المواقع الإباحية

في خطوة غير مسبوقة في أوروبا، أطلقت اسبانيا تطبيقاً يُعرف بـ”باسبور الإباحية” بهدف حماية الأطفال من الوصول إلى المحتوى الإباحي عبر الإنترنت.

يحمل التطبيق اسم “المحفظة الرقمية التجريبية” (Cartera Digital Beta)، وهو جزء من مبادرة حكومية تهدف إلى فرض رقابة صارمة على الوصول إلى المواقع الإباحية.

لكن ما الذي نعرفه عن هذا التطبيق؟ وكيف سيعمل؟ في هذا المقال، نستعرض التفاصيل المتاحة، مع التركيز على آلية عمله، أهدافه، والجدل المحيط به، مستندين إلى بيانات رسمية وآراء محلية.

كيف يعمل باسبور الإباحية؟

يتطلب التطبيق من المستخدمين تحميل تطبيق “المحفظة الرقمية التجريبية” على هواتفهم الذكية.

بعد التحميل، يقوم التطبيق بمراجعة هوية المستخدم وتأكيد أن عمره يزيد عن 18 عاماً باستخدام وثائق هوية رسمية مثل البطاقة الإلكترونية (DNI)، بطاقة الهوية، بطاقة الصحة أو الإقامة، رخصة القيادة، أو جواز السفر.

بمجرد التحقق، يمنح التطبيق المستخدم 30 رصيداً شهرياً يمكن استخدامه للوصول إلى المواقع الإباحية من خلال مسح رمز QR.

ويمكن للمستخدمين طلب رصيد إضافي إذا لزم الأمر، لكن يجب تجديد الاشتراك الشهري لمنع المواقع من الاحتفاظ ببيانات المستخدمين.

التطبيق، الذي يعمل كمحفظة رقمية، يُطبق حالياً على المنصات الإباحية المقيمة في اسبانيا فقط، ومع ذلك، تسعى وزارة التحول الرقمي الاسبانية إلى تعاون مع شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل الفورية لتوسيع نطاق التطبيق.

معهد الأمن السيبراني الوطني (INCIBE) مسؤول عن إدارة قائمة بالمواقع خارج الولاية الاسبانية، مما يتيح للمتصفحات التحقق من عمر المستخدمين قبل الوصول إلى المحتوى.

لماذا تم إطلاق باسبور الإباحية؟

الهدف الأساسي هو حماية الأطفال من التعرض للمحتوى الإباحي، تشير بيانات جمعية “دالي أونا فولتا” إلى أن متوسط عمر الأطفال عند تعرضهم للإباحية لأول مرة يتراوح بين 8 و9 سنوات، مع أكثر من نصف الأطفال بين 11 و13 عاماً يشاهدون هذا النوع من المحتوى.

الجمعية، التي تهدف إلى مكافحة إدمان الإباحية، أشارت إلى أن زيادة التعرض مرتبطة بارتفاع هجمات الاعتداء الجنسي من قبل القاصرين، حيث سجلت زيادة بنسبة 116% خلال الخمس سنوات الماضية.

رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز وصف هذه الإحصائيات بأنها “مدمرة”، مؤكداً أنها تؤثر على تطور المراهقين وسلوكهم المستقبلي تجاه المساواة، مشدداً على أن المبادرة ليست “تشدداً أخلاقياً”.

وزير التحول الرقمي خوسيه لويس إسكريفا أضاف أن البيانات حول وصول القاصرين إلى المحتوى الإباحي وتداعياته دفعت الحكومة لتطوير هذا الأداة بسرعة، معتبراً أن الخطوة تأتي مسبقاً لتلبية قانون الاتحاد الأوروبي الذي سيدخل حيز التنفيذ في أكتوبر 2027، والذي سيفرض على المواقع منع القاصرين من الوصول.

من المتوقع أن يحل نظام الهوية الرقمية الأوروبية (eIDAS2) محل “باسبور الإباحية” عندها.

خصوصية المستخدمين في خطر!

على الرغم من وصف المتحدثة الحكومية بيلار أليخريا للتطبيق بأنه “رائد في أوروبا”، وتأكيد مديرة وكالة حماية البيانات الوطنية مار إسبانيا أنه يمكن أن يؤثر إيجابياً على تطور الأفراد، إلا أن الخبراء يشيرون إلى عيوب تقنية أساسية قد تجعل النظام غير فعال.

كما أثار التطبيق مخاوف تتعلق بالخصوصية والأخلاقيات، حيث يتطلب من المستخدمين تقديم بيانات شخصية حساسة للوصول إلى محتوى إباحي.

الإعلام الاسباني لقب التطبيق بـ”pajaporte” – مزيج من “paja” (معنى عامي) و”pasaporte” – مما يعكس الجدل الاجتماعي المحيط به.

بينما تهدف اسبانيا إلى حماية أطفالها من تأثيرات الإباحية، يبقى السؤال عما إذا كان “باسبور الإباحية” حلاً فعالاً أم مجرد تجربة قد تنتهي بفشل بسبب العيوب التقنية والاعتراضات الأخلاقية.

مع اقتراب موعد تنفيذ قانون الاتحاد الأوروبي في 2027، قد تكون هذه الخطوة محاولة لتجربة النظام قبل فرضه على نطاق أوسع.