اسرائيل وثيقة 1990 صوماليلاند

نشر حساب جمهورية صوماليلاند على اكس وثيقة أممية تعود إلى عام 1990 والتي تثبت أن إسرائيل كانت الدولة الوحيدة التي بادرت إلى نقل ملف الجرائم الجماعية التي ارتكبتها الصومال بحق المدنيين في صوماليلاند إلى أروقة الأمم المتحدة.

وثيقة أرشيفية صامتة، لكنها تحمل بين سطورها قصة علاقة غير تقليدية بين طرفين التقيا عند مفهوم واحد: الحق في الحياة والكرامة قبل الحسابات الجيوسياسية.

حين دخلت صوماليلاند لأول مرة إلى سجل الجرائم الدولية

الوثيقة التي أعاد حساب صوماليلاند الرسمي على منصة “إكس” نشرها، تعود إلى الثاني من مايو 1990، وتحمل رقم A/45/264 – S/21283، وهي رسالة رسمية بعث بها القائم بالأعمال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة آنذاك، يوهانان باين، إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

الرسالة تطلب إدراج مقتطفات من تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول ممارسات حقوق الإنسان في الصومال لعام 1989 كوثيقة رسمية للجمعية العامة ومجلس الأمن، بسبب “أهميتها الخاصة” فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في شمال الصومال أي صوماليلاند الحالية.

لم تكن تلك خطوة بروتوكولية عابرة. ففي وقتٍ كانت فيه مقديشو لا تزال تتمتع باعتراف دولي كامل، وكان نظام سياد بري حليفاً إقليمياً للعديد من الدول، قررت إسرائيل أن تنقل ملف الجرائم الجماعية

وأبرز هذه الجرائم التي ارتكبت في حق الشماليين هي القصف الجوي للمدن الشمالية، المقابر الجماعية، والتهجير القسري.

هكذا دخلت مأساة صوماليلاند سجل الوثائق الأممية لأول مرة، ليس عبر دولة أفريقية أو عربية، بل عبر إسرائيل، لأن الدول المحيطة بها عادة ما تنهج سياسة الأعمى عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان.

علاقات إسرائيل وأرض الصومال

عندما أعلنت إسرائيل في 26 ديسمبر 2025 اعترافها الرسمي بجمهورية صوماليلاند، بدا الأمر في الظاهر قراراً سياسياً منسجماً مع هندسة اتفاقيات أبراهام، لكن في العمق، كان القرار بمثابة إغلاق دائرة بدأت عام 1990.

فالدولة التي وثّقت الجرائم، عادت بعد 35 عاماً لتمنح الكيان الذي كان ضحية تلك الجرائم اعترافاً دولياً كاملاً، في مسار نادر في العلاقات الدولية يجمع بين التوثيق، ثم الاعتراف، ثم بناء العلاقات الدبلوماسية.

هذا التسلسل جعل الخطوة الإسرائيلية تُقرأ داخل هرجيسا بوصفها أكثر من اعتراف سياسي بل هو ببساطة إعادة اعتبار تاريخية.

لا عجب أن شعب أرض الصومال يحب إسرائيل وقد رأينا ابتهاجهم الكبير بهذا الإعتراف التاريخي بعد أن أعلنت دولتهم استقلالها منذ 1991.

ورغم أن البعد الأخلاقي حاضر بقوة في الخطاب الرسمي، إلا أن العلاقة بين الطرفين اليوم قائمة على مصالح استراتيجية واضحة.

أهمية صوماليلاند لإسرائيل وتايوان

من اللافت أن صوماليلاند سبقت إلى بناء نموذج علاقات مشابه مع تايوان عام 2020، وهو ما سهّل على إسرائيل الانتقال من مستوى الاتصالات غير الرسمية إلى الاعتراف الكامل.

فهرجيسا أثبتت قدرتها على بناء علاقات خارج “الإجماع الدولي” التقليدي، وهو ما جعلها شريكاً “قابلاً للتجربة السياسية” في حسابات القوى الصاعدة.

كما التحالف الناشئ بين إسرائيل وصوماليلاند لا يعيد فقط كتابة تاريخ العلاقة بين الطرفين، بل يعيد رسم موازين النفوذ في القرن الأفريقي.

يمنح اعتراف إسرائيل بجمهورية صوماليلاند مظلة دولية جديدة، ويمنح إسرائيل موطئ قدم استراتيجي في منطقة كانت حتى وقت قريب ساحة نفوذ لقوى متعددة بعيدة عن هذه المنطقة.

موقع صوماليلاند على خليج عدن يمنحها أهمية محورية في أمن الملاحة بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، وهو مسار حيوي للتجارة الإسرائيلية.

وقد حظيت مصداقيته الديمقراطية في أرض الصومال باعتراف متكرر من مراقبين خارجيين مثل الاتحاد الأوروبي، وهو ما يجعلها بلدا ذات نظام متوافق مع حقوق الإنسان والعالم الليبرالي عكس الصومال الذي يعد بلدا استبداديا فوضويا.