الذكاء الإصطناعي في مجال الأعمال

في زمن يتناقش فيه الجميع حول ما إذا كان الذكاء الإصطناعي سيسيطر على العالم، إليك الحقيقة المرة: هو بالفعل يسيطر على رواتبنا.

تقرير من غولدمان ساكس يحذر من أن الذكاء الإصطناعي قد يؤدي إلى فقدان 300 مليون وظيفة عالمياً، مع تأثير يصل إلى 6-7% من الوظائف في الولايات المتحدة وحدها في سيناريو أساسي.

وفي عام 2025 وحده، أدى الذكاء الإصطناعي إلى إلغاء آلاف الوظائف، مع ارتفاع البطالة بين الشباب في قطاع التكنولوجيا بنسبة 3%.

لكن هذا ليس عشوائياً، هناك نمط واضح. خمس صناعات محددة تواجه الضربة الأولى والأقوى والأسرع، وإذا كنت تعمل في إحداها، فهذا ليس تحذيراً إنه عد تنازلي نحو تحول جذري.

في هذا المقال، نستعرض هذه الصناعات بالتفصيل، مدعومين بأرقام حقيقية وبيانات من تقارير موثوقة، لنكشف كيف يغير الذكاء الإصطناعي قواعد اللعبة قبل عام 2026، مع نصائح عملية للبقاء في السباق.

1- القانون والامتثال

تخيل أنك تدفع 500 دولار في الساعة لمحامٍ لمراجعة عقد، ثم يأتي الذكاء الاصطناعي ويفعل ذلك مجاناً تقريباً.

هذا ليس خيالاً؛ منصات مثل Harvey و DoNotPay تقوم بالفعل بمهام كانت تحتاج إلى سنوات من الدراسة القانونية وخبرة عقود، مثل مراجعة الوثائق، تحليل العقود، والبحث القانوني.

الواقع القاسي: يمكن لمحامٍ مبتدئ مراجعة 20 عقداً يومياً، بينما يعالج الذكاء الاصطناعي 2000 عقد بنسبة دقة 99.7%. مثال حقيقي: شركة Linklaters، إحدى أكبر الشركات القانونية العالمية، تستخدم الذكاء الاصطناعي لمراجعة العقود التجارية في دقائق بدلاً من ساعات، مما يحول مهمة تكلف 50 ألف دولار لفريق من المساعدين إلى اشتراك برمجي بـ500 دولار فقط.

في عام 2025، يتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي القانوني إلى أربعة أضعاف حجمه، مع اتفاق 65% من الشركات القانونية على أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي سيفصل بين الناجحين والفاشلين في السنوات الخمس المقبلة.

الوظائف الأولى في الخطر: مراجعي العقود، الباحثين القانونيين، مسؤولي الامتثال، محللي الوثائق، والسكرتاريين القانونيين.

2- المحاسبة والمالية

إذا كانت وظيفتك تتضمن جداول بيانات، جداول محورية، وتسوية الحسابات، فأنت تعيش على وقت مستعار.

برمجيات مثل MindBridge وAppZen تكشف الاحتيال، تعالج الفواتير، وتولد تقارير مالية أسرع من أي فريق بشري، دون استراحات قهوة أو أخطاء حسابية، وعمل 24/7.

الحساب بسيط: لماذا تدفع 60 ألف جنيه إسترليني لكل محاسب عندما يقوم الذكاء الاصطناعي بعملهم مجتمعين بتكلفة راتب واحد؟ مثال حي: برنامج COIN في JPMorgan يعالج في ثوانٍ ما كان يأخذ فرقاً قانونية ومحاسبية 360 ألف ساعة سنوياً، مما يعادل إلغاء 180 وظيفة بدوام كامل.

في 2025، يحذر JPMorgan من “تعافٍ بدون وظائف” بسبب الذكاء الاصطناعي، الذي يؤثر على 45% من الوظائف البيضاء في الولايات المتحدة.

الوظائف المتأثرة: حسابات الدفع/الاستلام، إعداد الضرائب، التقارير المالية، الإجراءات التدقيقية، توقعات الميزانية، وإدارة النفقات.

3- الرعاية الصحية (الجانب الإداري)

بينما يشعر الأطباء والممرضون بالأمان، يواجه الجيش الإداري الضخم في الرعاية الصحية نزيفاً وظيفياً بسبب الذكاء الاصطناعي.

الترميز الطبي، معالجة مطالبات التأمين، جدولة المواعيد، وإدخال بيانات المرضى كلها تُسحق تحت عجلة الآلات الذكية.

الذكاء الإصطناعي لا يحتاج إلى فهم التعاطف؛ يكفي أنه يعالج المطالبات أسرع مما يقول الإنسان “إذن مسبق”.

التشخيص قاتل: يعمل ملايين في إدارة الرعاية الصحية على مهام روتينية قائمة على قواعد، وهي مجال الذكاء الاصطناعي المفضل.

مثال حقيقي: تستخدم Anthem الذكاء الإصطناعي لمعالجة أكثر من 200 مليون مطالبة طبية سنوياً، مما يقلل وقت المعالجة من أسابيع إلى دقائق ويخفض التكاليف الإدارية بنسبة 30%. في 2025، يقطع الذكاء الاصطناعي وقت تسجيل المرضى بنسبة 82% ويقلل معدلات الرفض بنسبة 78%، مما يوفر للمستشفيات أكثر من 3 ملايين دولار سنوياً.

الوظائف المختفية: الترميزيين الطبيين، معالجي مطالبات التأمين، متخصصي تسجيل المرضى، فنيي السجلات الطبية، منسقي الإذن المسبق، ومشغلي إدخال البيانات الصحية.

4- دعم العملاء ومراكز الاتصال

ممثلو خدمة العملاء يواجهون انقراضاً أسرع من الباندا، الروبوتات الذكية والمساعدين الصوتيين يتعاملون الآن مع 80% من الاستفسارات الروتينية دون تدخل بشري.

لا يغضبون، لا يأخذون إجازات مرضية، ويساعدون آلاف العملاء في وقت واحد، نهاية العالم لخدمة العملاء: لماذا تحتفظ بمراكز اتصال مكلفة عندما يحل الذكاء الإصطناعي معظم المشكلات فوراً؟

مساعد بنك أوف أمريكا الافتراضي Erica يتعامل مع أكثر من مليار تفاعل عملاء سنوياً، مما يعادل استبدال آلاف الوكلاء الذين يتعاملون مع 50-100 مكالمة يومياً.

في 2025، يستخدم أكثر من 90% من موظفي البنك Erica، مما يقلل مكالمات الدعم الفني بنسبة 50%.

الوظائف الزائلة: ممثلي الدعم الهاتفي، مشغلي الدردشة الحية، متخصصي الدعم الفني، منسقي خدمة العملاء، فنيي مكاتب المساعدة، ومشرفي مراكز الاتصال.

5- إدارة وانشاء المحتوى

المحتوى الإبداعي وإدارة المعطيات – مجالان بدا أنهما بشريان فريدان – يُغزوان بسرعة مذهلة من قبل الذكاء الإصطناعي.

نماذج مثل GPT و Claude تكتب مقالات، تنشئ نسخ تسويقية، تحلل بيانات، وتولد تقارير أسرع من أي فريق بشري، دون كتلة كتابية أو مواعيد نهائية ضائعة، وبثمن زهيد.

أزمة إنشاء المحتوى: لماذا توظف كتاباً ومحررين ومحللي بيانات عندما ينتج الذكاء الإصطناعي عملاً مشابهاً في دقائق؟

مثال حقيقي: تستخدم وكالة الأسوشيتد برس الذكاء الإصطناعي لكتابة آلاف التقارير عن الأرباح والرياضة سنوياً، مما كان يتطلب غرفة أخبار مليئة بالمراسلين.

بحلول 2030، قد يحل الذكاء الاصطناعي محل 800 مليون وظيفة عالمياً، مع اعتقاد 70% من الموظفين أنه سيغير 30% أو أكثر من عملهم.

المهن المهددة: كتاب المحتوى والنسخ، متخصصي إدخال البيانات، مديري وسائل التواصل، محللي أبحاث السوق، المساعدين الإداريين، الناسخين، والمصممين الجرافيكيين الأساسيين.

الأمر الأكثر تدميراً؟ الذكاء الإصطناعي لا يحل محل هذه الوظائف فحسب بل يجعلها قديمة.