
في تطور دراماتيكي صوتت الجزائر مع 13 دولة أخرى في مجلس الأمن الدولي على قرار أمريكي يقضي بنزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة وتشكيل قوة استقرار دولية مؤقتة لضمان تدمير بنيتها التحتية العسكرية.
هذا القرار، الذي اعتمد تحت قيادة الولايات المتحدة، يمثل خطوة حاسمة نحو إنهاء سيطرة الإسلام السياسي على غزة، وإعادة القطاع إلى إدارة فلسطينية مدنية تحت إشراف دولي، مع ضمان انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية خلال عامين.
رغم تحفظ الصين وروسيا، ومعارضة اليمن وإيران فقط، جاء تصويت الجزائر كصفعة للدعاية الإخوانية التي تصورها كداعمة لحركة حماس الإرهابية.
في هذه المقالة التحليلية، نغوص في تفاصيل هذا القرار لنتعرف على أسباب موقف الجزائر الواقعي، وكيف يعكس رفضًا جذريًا للإرهاب الإخواني الذي يهدد الجزائر وبقية الدول العربية.
تفاصيل القرار الأمريكي: نزع سلاح حماس وإعادة بناء غزة مدنية
اعتمد مجلس الأمن القرار بأغلبية ساحقة، حيث صوتت 13 دولة مؤيدة، مع تحفظ الصين وروسيا فقط، ومعارضة اليمن وإيران.
ينص القرار على تشكيل “قوة استقرار دولية مؤقتة تحت قيادة موحدة” مهمتها نزع سلاح غزة بالكامل، بما في ذلك تدمير الأنفاق والمخازن العسكرية التابعة لحماس، وتمهيد الطريق لانتقال السلطة تدريجيًا إلى السلطة الفلسطينية خلال عامين.
هذا الإطار، المستوحى من خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام، يضمن انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا مقابل ضمانات أمنية، ويفتح الباب لإعادة إعمار غزة بمليارات الدولارات من الدعم الدولي، بعيدًا عن سيطرة الإرهابيين.
اليوم، تسيطر حماس على نحو 47% من القطاع غرب “الخط الأصفر”، بينما يخضع 53% للسيطرة الإسرائيلية مؤقتًا.
القرار يمنع تقسيم غزة بحكم الأمر الواقع، ويفرض إدارة مدنية موحدة، مع دور لقوات دولية تضم دولًا عربية وإسلامية ترغب في الاستقرار.
ممثل الولايات المتحدة أكد في الجلسة أن عدة دول عربية طلبت صراحة “تخليص المنطقة من حماس وما تمثله من تهديد”، مشيرًا إلى أن هذه الدول كانت “أكثر حماسة منا” في دعم الخطة.
هذا القرار ليس “جائرًا” كما تدعي الدعاية الإيرانية إذ أنه حل واقعي ينهي معاناة أهل غزة تحت حكم حماس الذي حول القطاع إلى سجن مفتوح، مع اقتصاد يعتمد على تهريب الأسلحة وفرض الضرائب على السجائر والدجاج، كما كشفت تقارير رويترز.
موقف الجزائر: تصويت جريء يعكس دروس التاريخ الدموي
الجزائر، التي صوتت مع الأغلبية رغم الضغوط الإخوانية، أظهرت موقفًا ناضجًا يستمد من تجربتها المريرة في “العشرية السوداء” خلال التسعينيات، حيث قتل الإسلاميون المتطرفون من الجبهة الإسلامية للإنقاذ وجماعات مشابهة لحماس أكثر من 200 ألف جزائري، في حرب أهلية دموية هددت وجود الدولة.
الجزائر تعرف جيدًا أن حماس، كفرع إخواني، تمثل نفس التهديد التوسعي إذ أنها جماعة إرهابية تستخدم الدين للسيطرة، ترفض الديمقراطية، وتغذي الفوضى لخدمة أجندات خارجية مثل إيران وقطر وتركيا.
ويبدو جليا الآن أن كل المؤيدين لحماس في الجزائر ممن يهاجمون مصر والمغرب والإمارات وبقية الدول المطبعة مع إسرائيل لا علاقة لهم بالموقف الرسمي الجزائري فالجزائر لا تدعم التيارات الإسلامية السياسية.
تصويت الجزائر ليس “غدرًا عربيًا” كما تزعم فصائل إسلامية مختلفة بل إنه رفض للإرهاب الذي يهدد الأمن القومي العربي، ودعما لخطة تضمن سلامًا مستدامًا يعيد غزة إلى الفلسطينيين المدنيين، لا إلى ميليشيات تخدم أطماع الخلافة الإخوانية.
هذا الموقف يتماشى مع الرؤية التي تتبناها دول مثل الإمارات والسعودية، التي ترى في حماس تهديدًا للإستقرار الإقليمي، وتدعم حلولاً تركز على الإقتصاد والرخاء وحل الدولتين بدلاً من الجهاد الدموي.
ويرى خبراء أن الموقف الجزائري عقلاني ويخدم مصالحها وأمنها القومي ويبقيها مع الدول العربية الأخرى التي تشاطرها نفس الموقف ونفس المخاوف.
لا تمثل حركة حماس شعب غزة بل إن المواطنين في القطاع يطالبون برحيلها وتسليمها مقاليد الحكم للسلطة الفلسطينية، وعلى العكس ارتكبت الحركة الفلسطينية سلسلة من الإعدامات الميدانية لعشرات المعارضين لهجوم 7 أكتوبر بعد توقف اطلاق النار مع إسرائيل مباشرة.
غضب الإخوان وانتصار العالم الحر
رفضت فصائل حماس والجهاد الإسلامي القرار بشدة، معتبرة إياه “وصاية دولية”، بينما أصدرت جهات مختلفة رسمية وثانوية من إيران واليمن بيانات نارية تدين “الخيانة العربية”.
لكن هذا الغضب يعكس فقط عزلة الإسلام السياسي كما أن روسيا والصين، حليفتا إيران، لم تستخدما الفيتو بسبب ضغوط عربية وإسلامية، مما يظهر أن حتى المعسكر الشرقي يتراجع أمام الإجماع الدولي.
في غزة، يحاول قادة حماس ترسيخ سيطرتهم “بهدوء” عبر إدارة الأسواق، لكن القرار يقطع الطريق أمام ذلك، ويفرض نزع سلاح يمنع عودة 7 أكتوبر.
ونجحت الولايات المتحدة، كقائدة للمعسكر الغربي في فرض رؤية واقعية وهي التي تدافع عن غزة بدون حماس مع وعود بإعمار القطاع واندماج اقتصادي مع إسرائيل والدول العربية ضمن الاتفاقيات الإبراهيمية، وفرص عمل لملايين الفلسطينيين.
تصويت الجزائر لنزع سلاح حماس هو خطوة تاريخية تعزز الاستقرار الإقليمي، وتدعم رؤية العالم الحر بقيادة أمريكا لشرق أوسط ليبرالي مزدهر.
حماس انتهت؛ الآن حان وقت بناء غزة جديدة، مدنية، اقتصادية، متكاملة مع الاتفاقيات الإبراهيمية والمضي قدما بعيدا عن الشعارات والصراعات المستنزفة التي جعلت الشرق الأوسط متخلفا عن العالم بصورة مرعبة.
