
قبل توليه مهام الرئاسة عقد الرئيس المنتخب دونالد ترامب اجتماعا مهما مع قادة الشركات التقنية أمس الأربعاء، حضره الرؤساء التنفيذيين لأكبر الشركات الأمريكية في قطاع التقنية والإنترنت وهو قطاع حيوي ومهم بإمكانه أن يساعد الإقتصاد الأمريكي والمجتمع المحلي هناك على تحقيق نقاط ايجابية أو يساهم في زيادة المشكلات التي تواجه هذه الأمة أكثر من أي وقت مضى.
ومن المعلوم أن غالبية الشركات التقنية دعمت في الإنتخابات الأخيرة هيلاري كلينتون ورأينا تصريحات مناهضة للسيد دونالد ترامب منها، فيما هو الآخر افتعل أكثر من أزمة اعلامية مع هذه المؤسسات.
آبل، ألفابت، مايكروسوفت، أمازون، فيس بوك، إنتل، أوراكل، اي بي ام، سيسكو، تيسلا موتورز، بالانتير Palantir من أكبر الشركات الحاضرة في هذا الإجتماع ونتحدث عن شركات مجموع قيمتها السوقية هي 3.1 تريليون دولار وتشكل جزءا كبيرا ومهما من الإقتصاد الأمريكي.
دونالد ترامب الساعي للقضاء على مشكلة البطالة والنهوض بالمجتمع الأمريكي الذي يعيش أزمة اقتصادية منذ 2008 يحاول استغلال قطاع التقنية لحل العديد من مشكلات بلده وكان هذا الاجتماع بمثابة بداية لسلسلة من اللقاءات ننتظرها خلال الأشهر القادمة للإتفاق على مواضيع مختلفة.
-
وقف مساهمات الشركات التقنية في أزمة الهجرة
تعاني الدول الغربية اليوم أكثر من أي وقت مضى من كثرة المهاجرين الوافدين إليها من بلدان تعيش على وقع الحروب الأهلية والعسكرية مثل سوريا، إذ هذا يقلص من فرص العمل المتوفرة للمواطنين الأمريكيين والتي يأخذها المهاجرين لكفاءاتهم وتعليمهم الجيد وأيضا لاستعدادهم قبول العمل براتب أقل وكفاءة جيدة.
وبالطبع نرى اليوم أن عدد من الشركات الأمريكية يترأسها مهاجرين مثل مايكروسوفت و جوجل، كما أن المهندسين والكفاءات العالية في هذه الشركات هم إما من الصين أو الهند أو حتى العرب وغير الأمريكيين.
ويعتقد ترامب أن الشركات التقنية تستغل التأشيرات فئة «إتش ـ 1 بي» لغير المهاجرين من أجل استقدام عمالة أجنبية متخصصة وتهميش الأمريكيين ما زاد من العاطلين في المجتمع الأمريكي بينما يتم تشغيل الأجانب، وهو من القائلين بأنه يجب إلغاء هذه النوعية من التأشيرات التي يبقى على أساسها المهاجر في الولايات المتحدة طيلة فترة عمله وقد ينتقل إلى شركة أخرى كما أنه يمكن أن يحصل على الجنسية فيما بعد ويبقى بشكل دائم هناك.
-
وقف تهرب المتاجر التقنية عن دفع ضرائب المبيعات
يرى ترامب أنه على الحكومة الأمريكية أن تأخذ الضرائب من كل الشركات العاملة على الإنترنت مقابل المبيعات التي تحققها وتصرح بها.
وهاجم سابقا أمازون كشركة تجارية استفادت كثيرا من التجارة الإلكترونية على حساب التهرب الضريبي وعدم دفع ضرائب المبيعات.
وقد يذهب إلى فرضها على هذه النوعية من المتاجر كي يكون هناك عدل في المنافسة بينها وبين المتاجر على أرض الواقع.
-
تقزيم إدخال الآلات إلى الصناعة وتهميش الموظفين البشر
ينظر ترامب إلى ان توجه الشركات التقنية نحو صناعة العاملين الآليين والمزيد من الأجهزة الذكية التي تساهم في تأدية العمل تلغي الملايين من الوظائف وتعمق مشكلة البطالة.
حتى شركات مثل أوبر التي توفر الكثير من فرص العمل ستتخلى عن السائقين مستقبلا مع تبني السيارات الذكية والتي لا تحتاج إلى سائق ونفس الأمر أيضا لشركتي جوجل و آبل اللذان ينويان التوجه إلى السيارات الذاتية القيادة والتي ستضع الملايين من الوظائف في قطاع النقل بخطر جسيم.
-
إنشاء قواعد بيانات للمهاجرين والمسلمين
يرى ترامب أنه من الضروري فصل بيانات المستخدمين المسلمين والعرب على خدمات الإنترنت ومنها فيس بوك و تويتر و جوجل عن بيانات المستخدمين من الجنسيات الأخرى، وهذا على الأرجح من أجل مراقبة المستخدمين المسلمين مع ضمان خصوصية أفضل لغيرهم!
حاليا رفضت فيس بوك و تويتر بشكل صريح هذا الطلب وهما يرون أن الأمر منافي لسياسات الإستخدام ويمكن أن يخلق ضجيجا ذات نتائج سيئة على أعمالهما.
-
سحب المصانع من الصين
ينظر ترامب إلى الصين على أنها العدو رقم 1 لبلده، وهي المنافسة الحقيقية للولايات المتحدة الأمريكية، لذا فإن توجه سياسته الخارجية الإقتصادية والعسكرية ستركز على جنوب شرق آسيا من أجل احتواء هذه القوة التي لم تعد تستطيع أمريكا مجابهتها بإجماع الساسة في العالم كله.
وهو ينظر إلى أن الصين تستغل قوتها الإقتصادية في تعزيز نفوذها لهذا يرى انه على الشركات الأمريكية سحب المصانع من هذا البلد والإتيان بالمصانع نحو أمريكا وتوفير الملايين من الوظائف للإقتصاد الوطني عكس توفيرها هناك.
وترى آبل التي تعتمد على فوكسكون في بلد التنين الأصفر أن نقل عمليات إنتاج آيفون ستكون ضربة مؤلمة لها إذ ستقضي على هامش الربحية وكل الحسابات تؤكد أن انتاج أجهزتها في أمريكا جد مكلف، لكن ترامب يرى أنه سيفعل كل شيء لجعل الانتاج رخيصا أيضا في بلده.
-
تخفيض الضرائب على الشركات التقنية
فيما أوباما عكف على زيادة الضرائب يرى ترامب وفريقه أن تخفيض الضرائب حتى 0 في المئة تقريبا ستكون صفقة قوية للشركات التقنية والمؤسسات في هذا البلد لتعمل على توظيف المزيد من الناس والمنافسة بقوة ضد الشركات التقنية الصينية التي تحصل هي الأخرى على تسهيلات قوية من حكومتها.
الشركات التقنية الأمريكية سعيدة بهذه الفكرة لكن لا يبدو أنها ستحصل على هذا المكسب دون المساعدة في القضايا الأخرى المذكورة بهذا المقال.
-
الخصوصية على الإنترنت ومحاربة الإرهاب
يشكل الإرهاب تهديدا عالميا فاق كل التصورات، وتستخدم المجموعات الإرهابية والمتطرفين الشبكات الإجتماعية وخدمات البريد الإلكتروني للمراسلة مستغلين بعض المزايا الجديدة ومنها التدمير التلقائي للرسائل والدردشة السرية، ناهيك عن صفحات المواقع التي تحرض على القتل على الإنترنت.
وفيما تطالب المجموعات المدافعة عن الخصوصية بمنع تسلل الحكومات إلى بيانات الأفراد على هذه الخدمات، يرى ترامب أنه على الشركات التقنية التعاون إلى أقصى حد ممكن في قضية تبادل المعلومات ومراقبة ما يقوله الناس ومنع رسائل الكراهية والترهيب وإحباط الهجمات المخطط لها، وهذا يقلق الشركات التقنية التي تجد أن صورتها امام المستخدمين في مهب الريح.
-
سيطرة الحكومة الأميركية على نظام نطاقات الأسماء مجددا
خلال الأسابيع الأخيرة أعلن عن انتهاء عهد سيطرة الحكومة الأميركية على نظام نطاقات الأسماء بعد تسليمها إلى منظمة آيكان الغير الربحية والمحايدة.
وتعد هذه واحدة من إنجازات الرئيس باراك أوباما فيما عارض الجمهوريون بمن فيهم تيد كروز و دونالد ترامب هذه الخطوة.
ويرى الرئيس المنتخب أنه على أمريكا أن لا تتخلى مطلقا عن سيطرتها على الإنترنت وهي من اسلحتها التي تسيطر بها على العالم، رغم أن عددا من الدول لديها شبكة انترنت داخلية وخاصة بها مثل ايران و كوريا الشمالية، فيما تفرض الصين وروسيا رقابة مشددة ومتزايدة على شبكة الإنترنت هناك.
-
اعادة الأموال إلى الداخل الأمريكي
تستثمر الشركات التقنية مليارات الدولارات في بلدان أخرى مثل أوروبا والصين ودول آسيا وأيضا افريقيا لأغراض الإنتاج والعمل والأبحاث.
ويرى ترامب أن تخفيض الضرائب المنتظر منه مقابله سيكون العمل على اعادة الاستثمارات إلى الداخل الأمريكي من خلال بناء المصانع وتشغيل الناس والاستثمار في الأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية وليس في دول أخرى.
-
السيطرة على خطورة إنترنت الأشياء
بالعودة إلى الأسابيع الماضية كنا قد شهدنا واحدة من أكبر الهجمات الإلكترونية على الولايات المتحدة الأمريكية أدت إلى تضرر باي بال والآلاف من المواقع الأمريكية التي توقفت عن العمل جزئيا إلى كليا لمدة قاربت 24 ساعة.
هجوم كما قلنا سابقا اعتمد على إنترنت الأشياء من خلال استخدام ثغرة في كاميرات مراقبة البنوك والشوارع والمنازل لشن هجوم الحرمان من الخدمة.
ويتفق ترامب وهذه الشركات على أنه يتوجب تعزيز حماية إنترنت الأشياء والسيطرة على خطرها قبل أن تستغلها دولة عدوة في شل الإنترنت بالولايات المتحدة وجعلها منقطعة عن العالم، بل ويمكن من خلال هذه الهجمات تحويل المدن إلى فوضى عارمة وضرب الجيش الأمريكي بالداخل الأمريكي دون اطلاق رصاصة واحدة.
نهاية المقال:
بعض هذه القرارات جيدة ومن شأنها أن تساعد الإقتصاد الأمريكي على النمو والخروج من الأزمة، وأخرى تعرض علاقته بهذه الشركات نحو حرب خلال الأشهر القادمة، وأخرى يمكن أن تشعل الحرب التجارية مع الصين والتي لن تتردد عن طرد آبل وخسارة الشركات الأمريكية لأكبر سوق في العالم، فيما أخرى يمكن أن تشعل الحرب مع المدافعين عن الخصوصية وأيضا المسلمين والعرب بشكل عام.