قد يصدم البعض بالكشف العلمي الجديد الذي يُثبت أن لون العيون الأزرق، الذي يُعتبر رمزاً للجمال والجاذبية لدى الكثيرين، ليس حقيقياً كما نعتقد.
هذا الاكتشاف، الذي يعتمد على الدراسات الحديثة في علم الأحياء، يُعيد تعريف ما نراه يومياً في مرايانا، ويسلط النظر على الخدع البصرية.
في هذا المقال، نستعرض السبب العلمي وراء هذا الوهم، وكيف يتعلق بظاهرة طبيعية مألوفة، مع تفاصيل حول تطور ألوان العيون عبر الزمن.
لماذا لون العيون الأزرق ليس أزرقاً حقاً؟
يبدو الأمر صادماً لمن يفتخرون بلون عيونهم الأزرق، لكن العلم يؤكد أن هذا اللون ليس موجوداً بشكل مادي في القزحية.
بدلاً من ذلك، ينشأ من ظاهرة تُعرف بـ”تأثير تيندال” (Tyndall Effect)، وهي نفس الظاهرة التي تجعل السماء والبحر يبدوان زرقاوين رغم وضوحهما.
الدكتورة دافينيا بيفر، عالمة الأحياء الحيوية في جامعة بوند الأسترالية، شرحت أن السبب يكمن في نقص الميلانين – الصبغة المسؤولة عن لون العين – في عيون الذين يُعتقد أنها زرقاء.
وفقاً للدكتورة بيفر، تحتوي العيون البنية على تركيز عالٍ من الميلانين الذي يمتص الضوء ويخلق مظهراً داكناً.
أما العيون “الزرقاء” فتحتوي على كمية ضئيلة من الميلانين، مما يسمح بتشتت أطوال الموجات القصيرة للضوء، مثل الأزرق، بشكل أكثر فعالية مقارنة بالموجات الطويلة مثل الأحمر أو الأصفر.
بسبب هذا النقص، يُهيمن الضوء الأزرق المشتت على ما ندركه كلون، لكنه مجرد انعكاس بصري وليس صبغة حقيقية.
أصل العيون الزرقاء: طفرة جينية قديمة
تشير الأبحاث إلى أن العيون الزرقاء نشأت من طفرة جينية حدثت في أوروبا قبل 6000 إلى 10000 سنة.
هذه الطفرة قللت من إنتاج الميلانين في القزحية، مما أدى إلى ظهور هذا اللون الوهمي.
الدكتورة بيفر أوضحت أن العيون الخضراء نادرة لأنها ناتجة عن عطل جيني يقلل الميلانين أكثر قليلاً، بينما العيون العسلية (Hazel) أكثر تعقيداً بسبب توزيع غير متساوٍ للميلانين، مما يخلق “فسيفساء” من الألوان تتغير حسب الإضاءة.
وفقاً للأبحاث، يُعد اللون الأزرق الأكثر شيوعاً في المملكة المتحدة، حيث يمتلكه حوالي 48% من السكان، بينما يبقى اللون البني الأكثر انتشاراً عالمياً.
كيف تتغير ألوان العيون؟
تُظهر الدراسات أن لون العين يمكن أن يتغير مع نمو الطفل، حيث يتراكم الميلانين مع الوقت، مما قد يحول العيون الزرقاء عند الولادة إلى خضراء أو بنية لاحقاً.
في مرحلة البلوغ، تظل التغيرات طفيفة وتعتمد على الإضاءة أو الملابس، كما أن عدة جينات تتحكم في لون العين، مما يفسر لماذا يمكن لأطفال من نفس العائلة أن يكون لهم ألوان عيون مختلفة جذرياً، وحتى أن ينجب والدان ذوا العيون الزرقاء طفلاً بلون عين خضراء أو بني فاتح.
اكتشاف أن لون العيون الأزرق مجرد وهم ناتج عن تأثير تيندال يغير نظرتنا لجمال العيون، لكنه لا ينقص من سحرها.
سواء كنت تفتخر بلون عينيك أو تتطلع لتغييره، فإن العلم يذكرنا أن ما نراه قد يكون أكثر تعقيداً مما نعتقد.