
كتبنا سابقا على أن بورصة الجزائر أصغر بكثير مقارنة مع المغرب ومصر وجنوب أفريقيا وتونس، لكن ماذا لو أخبرتك أن بورصة لبنان وسوريا وفلسطين أكبر من البورصة الجزائرية؟ قد لا تصدقني!
بالنسبة لدولة تبيع الغاز والنفط وتعيش استقرارا سياسيا يفترض أن تكون بورصتها مزدهرة ومن أكبر البورصات العربية لكن هذا ليس الواقع وهذا هو العار.
تترنح سوريا تحث وطأ العقوبات الأمريكية وعاشت حربا أهلية من أسوأ الحروب الأهلية في التاريخ الحديث، وتضررت لبنان سياحيا بسبب ما يحدث في سوريا وانهارت عملتها إلى مستويات متدنية.
عند مقارنة الدينار الجزائري بالليرة السورية واللبنانية فإن العملة الجزائرية أفضل من حيث سعر صرفها مقابل الدولار الأمريكي ومستقرة من الناحية النظرية.
والمفروض أن النظام المالي الجزائري في وضع أفضل خصوصا وأن هذا البلد يملك احتياطات نقدية تعافت في أزمة ارتفاع أسعار النفط والغاز وتجاوزت 60 مليار دولار.
لكن البورصة الجزائرية في أفضل أحوالها وبعد أن حققت نموا بنسبة 40 في المئة خلال 2023، وصلت قيمتها السوقية حسب بيانات محلية إلى 79 مليار دينار جزائري أو 588 مليون دولار وببساطة 0.6 مليار دولار.
في المقابل تقدر القيمة السوقية لبورصة سوريا في دمشق بقيمة 4.2 مليار دولار أمريكي، وهذه صدمة بالنسبة إلى أن المستثمرين يهربون من هذا البلد.
أما بورصة لبنان فهي أكبر وفي حال أفضل حيث سجلت قيمتها السوقية بنهاية 2023 حوالي 20.4 مليار دولار وهي أكبر بكثير مقارنة بالبورصة الجزائرية.
حتى فلسطين المنقسمة بين الضفة وغزة وتعيش حربا طاحنة لديها بورصة بقيمة سوقية بحوالي 4.6 مليار دولار أمريكي.
والسؤال هل سوريا هي التعيش حربا أهلية وتقصفها إسرائيل من يوم لآخر، أم الجزائر التي لا تملك في بورصتها سوى 600 مليون دولار تقريبا وبضعة شركات؟
لبنان صاحب العملة التي انهارت قيمتها في السوق السوداء إلى 90 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد يملك بورصة أكبر من حيث القيمة السوقية من بورصة الجزائر التي نعرف أن عملتها هي الأرخص في شمال أفريقيا رغم ذلك ليست بهذه الكارثة التي شهدها سعر الصرف في لبنان وسوريا!
ولا مجال للمقارنة مع بورصات شمال أفريقيا وفي صدارتها المغربية التي تقدر قيمتها السوقية بأكثر من 63 مليار دولار وبورصة مصر بقيمتها السوقية التي تجاوزت 55 مليار دولار وبورصة تونس بقيمة سوقية تجاوزت 7.9 مليار دولار.
فيما لا يمكن مقارنة بورصة الجزائر التي تعتمد على النفط والغاز مع بورصات دول الخليج النفطية، حيث بورصة السعودية تجاوزت 3 تريليون دولار، وتقترب الإماراتية من 804 مليار دولار، ولدى قطر بورصة بقيمة 171 مليار دولار.
هل هناك أسوأ من أن دولة بحجم الجزائر وبسوق استهلاكية كبيرة بحوالي 50 مليون مستهلك لا تملك بورصة حقيقية ووضعها أسوأ من أصغر البورصات العربية في دول تعيش ظروفا سيئة؟
إن هذا لهو العار الحقيقي الذي يجب أن يتأمل فيه كثيرا المستثمرون والسلطات في الجزائر وكل شخص يريد لهذا البلد الخير والتقدم، لعل وعسى أن يتحرك الجميع في سبيل تنفيذ إصلاحات مالية حقيقية وفتح السوق الجزائرية أمام القطاع الخاص وخصخصة الشركات الحكومية.
ومهما تهربت السلطات الجزائرية من هذه الإصلاحات سيأتي اليوم الذي ستضطر فيه لذلك، وسيكون ذلك بالتعاون مع صندوق النقد الدولي الذي سيقترح إجراءات تقشفية وتعويم الدينار كي تنتقل الجزائر من اقتصاد مغلق وموجه واشتراكي الهوى إلى اقتصاد مفتوح رأسمالي ليبرالي.
لا ينبغي لنا أن ننكر بالفعل أن هناك حراك على مستوى الأعمال والمال وتم طرح شركات جديدة في البورصة الجزائرية لكن أين كانت الجزائر طيلة السنوات الماضية؟ لماذا تأخر هذا البلد كثيرا عن جيرانه وبقية العرب؟
إقرأ أيضا:
أكبر 10 بورصات في أفريقيا حسب القيمة السوقية
لماذا بورصة الجزائر صغيرة ومن أسوأ البورصات العربية؟
بورصة المغرب العملاقة أكبر من سوق الجزائر 110 مرة
