لماذا نظرية المليار الذهبي غير منطقية؟

لماذا نظرية المليار الذهبي غير منطقية؟

تعد نظرية المليار الذهبي من أشهر نظريات المؤامرة على الإطلاق في السنوات الأخيرة سواء في كورونا أو الحرب الروسية ضد أوكرانيا، هذا في وقت يحتفل فيه العالم بعدد سكان يناهز 8 مليارات نسمة.

تزعم هذه النظرية أن النخب العالمية ستقوم بكل السبل بالتخلص من مليارات البشر لصالح المليار النسمة الأعلى مكانة والأفضل على مستويات العرق والذكاء وما إلى غير ذلك من المزايا الأخرى.

كما أن مصطلح المليار الذهبي هو من تأليف Anatoly Kuzmich Tsikonov من كتابه “مؤامرة الحكومة العالمية”، أي أن مصدرها روسيا، بلد الشائعات والقصص والخرافات الشهيرة.

أساسيات نظرية المليار الذهبي

تقوم هذه النظرية على المالتوسية التي تعد عقيدة اقتصادية تؤمن بأن الإنفجار السكاني من شأنه أن يسبب الفقر والبطالة والجوع.

هذه العقيدة الاقتصادية شائعة، حيث يقال أن تزايد أعداد السكان أمر خطير للغاية وأنه يجب الحد من النمو السكاني من خلال توعية الناس بالتقليل من الإنجاب، إضافة إلى إصدار قوانين تنظم الإنجاب وهو ما حصل تحديدا في الصين.

كما أنها عقيدة متنامية في الدول التي تشهد عددا سكانيا كبيرا مثل الصين والهند ومصر وتركيا والبرازيل وحتى الولايات المتحدة الأمريكية.

المالتوسية هي العقيدة التي دفعت البشرية الآن للبحث عن كوكب آخر للعيش لأن الأرض لا تستطيع ان تستوعب الأعداد المتزايدة من الناس، لكنها لا تشجيع على قتل الناس أو خفض أعدادهم، وفي أسوأ الأحوال تؤكد على تنظيم النسل والنظر إلى الإنجاب بشكل عقلاني.

هل تطبق الحكومات نظرية المليار الذهبي؟

الجواب السريع هو لا.

لا تعمل الحكومات على قتل شعوبها، النموذج الأهم الذي رأيناه هو الصين حيث منعت الحكومة الأسر من إنجاب أكثر من طفل واحد، ثم خلال السنوات الأخيرة قررت أن توسيع المجال لإنجاب طفلين خصوصا وأن اعداد متزايدة من سكانها يصبحون كهولا وعجزة وهي بحاجة إلى المزيد من الشباب والقوى النشيطة المنتجة.

صناديق التقاعد هي الاخرى بحاجة إلى المزيد من المنتسبين، وبالتالي إلى قوى شابة وجديدة، ولا يمكن ان يحصل هذا من خلال التضييق على الإنجاب.

على الطرف الآخر تشجع الدول الأوروبية شعوبها على الزواج والإنجاب لأنها هي الأخرى تعاني الشيخوخة وقلة الشباب، ولحل المشكلة تفتح تلك البلدان الباب للاجئين كما فعلت ألمانيا مع السوريين وبقية الدول مع الأفارقة والمهاجرين، كما أن كندا تخطط لاستقطاب الملايين من المهاجرين خلال السنوات القادمة.

نظرية المليار الذهبي لا أساس لها

هذه النظرية تصف التهديدات المحتملة والتي لم تظهر بعد أية أدلة على تطبيقها، ولكن المدى الذي يتم فيه تطوير هذه القصص والنظريات يشوه الواقع وينشر جنون العظمة.

تكمن المشكلة اليوم في أنه من خلال الشبكات الاجتماعية والإنترنت، فإن هذه النظريات لا تنتعش فحسب، بل تتكثف أيضًا وتتطور إلى نظريات جديدة تتكيف مع مختلف البلدان والثقافات.

عندما تكون مثل هذه النظريات على هامش المجتمعات يتم تجاهلها والتسامح معها على أنها “أفكار مجنونة” أو قصص مثيرة.

ومع ذلك يعلمنا التاريخ أنه لا يجب الاستهانة بهم، فقد ظهرت معاداة السامية إلى الحياة في القرن العشرين مباشرة بعد توسيع نظريات المؤامرة المقدمة في كتاب آخر يعرف باسم بروتوكولات حكماء صهيون (1903)، الذي وصف الخطة المزعومة للهيمنة اليهودية على العالم.

عندما تم قبول نظرية المؤامرة هذه من قبل النظام النازي في ألمانيا، وبدعمها الكامل للدولة المنظمة، وجهاز الدولة والجيش والعديد من الموارد الأخرى، لم تعد نظرية لكنها أصبحت للأسف سياسة دولة ومشروعًا منظمًا إبادة جسدية لشعب بأكمله.

يكفي أن نتذكر فقط هذه الحلقة المظلمة من التاريخ لإدراك الأخطار الكامنة في الانتشار غير المنضبط لنظريات المؤامرة ومن تسامحها في شكل بعض الروايات الدقيقة التي تعطينا إحساسًا زائفًا بأننا قد فهمنا حقيقة السياسة والتاريخ والواقع.

نظرية المليار الذهبي غير منطقية

المتابع للأعمال والتجارة والمتعمق فيهما، يدرك أن وجود المليارات من الناس في هذا العالم هي نعمة حقيقة ولا تقدر بالثمن، في عالم أصبح من الممكن فيه ممارسة التجارة الدولية بسهولة وبيع خدماتك بدول بعيدة وأسواق مختلفة عن بعد، تسعى الشركات إلى زيادة المبيعات وقاعدة العملاء.

أنظر إلى مساعي جوجل وفيسبوك وشركات أخرى لنشر الإنترنت حول العالم وزيادة المستخدمين، إذا كانت نظرية المليار الذهبي صحيحة ومخطط لها لماذا لا تركز تلك الشركات على الأسواق الغربية الغنية وتترك أفريقيا والهند والدول النامية في شأنها؟ ببساطة لأن الوصول إلى هذه الأسواق يزيد من المستخدمين والمعلنين وبالتالي العائدات والأرباح والقيمة السوقية.

نفس الامر ينطبق أيضا على المتاجر الإلكترونية ومتاجر الخدمات والشركات في شتى المجالات، ومليار مستخدم او عميل ليست كافية بالنسبة لهذه الشركات التي تسعى إلى أرقام قياسية بشكل مستمر لإرضاء المساهمين والمستثمرين.

اليوم احتفلت الأمم المتحدة بوصول عدد سكان العالم إلى 8 مليارات نسمة، خصوصا وان مؤسساتها المتعددة ساهمت في نشر اللقاحات عالميا، ومكافحة الفقر والإستعباد، وتكافح الجوع وتعمل على تحسين حياة البشر، وبدون هذه الجهود وتطور العلم لما وصلت البشرية إلى هذا الرقم غير المسبوق.

إقرأ أيضا:

كل شيء عن أزمة المناخ العالمي أو خطر التغير المناخي

حقيقة شعار الماسونية على الدولار الأمريكي

حقيقة شريحة ID2020 وشريحة الدجال 666

هل صدام حسين على قيد الحياة وأنه حي يرزق فعلا؟

كذبة إعادة تدوير البلاستيك Plastic Recycling

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز