
في هذا المقال، نستعرض 14 سببًا تجعل البهائية، كديانة حديثة، تقدم رؤية أكثر انسجامًا مع قيم العصر الحديث مقارنة بالإسلام التقليدي في بعض الجوانب.
يهدف المقال إلى مقارنة المبادئ والممارسات بين الديانتين بأسلوب موضوعي ومفصل، مع التركيز على الحريات الفردية، المساواة، التسامح، والتكيف مع متطلبات العصر.
البهائية تقبل حرية الدين والضمير
البهائية تؤمن بحرية المعتقد كمبدأ أساسي، حيث يحق لكل إنسان اختيار دينه أو معتقداته دون إكراه أو خوف من العقاب.
تُدين البهائية أي شكل من أشكال الاضطهاد ضد المرتدين وترفض فكرة معاقبة من يغير دينه، في المقابل، الإسلام التقليدي، وفقًا لبعض المذاهب الفقهية، يفرض عقوبة القتل على المرتد، مما يحد من حرية الفرد في اختيار معتقداته.
هذا الاختلاف يجعل البهائية أكثر انسجامًا مع مبادئ حقوق الإنسان الحديثة التي تؤكد على حرية الضمير والدين.
البهائية تقر بالمساواة بين الرجل والمرأة
تُعلي البهائية من شأن المساواة بين الرجل والمرأة، حيث تمنح الجنسين حقوقًا وواجبات متساوية في التعليم، العمل، والميراث، باستثناء عضوية “بيت العدل الأعظم” التي تقتصر على الرجال لأسباب رمزية وفق التفسير البهائي.
في المقابل، الإسلام التقليدي يمنح الرجل ضعف ميراث المرأة، ويعتبر شهادة الرجل تعادل شهادتي امرأتين في بعض السياقات القانونية، كما أن بعض الأحاديث تصف المرأة بأنها “ناقصة عقل ودين”، هذه الفوارق تجعل البهائية أكثر تقدمًا في تعزيز المساواة الجندرية.
البهائية تؤكد على أن الدين متطور
البهائية ترى أن الدين عملية ديناميكية تتطور باستمرار لتلبية احتياجات البشرية في كل عصر، مؤمنة بمبدأ “الوحي المستمر” الذي يسمح بتجديد الرسائل الإلهية.
أما الإسلام فيعتبر نفسه خاتم الأديان وهو الذي أنشأ قبل أكثر من 1400 عام، ويحافظ على النصوص القرآنية والحديثية كثوابت مقدسة لا تقبل التعديل أو التطوير، هذا النهج يجعل البهائية أكثر مرونة وقابلية للتكيف مع التغيرات الاجتماعية والعلمية الحديثة.
وبينما ظهرت الفرق الصوفية والقرآنية والعقلانية في الإسلامي التي تعمل على التجديد إلا أن اجتهادها مرفوض من المؤسسات الدينية الكبرى والمذاهب الأربعة السنية وكذلك عند الشيعة.
البهائية تدعم الوحدة العالمية
تدعو البهائية إلى وحدة العالم البشري، وتؤمن بضرورة إقامة حكومة عالمية تعزز السلام والتعاون بين الشعوب، كما تعترف بجميع الأديان الكبرى كجزء من رسائل إلهية مترابطة.
في المقابل، الإسلام التقليدي يرى نفسه الدين الحق الوحيد، ويدعو إلى تطبيق الشريعة في الدول الإسلامية، مما قد يؤدي إلى استبعاد الأديان الأخرى أو اتهامها بالكفر، هذا الاختلاف يجعل البهائية أكثر انفتاحًا على التسامح والتعايش العالمي.
بل إن الكثير من المسلمين يرفضون فكرة حكومة عالمية واحدة أو نظام عالمي متحد أو توحيد الديانات، ويفضلون الخلافة الإسلامية التي تحتل الدول الأخرى عسكريا وتفرض على السكان الإسلام وتستعبدهم سلطة مركزية عاصمتها إما في سوريا أو العراق أو تركيا وهم منفتحون أيضا على عواصم أخرى لكن أغلبها العواصم الإسلامية الكبرى.
البهائية ترفض الجهاد والعنف
لبهائية تحرم الجهاد الهجومي والعنف الديني بشكل قاطع، وترفض فكرة فرض العقائد بالقوة أو تشكيل جيوش دينية.
على النقيض، يحتوي الإسلام على مفهوم الجهاد القتالي، بما في ذلك الفتوحات التاريخية، وعقوبات مثل حد الردة، التي قد تُفسر كدعوة للعنف بشكل واضح، وقد انتشر الإسلام بالسيف كما هو حال المسيحية مع جهود تبشيرية قوية تسبق تلك الغزوات أو تأتي بعدها.
هذا الموقف يجعل البهائية أكثر انسجامًا مع قيم السلام ونبذ العنف التي اختار العالم الليبرالي دعمها منذ تأسيس الأمم المتحدة.
البهائية تدعم فصل الدين عن الدولة (العلمانية)
تدعو البهائية إلى فصل الدين عن الدولة، وتؤكد أن رجال الدين أو المؤسسات الدينية يجب ألا تتدخل في شؤون الحكم.
في المقابل، يدعو الإسلام التقليدي إلى إقامة دولة دينية تطبق الشريعة، بما في ذلك الحدود والعقوبات، ويكفر السلفيين والمسلمين المتدينين عادة الحكومات التي تعمل بالقانون المدني منقسمين في ذلك إلى قسمين، قسم جهادي يعلن ذلك وقسم يمارس التقية.
هذا الفصل في البهائية يتماشى مع مبادئ العلمانية والحداثة التي تعزز الحيادية في الحكم وتجعلها ديانة مفضلة لدى الحكومات التي تبحث عن أديان مسالمة.
رفض التبشير القسري والدعوة العدوانية في البهائية
البهائية تمنع التبشير القسري أو الإلحاح في نشر العقيدة، وتشجع على عرض المعتقدات بأسلوب محترم دون فرضها على الآخرين.
في المقابل، الإسلام التقليدي يفرض واجب الدعوة، وقد يتضمن في بعض التفسيرات دعوات للقتال حتى يسلم الآخرون.
هذا النهج البهائي يعزز احترام الخصوصية الدينية ويمنع الصراعات الناتجة عن التبشير العدواني الذي يمارسه المسلمون وقبلهم المسيحيون.
التعليم فريضة دينية في البهائية
تعتبر البهائية التعليم فريضة مقدسة وإلزامية للجميع، بغض النظر عن الجنس، وتضعه كأولوية للآباء والأمهات تجاه أبنائهم.
في المقابل، بينما يشجع الإسلام على التعليم، إلا أنه لا يربطه بنظام عالمي موحد، وفي بعض السياقات التاريخية، فُرضت قيود على تعليم النساء مثل طالبان الذين يجرمون تعليم المرأة أو غير المسلمين، وهناك فرق إسلامية تفضل تعليم الطفلة ومن ثم عزلها عن الدراسة في سن التاسعة كي تتزوج.
هذا يؤكد على أن النهج البهائي يتميز بالطابع العالمي والشمولي وهو دين حديث يتوافق مع الأسس العالمية لمحاربة الأمية والجهل.
نبذ الكراهية الطائفية في البهائية
ترفض البهائية الانقسامات الطائفية وتؤكد على وحدة المجتمع الديني، حيث لا توجد فِرق أو مذاهب بهائية متناحرة.
في المقابل، يعاني الإسلام من انقسامات طائفية كبرى (سنة، شيعة، خوارج، وغيرها)، وقد أدت إلى صراعات وحروب دموية عبر التاريخ وحتى اليوم.
هذا يجعل البهائية أكثر تماسكًا ووحدة داخلية وللأسف عان أتباع هذه الديانة من القمع والتمييز من المسلمين أنفسهم، ولسنا هنا في مقام استعراض تلك الجرائم.
لا تفرض البهائية أية لغة
لا تفرض البهائية لغة معينة للعبادة، وتدعو إلى تبني لغة عالمية موحدة في المستقبل لتسهيل التفاهم بين الشعوب.
في المقابل، يفرض الإسلام اللغة العربية في الصلاة والعبادات، مما قد يشكل تحديًا لغير الناطقين بالعربية، هذا النهج البهائي يعزز التعدد الثقافي ويحترم التنوع اللغوي.
لقد انتشرت اللغة العربية وأصبحت الأساسية في شمال افريقيا ودول كثيرة في الشرق الأوسط لم يكن أهلها يتكلمون بها قبل الغزوات الإسلامية التي تمكنت من القضاء على الثقافات واللغات السائدة وهمشتها تهميشا كبيرا.
نظرة البهائية إلى غير المؤمنين
تتبنى البهائية مبدأ المساواة في المعاملة بين البهائي وغير البهائي، وتدعو إلى النظر إلى كل إنسان بكرامة متساوية.
في المقابل، يحتوي الإسلام على مفاهيم مثل “الذمي” و”الكافر”، ويمنح المسلمين حقوقًا إضافية في بعض السياقات الفقهية، مثل أن الحاكم يجب أن يكون مسلما وإذا تبث أنه مرتد كان الخروج عليه واجبا.
هذا يجعل البهائية أكثر شمولية في تعاملها مع الآخرين وهي لا تنظر بالتفضيل إلى المؤمنين بها عن غير المؤمنين.
عدم وجود رجال دين أو طبقة كهنوت في البهائية
البهائية تلغي فكرة الوساطة بين الإنسان والله، وتعتمد نظامًا إداريًا تشاركيًا دون كهنة أو مشايخ.
في المقابل، على الرغم من عدم وجود كهنوت رسمي في الإسلام، تطورت طبقة من العلماء والفقهاء الذين يتحكمون في تفسير النصوص ويفرضون وصايتهم على المجتمع.
هذا يجعل البهائية أكثر دعمًا للفردانية الدينية التي يمارسها اليوم القرآنيون والعقلانيون في الإسلام ويتم تكفيرهم ورغم ذلك هم متمسكون بدين يعتبرهم زنادقة.
موقف البهائية من القومية والعصبية
تدين البهائية القومية المفرطة وترى أن الانتماء الإنساني يتجاوز العرق أو القومية، في المقابل، رغم دعوة الإسلام إلى الوحدة الإسلامية، فقد ارتبط تاريخيًا بدول قومية أو خلافتين ذات طابع قومي (مثل القريشي أو العثماني)، وهذا يجعل البهائية أكثر كونية ونبذًا للعصبيات العرقية.
يحتقر الإسلام القومية المصرية القديمة والأمازيغ وما إلى ذلك لكنه يعلي من الإنتماء إلى الخلافة الإسلامية وبالتالي هو يقدم بديلا للقومية على أساس ديني لتصبح العصبية على أساس ديني.
تدعم البهائية العلم ولا تعارضه
تؤمن البهائية بأن الدين والعلم يجب أن يكونا في انسجام تام، وترفض أي عقيدة تتعارض مع الحقائق العلمية المثبتة، لهذا تجدهم متقبلون للنظريات المختلفة التي تحاول عن الإجابة الكبرى.
في المقابل، الإسلام التقليدي، رغم تشجيعه على العلم في بعض النصوص، يعطي الأولوية للنقل على العقل، ويعتبر العقل تابعًا للوحي في كثير من السياقات، هذا يجعل البهائية أكثر انفتاحًا على التطورات العلمية.
