بالنسبة لمن لا يتابع أخبار الشركات التقنية فبالطبع خبر خسارة آبل (AAPL) في أقل من ساعة من الزمن في تداول أسهمها حوالي 40 مليار دولار من شأنه أن يصيبه بصدمة خصوصا إذا كان من عشاق هذه الشركة الرائدة والتي صنع منها الراحل ستيف جوبز أيقونة الرفاهية والعظمة الأمريكية.
لكن ما حصل هي الحقيقة، آبل خسرت ما قيمته 40 مليار دولار في وقت قياسي، وهذه القيمة التي خسرتها تعادل القيمة السوقية لشركة Netflix الأمريكية والتي تقدم برامج التلفزيون حسب الطلب.
وبالطبع هذه الخسارة المستمرة إلى الآن في تداولات اليوم أيضا والتي نتوقع أن تستمر لبعض الوقت تؤكد على أن هناك أسبابا وجيهة هي التي تقف وراء هذا التدهور المخيف.
نحن قررنا أن نعالج هذه القضية من خلال سلسلة من المقالات سيتم نشرها مع توالي التطورات ضمن تغطيتنا المستمرة لأزمات الشركات التقنية، لذا اليوم سنتوقف عند الأسباب الواضحة لتدهور آبل في البورصة.
- تراجع مبيعات هواتف آيفون
بدون شك هواتف آيفون هي المنتج الرئيسي لشركة آبل وهي التي تدر على الشركة أغلبية الايرادات التي تحققها وإن كانت خدماتها ومنتجاتها متعددة ولها وجود قوي في قطاع الخدمات أيضا.
ومنذ أسابيع تردنا تقارير صحفية تؤكد أن آبل خفضت انتاج هواتف آيفون وأخرى تضيف ان المبيعات متدنية، فيما جاء iPhone SE ليؤكد على أن الشركة تدرك مخاطر تقدم حصة سوق الهواتف الذكية المتوسطة وهي بذلك تريد الحصول على قطعة من هذه الكعكة الكبيرة التي تسيطر عليها الشركات الصينية.
بالعودة إلى يوم الثلاثاء الماضي 26 أبريل فقد نشرت الشركة الأمريكية النتائج المالية للربع الثاني من سنتها المالية التي بدأت خلال سبتمبر 2015، أي الربع الأول من العام الحالي والتي أكدت على انخفاض مبيعات آيفون حيث تمكنت من بيع 51.2 مليون نسخة من آيفون فقط مقارنة مع بيع 61.2 مليون نسخة في نفس الفترة من العام الماضي والسنة المالية الفائتة.
نتحدث عن انخفاض قدره 18 في المئة وهذه النسبة يا سادة ليست بالقليلة، بالعكس هي تؤكد على معاناة الشركة الأمريكية في قطاع الموبايل.
- بوادر فشل آبل في الصين بدأت تظهر ملامحها
خلال الأشهر الماضية حققت آبل نموا صاروخيا في السوق الصينية أصبحت على إثره هذه الأخيرة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث مداخيل وعائدات آبل والسوق التي تصرف فيها منتجاتها بكثرة.
الصين أضحت أيضا البلد الثاني بالنسبة لمتجر آب ستور متخطية اليابان في تنزيل التطبيقات والألعاب وحتى الانفاق على هذه المحتويات.
نعم نجحت آبل في ايجاد مكانة لها بهذه السوق الضخمة والتي لا تزال تعاني الشركات الأمريكية الأخرى مع السلطات فيها والتي تفرض رقابة صارمة على المنتجات المستورة والمنافسة في السوق المحلية.
لكن ومع الاندفاع الكبير للشركات الصينية منذ بداية هذه السنة والتي ركزت جميعها على طرح هواتف مصنوعة من المعدن ومن الفئة الراقية وبمزايا مثل ماسح البصمة وأخرى متقدمة وبسعر متوسط يتراوح ما بين 300 دولار إلى 500 دولار والاقبال الكثيف عليها خصوصا تلك التي طرحتها هواوي و شياومي و أوبو وحتى MEIZU التي تطرح هواتف أرخص تمكنت من قلب المعادلة ونجحت في إبطاء نمو آبل في الصين.
تمكنت آبل من حصد 12 مليار دولار خلال هذا الربع في الصين، وبالطبع هذا الرقم أقل من المتوقع، وهذا ما حدث أيضا لمبيعاتها في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تباطأت بنسبة 10%
- تراجع مبيعات الحواسيب و اللوحيات: الماك و آيباد
التراجع الذي عانت منه شركة آبل لم يخص فقط مبيعات آيفون بل أيضا الماك الذي ظل يعاني والتي تراجعت مبيعاته بنسبة 9% حيث بيع فقط 4 ملايين نسخة، وهذا ضمن تراجع عالمي على شراء الحواسيب المختلفة بغض النظر عن الماركة والنظام التي تعمل بها، وقد اعترفت آبل بأن آيباد والحواسيب اللوحية الإنتاجية هي المستقبل.
لكن حتى آيباد بنفسه لم يسلم من التباطؤ وقد عانت مبيعاته من تراجع قاسي بنسبة 19% لتتمكن من بيع 10.2 مليون نسخة فقط مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وتمكنت الشركة خلال الشهر الماضي من طرح حاسوب آيباد برو 9.7 والذي يعد النسخة الأصغر من 12.9 المعلن عنه خلال وقت سابق من العام الماضي وهذا لتعزيز المبيعات وسنرى ما هي النتائج في المستقبل القريب.
- الهواتف الصينية أضحت تهدد آبل وهذه الأخيرة لم تتغير كثيرا
أشهر طويلة وعديدة ونحن ندعو آبل لإعادة النظر في سياستها بخصوص آيفون وعدم تجاهل الشركات الصينية التي أضحت مصدرا للهواتف ذات الجودة العالية والثمن المناسب، لكن ولا حياة لمن تنادي.
في ذات الوقت لم تعد آبل السباقة إلى مجالات جديدة وابتكارات، كما كانت قبل سنوات، فهي تأخرت في الانضمام إلى قطاع الساعات الذكية فيما ليست من الشركات التي تنفق الكثير على عمليات الاستحواذ لتجديد الدماء والتوسع رغم احتياطاتها المالية الهائلة التي تسمح لها بالدخول إلى مجالات أخرى لمنافسة ألفابت التي أضحت مجموعة من الشركات منها جوجل.
وإلى الآن لم نرى آبل في قطاع نظارات الواقع الافتراضي الذي دخلت إليه سامسونج وفيس بوك و هواوي و إل جي.
نعم لقد ظلت آبل شركة تقليدية ملتزمة بتقديم نفس المنتجات وفق التقاليد الموروثة عن ستيف جوبز، تكررها كل سنة وتنتظر مبيعات ضخمة بينما العالم من حولها يتغير بشكل مخيف.
نهاية المقال:
ما عاد ممكنا أن ينكر أحدا أن آبل الآن تعاني من أزمة لا نعرف إلى متى ستستمر، وهل ستسيطر سريعا على الوضع أم أنها فقدت السيطرة؟
الأسباب واضحة ويمكن لشركة آبل تجاوز هذه المحنة وتحوليها إلى منحة لتحقيق نجاح أكثر إبهارا والحفاظ على مكانتها، لكن هذا يحتاج للتخلي عن بعض تقاليدها.