
فاجأ الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون فريقه المقرب قبيل زفاف العاهل المغربي الملك محمد السادس عام 2002، عندما طلب السماح له باصطحاب شخصين إضافيين غير مرتبطين به رسميًا، هما رجل الأعمال المثير للجدل جيفري إبستين وشريكته غيسلين ماكسويل، وفق ما كشفته مصادر مطلعة لصحيفة نيويورك بوست.
وبحسب المصادر، فإن الطلب أثار دهشة واستياء داخل فريق كلينتون نفسه، واعتُبر تصرفًا غير لائق دبلوماسيًا، وظل موضوعًا متداولًا همسًا في الأوساط الديمقراطية الأمريكية لأكثر من عقدين.
ويظهر كلينتون في صورة جماعية التُقطت خلال المناسبة إلى جانب إبستين وماكسويل وابنته تشيلسي، في لقطة نادرة تعود إلى تلك الفترة، رغم أن العلاقات بين كلينتون وإبستين أصبحت لاحقًا محل جدل واسع.
أحد المصادر وصف الواقعة قائلًا: «أن تحضر ضيفًا إلى زفاف ملك، ثم تطلب اصطحاب ضيوفك أنت… الأمر يبدو وكأنه مختلق، لكنه حدث فعلاً»، متسائلًا عن ندرة مثل هذا السلوك في الأعراف الاجتماعية والدبلوماسية.
إصرار من مكتب كلينتون رغم التحفظات
مصدر ثانٍ أكد أن فريق كلينتون “أصر ودفع بقوة” من أجل إدراج إبستين وماكسويل ضمن الوفد، رغم التحفظات الداخلية.
وأوضح أن هيلاري كلينتون لم تحضر الزفاف بسبب انشغالها حينها بعضويتها في مجلس الشيوخ، بينما أبدت تشيلسي رغبة قوية في حضور المناسبة، وهو ما شجّع كلينتون على المضي قدمًا.
وأضاف المصدر: «فكرة اصطحاب إبستين كانت محيّرة، لكن مكتب كلينتون تقدم بالطلب رسميًا، وتمت الموافقة عليه».
وبحسب الرواية، سافر كلينتون وإبستين وماكسويل إلى المغرب على متن الطائرة الخاصة لإبستين، المعروفة إعلاميًا باسم “لوليتا إكسبريس”، فيما سافرت تشيلسي بشكل منفصل، وكانت حينها طالبة في جامعة أوكسفورد.
جلوس إلى مائدة الملك
داخل حفل الزفاف، جلس كلينتون وإبستين وماكسويل على مائدة واحدة مع الملك محمد السادس، في حفل وُصف بأنه فخم ورسمي، بملابس سهرة رسمية (Black Tie)، لكنه في الوقت نفسه محدود الحضور ونخبوي.
وأفاد المصدر بأن تشيلسي كلينتون حرصت على التقاط صورة جماعية مع والدها خلال المناسبة، وشارك في الصورة السفير المغربي السابق لدى الأمم المتحدة عبد السلام الجعيدي، إضافة إلى شخص آخر لم يُعرّف.
علاقات يصفها المطلعون بـ”السيئة التقدير”
رغم تأكيد المصادر أنها لا تعتقد أن كلينتون كان على علم بجرائم الاتجار الجنسي التي ارتكبها إبستين لاحقًا، إلا أنها ترى أن العلاقة الوثيقة بينهما تعكس سوء تقدير واضح من الرئيس الأسبق.
وقال أحدهم إن إبستين كان يبدو “محتالًا بارعًا” يجيد نسج القصص والمبالغات، وأن هذا النوع من الشخصيات لم يكن غريبًا على الدوائر المحيطة بكلينتون.
زفاف ملكي محدود الحضور
أقيمت مراسم الزفاف الرسمية في الرباط في يوليو/تموز 2002، بعد عقد قران خاص في مارس من العام نفسه بين الملك محمد السادس وللا سلمى بناني، التي انفصل عنها لاحقًا.
ورغم تقارير تحدثت عن دعوة نحو 1500 شخص، رجّح أحد المصادر أن عدد الحضور الفعلي لم يتجاوز 250 شخصًا، واصفًا الحدث بأنه “مناسبة راقية، مغلقة، وخاصة للغاية”.
قصة متداولة منذ سنوات داخل “عالم كلينتون”
أبدى المطلعون دهشتهم من تأخر الكشف الإعلامي عن هذه القصة، رغم أن رحلات كلينتون المتعددة على متن طائرة إبستين كانت معروفة منذ سنوات.
وأكدوا أن دعوة كلينتون إلى الزفاف لم تكن بدافع تسهيلات السفر، مشيرين إلى أن الملك المغربي كان قادرًا على توفير أي وسيلة نقل دبلوماسية لو أراد.
وقال أحدهم: «أن تصطحب أشخاصًا ظهروا فجأة في حياتك إلى زفاف ملكي في المغرب… كانت قصة غريبة، ومتداولة داخل عالم كلينتون منذ زمن طويل».
رد كلينتون الرسمي
مكتب كلينتون أكد سابقًا أن الرئيس الأسبق قطع علاقته بإبستين عام 2005، أي قبل ثلاث سنوات من إدانته في قضايا اعتداء جنسي على قاصرات في فلوريدا.
وقال المتحدث باسم كلينتون، أنخيل أورينيا، عام 2019 إن كلينتون لم يكن على علم بجرائم إبستين، موضحًا أن رحلاته الأربع على طائرته بين عامي 2002 و2003 كانت مرتبطة بأنشطة إنسانية لمؤسسة كلينتون في أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وعند سؤاله حديثًا عن واقعة الزفاف، لم ينفِ أورينيا اصطحاب إبستين وماكسويل، مكتفيًا بالقول إن الأمر يعود إلى أكثر من 20 عامًا، قبل قطع العلاقة، مضيفًا بنبرة ساخرة: «يبدو أننا بحاجة لتكرار الأمر مرة أخرى».
سبب “تافه” أنهى العلاقة؟
مصدر آخر كشف أن سبب القطيعة النهائية بين كلينتون وإبستين، وفق روايات داخلية، كان ادعاء الأخير أنه اخترع سوق المشتقات المالية.
وقال المصدر إن هذا الادعاء أثار غضب كلينتون، المعروف بخبرته الاقتصادية، وجعله يشكك في مصداقية كل ما كان يقوله إبستين لاحقًا.
