قبل 3 سنوات حيث انضممت لأول مرة إلى فيس بوك بشكل رسمي بعدما كنت اسمع عن هذه المنصة ومواقع التواصل الاجتماعي واستخدمها للنشر التلقائي للمواضيع التي انشرها على المنتديات كان لدي اعتقاد مسبق على أن هذه المنصات تافهة خصوصا بالنسبة للمحتوى الذي ينشر هناك!
انضممت إلى موقع التواصل الاجتماعي الأكبر في العالم بناء على طلب العديد من مواقع الويب التي أتعامل معها والتي يرى القائمون عليها بأن غيابي هناك لا يخدم انتشار المقالات والمحتويات التي أقدمها، وبالفعل حدث ذلك لأجد الكثير من القراء والمتتبعين ينتظرون هذه الخطوة وما أكثر طلبات الإضافة ومعظمها من القراء في الشرق الأوسط ومصر.
وكشخص يركز جيدا على التفاصيل ويراقب سلوك الأفراد ويحاول أن يفهم تفكير الآخرين يمكنني القول بأنه حدث تغير كارثي على المحتوى الذي ينشره الأصدقاء خصوصا رواد التسويق ومنتجي المحتوى في مجالات ريادة الأعمال والتقنية و السيو والبرمجة، تغيير مؤلم ويختصر إلى أي مدى هذه المنصة تتراجع قيمتها سنة بعد أخرى.
عند انضمامي إلى المنصة خلال 2013 لاحظت أن أصدقائي العاملين في هذا المجال ينشرون منشورات غنية حول التسويق والمجالات التي هم متخصصون بها، وكانت هناك حالة من الوعي واليقظة الفكرية من خلال نشر الجديد وتقديم المساعدة لمتابعيهم ونشر النصائح وهو ما جعل الوقت الذي أقضيه على المنصة ذات منفعة كبير وممتعة.
لكن خلال الأشهر الأخيرة تراجع كل شيء، وتلك الصورة المثالية التي حاول مشاهير فيس بوك والمؤثرين في مجالاتهم تقديمها لي حطموها بكل سهولة، لقد حولوا صفحاتهم الشخصية من صفحات مفيدة إلى صفحات الهراء والمعلومات المغلوطة والإفتاء في كل شيء والتهجم على معارضيهم بالسب والشتم وتحريض متابعيهم، وكل هذا تحث ذريعة الحرية الشخصية وأنه في نهاية المطاف تلك حساباتهم وهم أحرار فيما يقدمونه.
السباق حاليا بين المشاهير على هذه المنصة لم يعد على تقديم القيمة وافادة المتابعين والأصدقاء، بل على نشر الهراء وشخصنة المواضيع ونشر الشائعات والأكاذيب لتحقيق المزيد من الشهرة، المزيد من الاعجابات واعادة المشاركة والتعليقات والبحث في اليوم الموالي عن موضوع آخر لكتابة هراء جديد عنه.
بعد أن كانت هذه المنصة فرصة للتعرف على العاملين في المجالات التي أنا مهتم بها والاستفادة منهم، أصبحت منصة مزعجة اصادف في الصفحة الرئيسية عشرات المنشورات التي تروج لمعلومات مغلوطة، منها قصص النجاح التي تمت المبالغة في تفاصيلهم لرفع المعنويات المهزومة للمتابعين، ومنها المنشورات التي تحرض ضد الطوائف الأخرى والأديان المختلفة فيما يؤكد على مستوى العنصرية الذي وصلنا إليه.
من جهة أخرى لاحظت أيضا أن المستخدمين على فيس بوك كسلاء في البحث عن المعلومة والتحقق منها، لذا فهم يرسلون الاسئلة للصفحات التي يتابعونها سواء في الرسائل أو التعليقات ونفس الأمر للمؤثرين والشخصيات، وما أغلب الأسئلة البسيطة منها والتي يمكن بالبحث في جوجل الحصول على جواب مفصل وتعلم الكثير عن الموضوع وأكثر مما سيتعلمه من مشاهير فيس بوك أنفسهم.
وبسبب هذا الكسل فهم لا يتحققون من المعلومات ولا من حقيقة الأخبار، ويكفي أن تكون مشهورا وذات شعبية ولديك قاعدة جماهيرية وتنشر الخبر المغلوط أو المعلومة المغلوطة لتجد العشرات من اعادة المشاركة ويصدق المتابعون ذلك، بل ويدافعون عن صحة الخبر أو المعلومة بإصرار عجيب قد يصل إلى حد السب والشتم واتهام الطرف الآخر بالغباء والتخلف فقط لأن فلان الذي يتابعه لا يقول إلا الحق ولا ينطق إلا بالصدق رغم أن جميع البشر معرضين للخطأ!
ويكفي أن تتابع صراعات مشاهير فيس بوك فيما بينهم لتعرف أن المتابعين في هذه اللعبة والصراعات هم عبيد جهلة يتهجمون على بعضهم البعض ويستخدمون كبيادق مهمتهم السب والشتم للخصوم أو الطرف الآخر دون التحقق من أسباب الخلاف أو الاعتراض عن المعتدي.
أما عن التعليقات في الصفحات العامة فحدث ولا حرج، الكثير من تعليقات السب والشتم والتهجم على الموقع الاخباري او الشخصية أو محتوى رابط المقال المنشور والحكم على المقالات من العناوين دون قراءة التفاصيل والتعليق بكل ثقة على أساس ذلك!!
لهذا السبب رأينا في الإمارات العربية المتحدة قانون الإنترنت لمنع السب والشتم واتخاد العقوبات الجنائية في حق المخالفين، فيما نأمل أن نرى ذلك أيضا في بقية البلدان العربية لعل وعسى أن تقضي على هذه الظاهرة الخبيثة التي يتفاخر بها الجميع وكأنها مهارة ستغنيهم أو ستزيدهم تفوقا، حتى النساء يبدعن في ذلك.
هراء في كل مكان على فيس بوك والقليل فقط من ينشرون المحتويات المفيدة وفي طريقهم للانقراض، وفيما الكثير منهم يشاركونني نفس القناعة فإن عدد منهم قرر الانسحاب من هذه المنصة والتركيز على منصات محتوى مفيدة منها المدونات الجماعية.
أما بالنسبة لي فمنذ فترة ليست بالقصيرة حذفت هؤلاء المشاهير ومتابعيهم الأوفياء وما زلت أفعل وسنرى كيف سينتهي هذا الهراء.