تحيط بجوجل بحورا من التحديات و المشاكل التي تهدد الشركة الأمريكية من كل حدب و صوب، و قد يبدو للقارئ العادي و الغير المتعمق في شؤون هذه الشركة أنها تعيش أزهى عصورها.
صحيح أن أرباح الشركة في تزايد و نمو لكن هذه المشاكل التي تعاني منها هي التي تمنعها من تحقيق نمو أكبر و ربما تمهد لمستقبل سيء ينهي هذا الكيان بأسرع مما نتخيل.
من عايش أوج نوكيا و من ثم سقوطها و انهيارها يعرف جيدا أن أية شركة في العالم مهما كانت كبيرة معرضة للسقوط في حالة غرقها ببحور التحديات و المشاكل التي لا يعاني منها المنافسين و الذين سيستولون على حصتها و شعبيتها أثناء غرقها التدريجي.
في هذا المقال سنتعرف على كل التحديات و المشاكل التي تعاني منها جوجل اليوم و التي قد تسبب للشركة حالة من النزيف المادي و الشعبي لاحقا في حالة استمرت.
- هواتف أندرويد مملة … كما حدث مع هواتف نوكيا
نتذكر جميعا واحدا من اعظم أخطاء نوكيا، لقد كان هو إنتاج الكثر من الهواتف و إطلاق موديلات كثيرة متشابهة من ناحية الهاردوير و السوفتوير ما قتل الإبداع و الإبتكار لدى الشركة.
80 في المئة من هواتف أندرويد أو أكثر سقطت في هذا الخطأ، بفضل السياسة التي تتبعها سامسونج و بعض الشركات الأخرى التي تنتج هواتف أندرويد.
هناك الكثير من المنتجات المعروضة للشراء في الواقع لكن الفروقات ليست كبيرة بين هواتف كل فئة و صنف و هناك فوضى من التقليد تحدث هنا.
هذا سبب مقنع كي يفشل أندرويد خلال السنوات القادمة و أن يأخد منحى تنازليا عما قريب إذا استمرت الشركات على سياساتها التجارية، هذا دون أن ننسى حالة العزوف عن شراء هواتف سامسونج المشهورة بكونها مصنوعة من البلاستيك و كونها من الشركات التي لا تهتم بتحديث هواتفها.
مشاكل تحديثات أندرويد هي تحدي كبير لجوجل و للشركاء، تستوجب على الشركة الأمريكية تحمل مسؤولية أكبر و التفكير جديا في حل هذه المشكلة.
- يوتيوب و تحدي رفع الأرباح
لا يزال جوجل يعاني مع ربحية يوتيوب الذي يتمتع بمليار مستخدم شهريا، حيث الايرادات و التكاليف كبيرة و لا تترك مجالا كبيرا للشركة الأمريكية من أجل تحقيق ربح صافي كبير.
خلال الربع الثاني من هذا العام ارتفعت ايرادات يوتيوب إلى 17.7 مليار دولار بنسبة 11 في المئة، لكن الشركة الأمريكية حققت صافي الأرباح من كل منتجاتها قيمتها 3.9 مليار دولار فقط بنفس المدة.
الإيرادات كبيرة لكن مشاركة الأرباح مع الناشرين و التكاليف التشغيلية الأخرى التي تزداد بازدياد المحتوى المنشور يشكل تحديا حقيقيا لهذه المنصة.
الحل في نظر جوجل هو نسخة مدفوعة من المنصة و قد تطرقنا إلى ذلك في مقال سابق بعنوان “يوتيوب المدفوع و اجبار أصحاب القنوات للإشتراك : حقيقة أم كذبة ؟” و قد تمهد لاختفاء يوتيوب المجاني حيث تناولت السيناريو من خلال مقال آخر “نجاح AdBlock: نهاية يوتيوب المجاني و انتشار المواقع المدفوعة”
- الفشل في قطاع الشبكات الإجتماعية
لقد أصبح من المعروف للجميع أنها مسألة وقت و سينهار جوجل بلس، لم تنجح الشركة الأمريكية مجددا في إقناع العالم بأنها تقدم خدمة أفضل من فيس بوك.
مؤخرا بدأت جوجل بفصل بعض المميزات الجيدة في الشبكة عن المنصة، مثلا جوجل بلس الصور تم إغلاقه ليحل محله خدمة Google Photos.
و الآن تخطط الشركة لفصل تعليقات يوتيوب عن جوجل بلس و البدء في تفكيك الروابط التي تربط بين منصتها الإجتماعية و خدماتها الأخرى!
إقرأ لتعرف أكثر: حقيقة فشل جوجل بلس و المصير المحتوم
- التوقف عن تطوير بلوجر
تمكنت وورد بريس من السيطرة على 80 في المئة من مواقع الويب على شبكة الانترنت و كان ممكنا جدا أن يكون لمنصة بلوجر من جوجل حصة كبيرة للغاية لو فعلا استمرت في التطوير المكثف لها و دعمها.
هناك عدد جيد من المواقع الكبيرة تعتمد على هذه المنصة لكن بالمقارنة مع وورد بريس لا تشكل حصة محترمة.
التوقف عن تطوير بلوجر و اضافة المزيد من الأدوات و الإمكانيات لتسهيل التدوين و نشر المقالات يشكل عقبة أمام هذه المنصة و قد يمهد لتوقفها مستقبلا.
- الافتقاد لترسانة من التطبيقات الشهيرة على الموبايل
يملك فيس بوك ترسانة كبيرة من التطبيقات الشهيرة و التي تتمتع بعدد كبير من المستخدمين، تطبيق ماسنجر لديه 500 مليون مستخدم، واتساب لديه 700 مليون مستخدم، تطبيق فيس بوك الرئيسي لديه 890 مليون مستخدم إضافة إلى 300 مليون مستخدم على انستغرام.
في المقابل ما الذي تملكه جوجل من تطبيقات على الموبايل لمواجهة هذا الزحف من أكبر منافس له في هذا القطاع؟ خصوصا في قطاع الدردشة.
لدى جوجل تطبيق جي ميل الذي حاز على مليار تحميل على جوجل بلاي و أيضا Hangouts الذي حقق نفس الرقم هذا العام لكنهما لا يشكلان خطورة كبيرة على تطبيقات فيس بوك و لا يستطيعان الفوز في مجال التواصل و الدردشة بين الأفراد.
- تهديد مايكروسوفت في عالم التخزين السحابي و أيضا Dropbox
خدمة Google Drive للتخزين السحابي هي من الخدمات الرئيسية في هذا المجال و التي تتيح للمستخدمين تخزين ملفاتهم و بياناتهم على خوادم آمنة و مزامنتها على التطبيقات بمختلف الأجهزة و المنصات.
لكن ماذا لو قلت لك أنه حسب إحصائيات نهاية 2014 الماضي لدى Google Drive حوالي 240 مليون مستخدم فقط لتأتي خلف OneDrive من مايكروسوفت و التي تتمتع بعدد مستخدمين أكبر يصل إلى 250 مليون مستخدم فيما Dropbox هو الأكثر شعبية في العالم بعدد يصل إلى 300 مليون مستخدم.
و مع الشراكة التي أعلنت عنها مايكروسوفت بالتعاون مع سامسونج و التي بموجبها تأتي هواتف الشركة الكورية مسبقا بخدمة OneDrive و مساحة تخزينية مجانية للمستخدمين، نتوقع المزيد من النمو لخدمة مايكروسوفت.
هواتف مثل جالكسي اس 6 و جالكسي اس 6 ايدج و أيضا جالكسي نوت 5 و هواتف أخرى من الفئة الرخيصة أيضا كلها تأتي مقدما بخدمة OneDrive، كيف بإمكان جوجل مواجهة هذا التحدي؟
- المنافسة المشتعلة في مجال الإعلانات على الويب
لا يزال Google AdWords هو الأفضل في عالم الإعلانات على الويب و قادر على الوصول إلى 2.6 مليار مستخدم حول العالم شهريا و عرض الإعلانات لهم.
لكن نمو فيس بوك و قدرته على ايصال الإعلانات إلى 1.28 مليار مستخدم نشيط شهريا يشكل التحدي، و الأكثر خطورة بالنسبة لجوجل هو أن المنصة المنافسة مناسبة جدا للشركات الناشئة و المؤسسات الصغيرة التي تستخدم إعلانات فيس بوك بكثافة أكبر من إعلانات جوجل في الترويج لمنتجاتها و خدماتها.
سيطرة فيس بوك على فئة الشركات الناشئة و الصغيرة مع المتوسطة يمهد لانقلاب الموازين مستقبلا لصالحه، خصوصا و أن هذه الشركات تنفق على الدعاية بشكل متصاعد مع تزايد مبيعاتها و شعبيتها و هي التي ستصبح شركات كبيرة في المنظور المتوسط!
و لم يأتي هذا من فراغ بل لأن Google AdWords ليس مفيدا للشركات الناشئة و الصغيرة كما تطرقنا إليه في مقال سابق.
- منافسة فيس بوك لجوجل على مستوى الفيديوهات
فيس بوك خلال الأشهر الأخير أعطى اهتماما متزايدا لمنصة الفيديوهات الخاصة به حيث يشجع أصحاب الصفحات و المستخدمين على رفع الفيديوهات و مشاركتها مباشرة على هذه المنصة مع تهميش الفيديوهات التي يتم رفعها إلى منصات أخرى بما فيها يوتيوب و نشر روابطها على هذه الشبكة الإجتماعية.
و بالفعل نجحت في رفع عدد المشاهدات اليومية و التي تخطت 4 مليارات مشاهدة و العدد في ازدياد دائم، كما أنها تستعد لمشاركة أرباح المحتوى مع الناشرين.
نحن تكلمنا عن هذا الموضوع بالتفصيل في مقال صراع فيس بوك و يوتيوب على المحتوى المرئي، و قدمنا مقالات أخرى للناشرين منها:
كيف تستخدم Facebook video لزيادة مشاهدات يوتيوب ؟
لماذا مشاركة فيديوهات يوتيوب على الفيس بوك سلوك خاطئ ؟
- ترجمة جوجل سيئة!
رغم أنها أطلقت خدمة الترجمة المرئية إلا أن خدمة الترجمة الفورية من جوجل تعد كارثية للغاية، الكتابية منها لم تصل إلى مرحلة النضج حتى كونها تعتمد الترجمة الحرفية و أحيانا تستخدم مصطلحات في مجالات غير مجال النص المترجم.
كونها أيضا مفتوحة للتعديل و التطوير من قبل المترجمين و المتخصصين في اللغات فتح الباب لبعض المتلاعبين لتشويه الخدمة و الإضرار بجودتها.
المشكلة أن عدد معين من الخدمات المنافسة و التطبيقات يعتمد على هذه الخدمة منها Translate API التي تقدمها جوجل بشكل مدفوع للشركات و المطورين، و هذا سيؤدي للبحث عن بدائل أفضل!
- منصة Twitch تفوقت على مشاهدة الألعاب بمنصة يوتيوب
محاولة جوجل شراء Twitch هو اعتراف على فشل يوتيوب في اقناع أصحاب المحتوى الخاص بالألعاب في تقديم المحتوى و الصمود بالمنصة أمام المنافس الذي فاز به أمازون.
تتمتع Twitch بحوالي 16 مليار ساعة من بث الألعاب شهريا دون أن نتحدث عن المشاهدات الخاصة بالفيديوهات المسجلة و التي تعرض للمستخدمين في أي وقت.
لمواجهة هذا الخطر تعمل جوجل مؤخرا على منصة YouTube Gaming التي ستنافس بها هذه الخدمة من أمازون و سنرى من سيفوز؟
- الفشل في قطاع التقنيات القابلة للإرتداء
نظارات جوجل لم تنجح كما كان متوقعا و المشروع يعاني حاليا و قد تتخلى عنه جوجل في حالة فشل الإصدار الثاني من هذه النظارات.
بالتوازي مع هذا الفشل لا تريد جوجل الخروج من هذا القطاع المستقبلي، خصوصا و أن مايكروسوفت دخلت إليه مستقبلا بقوة مع HoloLens التي تعد أفضل نظارة افتراضية في الوقت الراهن.
نهاية المقال:
جوجل هي مثال للشركة المتعددة المنتجات و الخدمات، الغارقة في المشاكل و التحديات رغم كل النجاح الذي تتخلله المخاطر المهددة فعلا لنموها مستقبلا.
الشركة العملاقة بحاجة إلى صحوة و إعادة حساباتها قبل فوات الآوان، لأنه بهذه الطريقة لن تكون بخير!