نهاية حروب الشرق الأوسط وحصار غزة

نهاية حروب الشرق الأوسط وحصار غزة

منذ عقود طويلة ظل الشرق الأوسط ساحة حروب عسكرية متتالية بدءا بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي وانتهاء بالحرب الأهلية السورية وحرب اليمن.

وفي الوقت نفسه تشكل المنطقة مصدرا أساسيا للطاقة نحو العالم ونتحدث عن النفط والغاز الذي تنتجه مختلف الدول وفي مقدمتها السعودية وقطر والكويت والعراق والإمارات.

اليوم يتغير عالمنا بسرعة خصوصا في ظل الأزمة العالمية التي فرضها وباء كورونا وفرضت معها تغييرات حتى في عقلية القادة حول العالم.

لا تزال الدول في المنطقة تنفق مليارات الدولارات على الأسلحة وتتصدر القائمة بما فيها مصر والجزائر والمغرب وهذا تحوطا من أي حرب جديدة في المنطقة.

لكن في ذات الوقت تتواصل جهود التسوية الشاملة على قدم وساق، وتشارك فيها معظم الدول بطرق مباشرة وغير مباشرة بعد أن تيقنت من أن استمرار الحروب والخلافات لا يصب في مصلحتها، وكل الطرق تؤدي إلى السلام.

نهاية حروب الشرق الأوسط

شهدت الشرق الأوسط في السنوات السابقة حروبا بالوكالة بين محورين، محور الممانعة ومحور حلفاء أمريكا، لكن سرعان ما تغيرت المعطيات وأصبح هناك صراع إقليمي بين السعودية وتركيا وايران والإمارات وإسرائيل ومصر، كل دولة تريد أن تؤكد بأنها ذات نفوذ كبير في المنطقة.

لكن الحرب الأهلية السورية وحتى عدد من الثورات التي أوصلت الإخوان إلى الحكم لك تكن شأنا داخليا، لقد كانت جزءا من الحرب الدائرة بين القوى الإقليمية.

في سوريا نجحت روسيا في منع مشروع الغاز القطري التركي من الوصول إلى أوروبا، كان أنبوب الغاز القطري سيؤثر سلبا بشكل فادح على صادرات الغاز الروسية إلى أوروبا وتفوقها على هذا المستوى.

الثورة ضد الأسد والبحث عن نظام ديمقراطي كل تلك الشعارات كانت ثانوية في الحقيقة ورئيسية لدى المعارضين ووسائل الإعلام، واللعبة كانت تدور كلها حول مسألة اقتصادية بحثة وهي الغاز الطبيعي ومحاولة قتل روسيا.

لم تتدخل روسيا بنفس الطريقة المباشرة في ليبيا أو أي بلد آخر، لأن ذلك لا يعني مصالحها ولا يهدد امدادات الغاز الخاصة بها.

في اليمن هناك صراع عسكري بالوكالة بن السعودية وايران، وفيما تعتبر الرياض اليمن حديقتها الخلفية، فإن ايران تبحث عن نفوذ أكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

أما تركيا فقد راهنت على الإخوان المسلمين للسيطرة على سوريا ومصر وليبيا وبقية الدول العربية تباعا وانشاء الدولة العثمانية من جديد ضمن احتلال “ناعم”، حيث القادة الجدد لديهم ولاء لأنقرة وليس لبلدانهم.

والآن أدركت القوى المتنازعة في المنطقة، أن الحروب العسكرية مؤلمة وتضر الجميع وليست في مصلحتهم، وما يمنح وجهة النظر هذه قوة هي التوجه الأمريكي للإنسحاب العسكري للتركيز على الصين وروسيا.

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يزال مهما للعالم

على المدى المتوسط والطويل، من المعلوم أن الطاقات المتجددة ستأخذ مكان النفط والفحم والغاز الطبيعي، إلا ان هذا لا يعني أن هذه المنطقة ستصبح أقل قيمة من السابق.

من المنتظر أن يكون المغرب من القوى المهمة على مستوى انتاج الطاقة النظيفة وتصديرها إلى أوروبا وطريقا للطاقة من المنتجين في غرب أفريقيا إلى بريطانيا والأسواق العالمية، فيما ستتحول السعودية ودول الخليج لإنتاج الطاقة الشمسية وتصدير الفائض لأوروبا من خلال سوريا ولبنان وإسرائيل وفلسطين، وستكون هناك شبكة كبرى لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والريحية في المنطقة تشارك بها دول مثل مصر والأردن والعراق وليبيا وتونس والجزائر والمغرب تتبادل الطاقة فيما بينها وتصدر الفائض لأوروبا.

ومن جهة أخرى تعد ايران والمنطقة طريقا للتجارة بين آسيا وأوروبا، وهناك مشاريع قطارات من الصين عبر ايران والعراق وتركيا وسوريا لنقل البضائع، وسنرى مشاريع مماثلة تشرف عليها الهند وقوى أخرى في آسيا.

كما تدرك أوروبا والقوى الفاعلة في العالم أن استقرار المنطقة في صالحها، لأن أي اضطرابات واسعة ستأتي الملايين من اللاجئين والمهاجرين.

نهاية حصار غزة وتسوية القضية الفلسطينية

على عكس إدارة دونالد ترامب، لا تريد إدارة بايدن فرض نظرية القدس عاصمة إسرائيل، بل إنها متمسكة بأن القدس الشرقية هي للفلسطينيين.

ويعد حصار غزة أبرز ملف حاليا يتم تداوله بين مختلف الأطراف، وهناك جهود من أجل دفع حماس وإسرائيل إلى عقد اتفاق تسوية لإيقاف المواجهات بينهما وتبادل الأسرى وانهاء الحصار، ومن المنتظر أن تشارك في التسوية دولا مثل المغرب أيضا.

وستواجه المنطقة ملفات أهم في المستقبل، مثل الأمن المائي حيث تعاني الأردن وفلسطين وإسرائيل من تراجع المياه الجوفية، وقد يعود ملف نقل المياه إلى إسرائيل عبر سيناء وغزة نحو الواجهة من جديد.

وتعد مياه النيل بمثابة مياه السلام التي ستفرض استقرارا في المنطقة وتمنع اثيوبيا ودول المنبع من القيام بأي مشاريع من شأنها أن تضر بحصص دول المصب مثل مصر.

سلام شامل في مصلحة الجميع

لا تساعد الخسائر الاقتصادية في الحروب والمقاطعات والحروب التجارية دول المنطقة على تحقيق تقدم كبير، وكلها تعاني من تهديدات حقيقية من الناحية الإقتصادية، منها الإغراق بالسلع الصينية والتركية وتراجع أهمية النفط وتوجه العالم إلى الطاقات المتجددة والأطماع الدولية في الموانئ والمواقع الإستراتيجية بالمنطقة.

ولأن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا طريق مهم للتجارة الدولية بين الشرق والغرب، فمن المهم أن تتوقف الحروب وتركز الحكومات على تطوير البنية التحتية والطرقات ومكافحة الفقر وتوفير فرص العمل وإيجاد مشاكل للقضايا الكبرى مثل تغير المناخ وندرة المياه.

إقرأ أيضا:

مفتاح نهاية انهيار اقتصاد لبنان وبدء اعمار سوريا

نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا جزء من التسوية الشاملة

وصفة البنك الدولي: كيف نخرج العراق من الأزمة الاقتصادية ببساطة؟

لماذا سيرتفع سعر النفط إلى 100 دولار وما علاقة الغاز بذلك؟

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز