منذ أن كلف الملك محمد السادس الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار السيد عزيز أخنوش بتشكيل الحكومة، على إثر فوز حزبه بانتخابات 2021، والأصوات الحاقدة تلاحقه وقد أضحت صاخبة.
ازداد الأمر سوءا في السنوات الثلاثة الأخيرة بسبب ارتفاع التضخم في المغرب على إثر الجفاف والحرب الروسية الأوكرانية التي أشعلت تضخما عالميا وأزمة عالمية كبرى.
وكانت وعوده كبيرة وجذابة للشباب وشجاعة لكنها تتناسب مع خطة الملك محمد السادس الذي دعا إلى تعميم التغطية الصحيحة وإصلاح نظام التقاعد وتوفير الحماية الاجتماعية للجميع وهو المشروع الأكبر الذي عملت عليه حكومة أخنوش وحققت إنجازات كبرى فيه.
والآن لجأ الشارع المغربي خصوصا الشباب من جيل زد (مواليد 1997 إلى 2012) إلى الشارع مطالبين بإصلاح التعليم والصحة وهما قطاعين مهمين بهما اختلالات كبيرة لكنها بحاجة إلى سنوات لإصلاحها، قبل أن تتحول الإحتجاجات إلى أعمال عنف ضد المنشآت العمومية والخاصة.
بل إن هؤلاء يطالبون بانسحاب المغرب من تنظيم كأس العالم 2030 وإيقاف الأوراش الكبرى المرتبطة به، وإنفاق الأموال على القطاعين الأساسيين وتوفير فرص العمل وهي شعارات متكررة تكرس من سيطرة الدولة على الاقتصاد وأهميتها وهو لا يعجبني شخصيا فأنا ليبرالي ومع الليبرالية الجديدة التي تدعو إلى الخصخصة والتعويم ثم خفض الضرائب وبالتالي تعزيز قوة القطاع الخاص والحرية الإقتصادية في البلاد وتسهيل انشاء الشركات والمقاولات.
ورغم أن النقاش حول السياسات العمومية مرحب به، وكل واحد منا يرى نفسه محقا من زاوية نظره، إلا أن الحقد على الرئيس عزيز أخنوش غير مبرر.
ما بين عامي 2022 و 2023 وفي خضم الأزمة العالمية التي ارتفع فيها أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل (المغرب ليس منتجا بل مستوردا) طالب الكثير من الشباب والناشطين على الشبكات الاجتماعية الرئيس أخنوش بتقديم استقالته وهذا الجهل والتسرع لا يزال مستمرا بل أصبح متضخما.
ورغم اقتراب الإنتخابات الرئاسية التي ستقام العام المقبل إلا أن المعارضة وخصوم الرئيس لا يريدون له أن يبقى على رأس الحكومة حتى موعد الإستحقاقات القادمة ويطالبون بإسقاطه من الآن.
ومن خلال متابعتي لحالة الغليان في الشبكات الإجتماعية ومنصات الفيديو وعلى رأسها يوتيوب، يمكن القول أن هذا الحقد اتجاه الرئيس هو شخصي وطبقي أكثر من كونه موضوعي ومنطقي.
يشعر هؤلاء عموما بالحقد على الأثرياء والناجحين ماليا، ولأن أخنوش لديه ثروة تناهز 1.7 مليار دولار، حققها من أعماله التجارية العائلية، إلا أن هؤلاء يريدونه أن يتخلى عنها لأجل ما يسمونه “أولاد الشعب” وكأن الأثرياء والمسؤولين والبقية هم “أولاد المريخ”.
لا شك أن هذا الحقد الطبقي المتزايد مدفوع فعلا بارتفاع تكاليف المعيشة في البلد وهو أمر كان متوقعا وتنبأت به منذ ان بدأت روسيا هجومها الشنيع على أوكرانيا وقد تضررت كافة الدول النامية بلا استثناء.
ورغم تصاعد الجفاف وزلزال المغرب والتوتر الكبير مع الجزائر التي لجأت إلى قطع الغاز والتبادل الطاقي مع المغرب، استطاعت الرباط إدارة المشهد بأفضل صورة بالإمكانيات المتاحة دون الدخول في أزمات أكبر مثل أزمة الكهرباء التي تعاني منها دول مثل مصر وتونس والكويت.
بلغت نسبة تغطية التأمين الصحي في المغرب حوالي 88% من مجموع السكان مع نهاية سنة 2024 وهي التي تغطي تكاليف علاج الأمراض المزمنة والخطيرة مثل السرطان بنسبة تتعدى 90% وهي تتيح العلاج في المصحات الخاصة والإستفادة من خدماتها بأقل تكلفة، وهذا انجاز في غاية الأهمية.
كما تعمل المملكة على جعل التقاعد اجباريا للجميع إضافة إلى أنها عملت في عهد هذه الحكومة على مكافحة التهرب الضريبي وانشاء إطار أوضح لنظام الضرائب يشمل الأعمال التجارية الجديدة ما زاد من دخل الدولة من الضرائب إلى 22 مليار دولار أمريكي.
في الوقت ذاته تعمل المملكة على مشاريع تنموية ضخمة مثل ميناء الناظور الجديد وكذلك مشاريع تحلية المياه التي ستساعد على حل مشاكل أزمة مياه الشرب والسقي في العديد من الأقاليم المتضررة.
كل هذا يحدث بالتوازي مع مشاريع ضخمة لربط الطرقات وتعميم السكك الحديدية على المزيد من المدن والأقاليم وصولا إلى الصحراء وزيادة عدد رحلات الطيران الداخلية بالتعاون مع الشركة الوطنية وشركات عالمية ودولية من بريطانيا والسعودية والإمارات.
لكن عقلية التواكل والشعارات اليسارية الماركسية تسيطر على الشعب المغربي خصوصا الناشطين والمؤثرين الذين يريدون من الدولة حل كل مشكلاتهم وتوفير العمل لهم ودخل أفضل وكأننا في بلد اشتراكي.
ورغم أن المغرب يعمل مع صندوق النقد الدولي ومؤسسات دولية وعالمية على تبني الليبرالية الجديدة التي اقتبست منها الصين في عام 1979 الخصخصة وكذلك الهند التعويم وكوريا الجنوبية 1997 وروسيا 1998 والتي تحول الدول إلى قوى اقتصادية صاعدة إلا أن الشارع المغربي لا يختلف كثيرا عن الشارع العربي الذي يميل أكثر إلى الإشتراكية.
يتصرف هؤلاء مثل الأطفال إذ يرغبون من الدولة أن توفر لهم كل شيء، مجرد كسلاء يهربون من المسؤولية ويريدون توظيفهم وتشغيلهم عوض انشاء الشركات والأعمال التجارية والبحث عن حلول ومطالبة الدولة بتسهيل انشاء الأعمال التجارية وتوفير بيئة تنافسية أفضل عوض المطالبة بقرارات تعزز القطاع العام الذي لا يمكن منافسته والأسوأ من ذلك أن خدماته سيئة.
ولأن عقليتهم مبرمجة على التواكل والكسل فهم حاقدون على الأثرياء والأغنياء والناجحون في هذا البلد ولعل عزيز أخنوش واحد منهم، ويشككون في قصص النجاح، ويريدون تخريب حياة كل شخص مسؤول عن حياته ولا يتصرف مثل الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية ودعم وتوجيه!