك الجبال وتوجيه الرياح كي تمر الظالمين؟ أم أنه فقد الأمل في البشرية؟ فلماذا إذن لا يوقف نسلهم كي ينقرضوا كما انقرضت الديناصورات وهي أكبر وأعظم؟
أين هي ملائكته وجنوده التي كانت تقاتل إلى جانب المؤمنين المظلومين في الأساطير الدينية؟ أم أن لا وجود لها في زمن العلم والأسلحة المتطورة؟ أم أن حماس ظالمة وإسرائيل مظلومة؟
لماذا لا يشق القمر نصفين كما فعل من قبل حسب تلك الأساطير ولا وجود لخبر انشقاقه عند بقية الأمم المجاورة للعرب في تلك الحقبة من التاريخ؟ لماذا لا يعيد الكرة مرة أخرى؟
أين الله من بكاء أطفال غزة وعويل النساء وآلام الشباب وكبار السن؟ لماذا لا يساعدهم ببعض الدفء في هذا البرد وهو الذي يتحكم في المناخ كما يدعي المسلمين؟
أين الله وهو الذي صنع المشكلة في الأصل؟ فالصراع الفلسطيني الإسرائيلي له أصل ديني، وهذا ليس استعمار دولة لدولة بل صراع بين شعبين في الأصل وغياب لحدود حقيقية بينهما.
إنه صراع يهودي مسيحي إسلامي على أرض يعتقدون أنها مقدسة، وهناك وعد إلهي لكل طائفة بأنها ستفوز به في آخر الزمان وستكون القدس هي أساس دولة الله المزعومة.
ينبغي أن يواجه الجبان أصل المشكلة وهي مع النصوص والديانات المنسوبة لخالق الوجود، الذي يفضل شعبا على بقية الشعوب ويتصرف كأنه انسان عنصري، وهو مهتم بشعوب الشرق الأوسط ومتجاهلا شعوب أفريقيا وقارات أخرى وكأنهم مخلوقات من درجة ثانية.
وهذه المواجهة هي التي ستحرر عقله من الخرافات الدينية وستحرر شعوب المنطقة من الأوهام وتدفعهم إلى التعايش الحقيقي والسلام لأن العنف لا يجلب سوى القتل ولا توجد جائزة بعد الموت سيحصل عليها من يقتل الآخر.
ولو كان الله مزعوما موجودا فعلا وهو مع المسلمين لأوحى لقادة حماس أن هجوم 7 أكتوبر سيكون تصرفا انتحاريا لكنهم كانوا على ثقة بأن النصر حليف لهم ودمروا القطاع الفلسطيني.
ينبغي قبل أن تستنكر عجز المجتمع الدولي عن إيقاف الحرب وحياد الدول العربي في هذه الحرب، أن تستنكر صمت الله وتخليه عن المستضعفين فهو الأقوى في الوجود وأقوى من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأي قوة أخرى في الوجود.
وإذا كان النصر معتمدا بنسبة كلية على التخطيط العسكري والذكاء والمهارة فقد أكدت بنفسك أنه ليس لله أي دور حقيقي على أرض الواقع ونشكرك على ذلك لأن هذا ما يتحدث عنه الملحدين.
وجود الله مثل عدمه أليس كذلك؟ ألا ترى ذلك حقيقيا في هذه الحرب التي فضحت الكثير، ومنها زيف الديانات الإبراهيمية وكونها جزءا من المشكلة وليس الحل.
أين الله من غزة؟ المسؤول الأول قبل العرب والمجتمع الدولي والقادر على إيقاف الحرب وتدمير الظالمين الذي يتدخل عندما تعجز البشرية وذلك في أساطير الأولين.