
في خطوة أثارت جدلا واسعا في أوساط الرأي العام المغربي، أعلنت شركة اتصالات المغرب عن هويتها البصرية الجديدة، محولة شعارها التاريخي من اللون الأزرق الهادئ إلى الأحمر الجريء.
ما الذي دفع هذا العملاق الاتصالي، الذي يُعتبر ركيزة أساسية في تطوير البنية التحتية الرقمية بأفريقيا، إلى هذا التحول السريع؟ هل هو مجرد تجديد شكلي يُضيع موارد ثمينة، أم إشارة إلى توجيه استراتيجي أعمق يُعيد رسم الخريطة الاقتصادية للقارة؟
في مجلة أمناي، نرى أن الإجابة تكمن في نفوذ إماراتي يتجاوز الحدود، حيث تُشكل مجموعة اتصالات الإماراتية (e&) اللاعب الرئيسي في هذا المشهد.
الهوية الجديدة: اتصالات المغرب باللون الأحمر
أعلنت شركة اتصالات المغرب، في بيان رسمي، عن تبني هوية بصرية جديدة تُمثل “خطوة مفصلية في مسارها الاستراتيجي”.
وفقا للشركة، يأتي هذا التغيير ليُجسد طموحها في مواكبة التحولات الرقمية المتسارعة، ويُساهم في تحقيق رؤية “المغرب الرقمي 2030″، مع التركيز على الاستعداد لنشر تقنية الجيل الخامس (5G).
اللوجو الجديد، الذي يعتمد اللون الأحمر كعنصر أساسي، يُقدم كرمز للديناميكية والابتكار، مُحولا الشركة من صورة تقليدية إلى رائدة في عالم الاتصالات الأفريقي.
لكن هذا الإعلان لم يمر دون صدمة. الشعار القديم، الذي ارتبط باللون الأزرق لعقود، كان يُعكس الثبات والثقة في سوق يعتمد عليها ملايين المغاربة يوميا.
التحول إلى الأحمر أثار موجة من الغضب بين العملاء، الذين رأوه إهانة للعلامة التجارية، واستغرابا لدى آخرين يتساءلون عن جدوى الإنفاق على مثل هذه التغييرات في وقت يُعاني فيه القطاع من شكاوى متكررة حول جودة الخدمة.
تفسيرات خاطئة لتغيير لوجو اتصالات المغرب
في الأوساط الإعلامية والتحليلية المغربية، لم يقتصر الجدل على الجانب الجمالي.
رأى بعض الصحفيين والمحللين أن الأمر مجرد “تغيير شكلي يُضيع الوقت والمال”، في ظل حاجة ماسة لتحسين الشبكات وخفض الأسعار.
وفي تفسير آخر، ربط مراقبون التغيير بتحالف استراتيجي داخلي، حيث تتعاون اتصالات المغرب مع منافستها إنوي لمواجهة الحصة المتزايدة لشركة أورانج في السوق المغربي.
هذا التحالف، الذي أُعلن عنه مؤخرا، يهدف إلى تعزيز المنافسة وتحسين العروض، لكنه لم يُقنع الجميع بأنه يُبرر التجديد البصري.
ومع ذلك، يبدو أن هذه التفسيرات تبقى سطحية إذا نظرنا إلى الصورة الكبرى، نعتقد في مجلة أمناي أن التغيير جاء ليُعزز التكامل مع هوية مجموعة اتصالات الإماراتية (e&)، التي تُسيطر على أغلبية أسهم الشركة بنسبة 53%.
اللون الأحمر، الذي يُمثل العنصر الأساسي في هوية e&، لم يكن اختيارا عشوائيا؛ إنه خطوة نحو توحيد العلامة التجارية عبر الحدود، مُعززا للنفوذ الإماراتي في قطاع الاتصالات الأفريقي.
الدولة المغربية تمتلك حصة قدرها 22%، بينما تُتداول البقية في سوق الأسهم المغربية، مما يجعل الشركة الإماراتية الشريك المهيمن في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
اتصالات مصر شهدت تغييرا مماثلا
يُعزز هذا الرأي النظرة الإقليمية، حيث حدث تغيير مشابه في مصر مؤخرا.
شركة اتصالات مصر، التي تُسيطر عليها اتصالات الإمارات بنسبة 66%، أجرت تجديدا بصريا يعتمد اللون الأحمر كعنصر رئيسي في هويتها، مُحولة شعارها التقليدي إلى نسخة أكثر ديناميكية تتوافق مع هوية المجموعة الأم.
هذا التحول، الذي أُعلن عنه في أبريل الماضي، لم يكن مصادفة؛ إنه جزء من استراتيجية عملاقة الإمارات لتوحيد علاماتها في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا، مُعززا للقيمة السوقية وتسهيل الاندماج التقني.
في المغرب، يبدو التغيير متوقعا بنفس السياق، خاصة مع خطط نشر الجيل الخامس التي تتطلب تعاونا وثيقا مع الشركاء الإماراتيين لنقل التكنولوجيا والخبرات.
وعملت مصر والمغرب على خصخصة أكبر شركاتها في مجال الاتصالات مع تطبيق البلدين الإصلاحات التي تحول الحكومات إلى منظم ومراقب وليس منافسا في السوق ومحتكرا للخدمات ما يمنح القطاع الخاص والشركات الناشئة فرصة للمنافسة ويجلب المستثمرين الدوليين.
